صربّين بلدة جنوبية تقع في قضاء بنت جبيل ـ محافظة النبطية، تبعد عن العاصمة بيروت بحدود 120 كلم، وعن صور بحدود 20 كلم، وعن مركز القضاء بحدود 15 كلم. يحدّها شرقاً رشاف وحدّاثا، جنوباً بيت ليف، غرباً ياطر وشمالاً كفرا وحاريص. ترتفع عن سطح البحر حوالى 600 متر، وتمتدّ على مساحة 590 هكتاراً، ويعتمد سكانها في معيشتهم على الزراعة ولا سيما زراعة التبغ والحبوب والزيتون.
تسمية بلدة صربّين تعيدها مراجع إلى الأصل الآرامي، ومعناه تنقية المعادن وصَهرِها. ويُرجع البعض التسمية إلى جذر الكلمة «صرب» ومعناه الإحتراق والإشتعال.
وسلّط عضو مجلس البلدية في صربّين سامي علي هزيمة الضوء على معاناة البلدة مع الإحتلال الاسرائيلي “وقد أصابها بنكبة منذ سنة 1978 حتى سنة 1982، وهي البلدة الوادعة المتواضعة والتي لم يتجاوز عدد منازلها الـ 40 منزلاً قبل أن تشهد نموّاً تدريجياً بعد تحرير الجنوب سنة 2000 فتصل الى 180 وحدة سكنية تقريباً”.
أمّا حكايتها مع الصمود فـ”طويلة”، وتمتدّ “من سنة 1978، مع الغزو الإسرائيلي للجنوب وإجبار أهله على النزوح من أراضيهم، الى معركة أولي البأس، علماً أنّ صربّين كانت في الأساس خارج الشريط المحتلّ، ولكنّها كانت شبه محتلّة، كون المراكز العسكرية تحيط بها من كل الجهات، ولم يتجاوز عدد الذين صمدوا فيها خلال الأعوام السابقة للتحرير الـ 14 شخصاً”.
وخلال عدوان أيلول الماضي، تسبّبت الغارات والقصف الإسرائيلي بتضرّر ما يناهز الـ 95 بالمئة من الأبنية، وحالة بعضها تحتاج للهدم الكلّي، عدا عن تسجيل أضرار كبيرة في الأثاث والزجاج. أمّا المبنى البلدي فشبه مدمّر، إضافة الى تضرّر حسينيتين في البلدة، والمسح الرسمي للأضرار لم يصل الى صربّين بعد”.
يبلغ عدد سكان البلدة الاجمالي حوالى 2000 نسمة يقيم منهم خلال فصل الشتاء بحدود 350 شخصاً ليرتفع العدد في الصيف الى 500 شخص.وقد نزح الأهالي في بداية معركة “طوفان الاقصى” إلى القرى المجاورة، قبل أن ينزحوا مرّة جديدة مع توسّع العدوان على الجنوب، من نطاق المحافظة، إلى صيدا والاقليم وبيروت والجبل وصولاً إلى اقصى الشمال، “وبذلك تشتّتوا، لكن ما يعزّي نفوسهم هو استقبالهم واحتضانهم ومعاملتهم أحسن معاملة”.
وسجّل هزيمة “عتباً كبيراً على الدولة الغائبة كلّياً بكل مؤسساتها”، وقال: “لا أحد يلتفت الينا ولا من يسأل عن أحوالنا، وجلّ ما نراه هو حضور خجول لبعض المنظّمات الانسانية، فكل ما يجري هو عبارة عن اتصالات للاحصاءات لكن على الأرض لا نرى إلا النذر اليسير فيما المطالب كثيرة والاحتياجات كبيرة جداً، وأهمها تأمين مقومات الحياة؛ عودة التيار الكهربائي والمياه، لصمود 28 عائلة عادت مع وقف اطلاق النار، وتشجيع الاخرين على العودة وهم بغاية الشوق ليعودوا والبلدية عاجزة ومستحقاتها عالقة لدى الدولة منذ ثلاث سنوات وهي لا تساوي شيئا اليوم نسبة إلى تدني قيمة العملة الشرائية .
ووصف هزيمة الانتهاكات الاسرائيلية لاتفاق وقف اطلاق النار بـ”الإستفزازية، علماً أنّ العدو كعادته لا يولي أهمّية للقرارات الدولية، ولا يحترم تعهّداته، ولا يهاب إلا من قوة المقاومة، فهو عدوّ مجرم لا نتوقّع منه إلّا كلّ شرّ، لقد دمّر الحجر والبشر والشجر ولم يترك شيئاً إلّا وقد صبّ جام غضبه واجرامه عليه بعدما عجز عن مجابهة المقاومين، يتفرعن كما يشاء وسط صمت دولي، وقرارات دولية ثبت بالوجه الشرعي أنها لا تحمي لبنان، فما يحميه هو قوته بجيشه وشعبه ومقاومته، على اعتبار أنّ الضعيف يُستباح والقويّ يُحسب له ألف حساب”.
صربّين التي قدّمت خلال معركة إسناد غزة حتى عدوان أيلول سبعة شهداء من أبنائها تقول بصوت واحد: “سنبقى في بلدتنا ورأسنا مرفوع، وشموخنا عالي، صحيح أنّهم تمكّنوا من تدمير منازلنا، لكن لن يتمكّنوا من النيل من كرامتنا وعزيمتنا”.
المدى