الثلاثاء, يناير 14
Banner

الرئيس جوزيف عون: بين الألغام السياسية وطموحات إعادة الإعمار بقلم محمد السيد

أثار انتخاب الجنرال جوزيف عون رئيساً جديداً للجمهورية اللبنانية جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية. جاء الانتخاب في ظل تدخلات خارجية واضحة، جعلت من العملية أشبه بمعركة إقليمية ودولية، لكنها بالنسبة للبعض كانت بارقة أمل لإعادة بناء الدولة اللبنانية على أسس جديدة.

التحدي الأكبر: تشكيل حكومة بتوافق داخلي ودعم خارجي

من أبرز العقبات التي تواجه الرئيس الجديد هو تشكيل حكومة تحظى بتوافق داخلي بين القوى السياسية المتصارعة، وفي الوقت ذاته تضمن دعماً خارجياً ضرورياً لمعالجة الأزمات المتفاقمة. النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية يعقد المشهد، إذ أن أي تشكيلة حكومية يجب أن تُراعي التوازنات الداخلية الهشة.

على الصعيد الخارجي، تتطلب الظروف الراهنة دعم الدول المانحة والمؤسسات الدولية التي باتت تربط مساعداتها بإجراء إصلاحات هيكلية واسعة. وفي ظل الانقسام اللبناني حول العلاقة مع القوى الإقليمية والدولية، يبقى التحدي أمام الجنرال عون في تحقيق توازن بين الالتزام الوطني والحفاظ على الدعم الدولي.

المتغيرات الإقليمية وتأثيرها على لبنان

يتأثر لبنان بشكل مباشر بالتطورات الإقليمية، لا سيما في ظل التحولات الجارية في سوريا المجاورة والتغيرات في سياسات بعض الدول الإقليمية تجاه دمشق، تمثل متغيراً مهماً قد ينعكس على الساحة اللبنانية.

لبنان يتحمل أعباء ضخمة من جراء الأزمة السورية، سواء من خلال استضافة مئات الآلاف من اللاجئين، أو من خلال التداعيات الاقتصادية والسياسية للصراع. إن أي انفراجة في الملف السوري قد تفتح الباب أمام تخفيف الضغوط على لبنان، لكنها في المقابل قد تعيد خلط الأوراق داخلياً، خاصة إذا ما ارتبطت بتغير موازين القوى الإقليمية.

المقاومة وتأثيرها

لا يمكن فهم التحديات التي تواجه الجنرال جوزيف عون دون الحديث عن دور “المقاومة” وعلاقته بإيران والمحور الممانع الذي يتمتع بنفوذ كبير في لبنان، خاصة من خلال حزب الله الذي يعتبر قوة سياسية وعسكرية رئيسية في الداخل اللبناني. والترقب لموقفه حول طريقة تنفيذ القرارارت الدولية خاصة 1701 وما بعد تثبيت قرار وقف اطلاق النار.

محور الممانعة يسعى إلى تثبيت نفوذه في لبنان كجزء من استراتيجيته الإقليمية، وهو ما يضع الرئيس الجديد أمام معادلة صعبة. من جهة، يجب أن يحافظ على علاقات متوازنة مع هذا المحور لتجنب تأجيج الأوضاع الداخلية، ومن جهة أخرى يجب أن يطمئن المجتمع الدولي والدول الخليجية الداعمة للبنان، التي تطالب بتحجيم نفوذ حزب الله كشرط لاستمرار الدعم.

إعادة الإعمار والتحديات الداخلية

في ظل هذه التحديات السياسية، تظل قضية إعادة الإعمار في الجنوب والبقاع وغيرها من المناطق المتضررة أولوية ملحة. تشير التقديرات إلى أن تكلفة إعادة إعمار الجنوب والبقاع وحدهما قد تصل إلى حوالي 4 مليارات دولار. هذه المناطق التي تعد جزءاً من قاعدة الحز.ب، تحتاج إلى مقاربة دقيقة تضمن توفير التمويل اللازم دون الوقوع في فخ الصراعات السياسية.

الطريق إلى الأمام

إن قدرة الجنرال جوزيف عون على تحقيق توافق داخلي واستفادة من المتغيرات الإقليمية، ستحدد مدى نجاحه في تخطي هذه الألغام السياسية. الموازنة بين الطموح لإعادة بناء الدولة والضغوط السياسية الداخلية والخارجية ستكون التحدي الأكبر في مسيرته الرئاسية.

الأيام المقبلة ستظهر إذا كان عهده بداية لاستعادة لبنان دوره الإقليمي والدولي، أم استمراراً لمسلسل الأزمات الذي يعصف بالبلاد منذ سنوات.

Leave A Reply