غنوة عطية – الديار
تبديل الماركات ولاحقاً شحّ المنتوجات؟كلّ من ذهب ليشتري حاجاته الاعتياديّة من السوبرماركت في الآونة الأخيرة لفته فقدان بعض الأصناف التّي اعتاد على شراءها. وبالنسبة لبعض المنتوجات فإستُبدلت بماركات مختلفة بأقلّ كلفة. وعلى المقلب الآخر، مستوردو المواد الغذائية يواجهون شتّى الصعوبات لتأمين المنتوجات. والنقابة تسارع لإصدار بيانات تحذيريّة لإنذار المعنيين عن تهديد الأمن الغذائي قبل فوات الأوان. فهل لقمة العيش مهددة من خلال شحّ المواد الغذائيّة؟ ما هي العوائق التّي تواجه المستوردين؟ وما هو المطلوب لعدم استفحال الأزمة؟
يشير مارون، صاحب محلّ سمانة، أن «عدّة أصناف فُقدت ولم يعد بإمكاننا تأمينها. كما أن الماركات تبدلت بنسبة 20 إلى 25% للسلع الأساسيّة وغير الأساسيّة. أمّا البديل فهو ماركات تركية، سورية وإيرانية. ونتوّقع ارتفاع نسبة تبديل الماركات مع السنة الجديدة».
تغيير الماركات…طريق للأزمة؟يطمئن نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن «في الوقت الحالي لا أزمة مواد غذائيّة ونعمل جهدنا لتأمين البضاعة اللازمة للسوق. ولكن في حال إستمر الوضع على هذا المنوال، سنعجز عن تأمين حاجة السوق بعد شهرين إلى ثلاثة أشهر. فالأزمة لن تظهر بين ليلةٍ وضحاها لا بل ستبدأ تدريجياً من خلال شح المواد الغذائيّة وتقليص الكميات شيئاً فشيئاً».
العمل لثلاثين دقيقة فقط؟
أشارت نقابة مستوردي المواد الغذائية، في بيان لها، الى دراسة أجرتها تبين أن «إستيراد المواد الغذائية سينخفض قريباً إلى النصف جراء تدبير مصرف لبنان الذّي فرض خفض السحوبات بالليرة من المصارف لا سيما بالنسبة للشركات المستوردة». وفي التفاصيل يشير بحصلي إلى أن «المصارف تسمح للشركات بسحب 25 مليون ليرة فقط. وبعمليّة حسابيّة تقريبيّة، لشركة متوّسطة، هذا المبلغ لن يغطي سوى نصف ساعة من عملها! علماً أن كافة المشتريات تتطلب الدفع نقداً بالليرة اللبنانية. بما أن السلة الغذائية المدعومة تفرض علينا أن ندفع لمصرف لبنان نقداً بالليرة اللبنانية وليس بشيك مصرفي. وبالنسبة الى البضاعة غير المدعومة علينا اللجوء إلى السوق السوداء لتأمين العملة الصعبة.ففي الحالتين نحتاج الى تأمين سيولة بالليرة اللبنانية والذّي يمنعنا المصرف من الحصول عليها».
السباق على لقمة العيش؟
يضيف بحصلي أن «50% من المشتريات في السوبرماركت تُدفع بالبطاقات الإئتمانية والنصف الآخر نقداً بالليرة اللبنانية. لذا، يتقاضى المستورد من التاجر نصف مبلغ البضاعة بالليرة اللبنانية والنصف الآخر بشيك مصرفي. وبالتالي تكمن المشكلة بالدفع عبر الشيك المصرفي إذ لا يمكننا الحصول على الأموال المحوّلة لنا من قبل التاجر والسوبرماركت».
مشكلةٌ أخرى تواجه المستوردين اليوم إذ يؤكد بحصلي أن التجار الذين يقدمون طلباً الى مصرف لبنان لتأمين البضاعة المدعومة، تتأخر ملفاتهم بمصرف لبنان. فبدلاً من يومين أو أسبوع، الموافقة تأتي بعد شهر أو شهرين، مما يعيق الحركة التجارية ويؤخر وصول البضاعة المدعومة للسوبرماركت وبالتالي تنخفض الكميّة.
وفي السياق، يؤكد مارون، أنّ «البضاعة كانت تُؤمن في صدد 48 ساعة بعد «الطلبية». ولكن اليوم تتطلب سبعة إلى عشرة أيام لتأمينها. أمّا السلع المدعومة فمن الصعب جداً تأمينها وإذا كانت متوافرة فهي تتطلب شهراً تقريباً».
المطلوب حكومة أو استثناءات مصرفيّة؟
يقول بحصلي «تتجه الأنظار اليوم إلى تفاصيل عمليّة ترشيد الدعم وكيفية تأمين مصادر للدعم. ولكن إذا تمّ التركيز على مزاريب الهدر وكيفية توقيف هذا الهدر من تهريب السلع المدعومة وغيره من ملفات، يمكننا تأمين المزيد من المال لدعم السلع». ومن هذا المنطلق المطلوب واحد: «الكف عن المناكفات السياسية والبدء بالإصلاحات الحقيقية، المتمثلة بتأليف حكومة أولاً. هذه الحكومة تعيد الثقة للبنانيين والمجتمع الدولي بالمرحلة الأولى. تؤمن أموالاً للدعم بالمرحلة الثانية.وتتفق مع الصندوق النقد الدولي في المرحلة الأخيرة.لا نريد استثناءات مصرفية بل نريد إصلاحات فعليّة».
لا شحّ بالمواد الغذائيّة إلا إذا استمر الوضع يراوح مكانه: لا إصلاحات «ولا من يحزنون». ظهر تهافت اللبنانيين على «النسكافيه» في الآونة الأخيرة على قاعدة «لحقّ حالك». فهل سيتكرر المشهد عينه ولكن هذه المرّة «السباق» سيكون على المواد الغذائيّة الأساسيّة؟ نقابة مستوردي المواد الغذائيّة ترفع الصوت كلما كثرت المصاعب. فهل سينتظر المعنييون إلى حين شحّ المواد الغذائية للبت بإصلاح فعلي؟