وليد حسين – المدن
في ظل الحديث عن توقع إقفال البلد ابتداءُ من 7 كانون الثاني الجاري، لمدة ثلاثة أسابيع، بسبب الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات بوباء كورونا، يدور في بعض الدوائر اللبنانية لغط حول تأخر توقيع لبنان العقد مع شركة “فايزر” لتأمين لقاح كورونا.
وكان يفترض إنجاز العقد منذ نحو أسبوعين. ولبنان أمن الدفعة الأولى من ثمن اللقاح منذ مدة، ولم يبق إلا تأمين الدفعة الثانية. لكن، بعد مفاوضات حول بعض الإشكاليات القانونية، حصل أخذ ورد لأن الشركة رفضت التخلي عن حقها في رفع المسؤولية عنها بخصوص الأعراض الجانبية غير المحسوبة للقاح. وأصر البعض على عدم تحمل لبنان مسؤولية الأعراض الجانبية، وجرى التفاوض مع الشركة، لكنها رفضت التخلي شروطها، خصوصاً أن أسباب استخدام اللقاح طارئة. أي على الدولة اللبنانية إقرار استخدامه لحالة طوارئ، أسوة بباقي الدول.
عقود الدول والشركات
مصادر وزارة الصحة أكدت لـ”المدن” أن وصول اللقاح حُدد وقته. ولبنان حجز موعد وصوله في منتصف شباط، والأمور تسير بشكل طبيعي. لكن هناك مشاكل قانونية متعلقة بالقانون اللبناني يجب تذليلها لتوقيع العقد. وتتمثل هذه العقبات في تشريع استخدام اللقاح للحالات الطارئة.
والعقبات من ناحية الشركة تتمثل أيضاً في ضمان حقها المالي، والاطمئنان أن الأموال مؤمنة. وكان يفترض تأمين المبلغ المتبقي للحصول على الكمية المطلوبة من القرض الممنوح من البنك الدولي. لكن هناك تعقيدات ويبدو أن البنك الدولي لم يعط الموافقة، بالتالي سيصار إلى دفع المبلغ، وهو نحو 16 مليون دولار، من احتياطي موازنة الصحة. وهذا يحتاج إلى إصدار قانون ومعاملات سهلة المنال.
ولفتت المصادر إلى أن ما يؤخر توقيع العقد هو رفض شركة فايزر التنازل عن حقها في رفع مسؤوليتها عن الأعراض الجانبية غير المحسوبة للقاح. وشرحت المصادر أن الشركة تريد ضمان عدم ملاحقتها في حال تعرض أي شخص إلى أعراض خطرة أو وفاة، أو أي أمر غير محسوب. فاستخدام لقاح كورونا جرى بسرعة قياسية لمواجهة الجائحة، والدول سمحت التلقيح به كحالة طارئة. وفي هذه الحالة ترفع أي شركة المسؤولية عنها. غير ذلك تتحمل الشركة المسؤولية فيما لو كان اللقاح معتمداً للاستخدام العادي. وهي حصلت على ترخيص من وكالة الأغذية والأدوية الأميركية لاستخدام الالقاح في الحالات الطارئة، وليس لاستخدامه كأي لقاح في الحالات العادية. وإذاك تتحمل الشركة مسؤولية كافة الأعراض الجانبية. وقد سحبت شركة فايزر أكثر من دواء من الأسواق بعدما ظهرت أعراض غير محسوبة وعوضت على المتضررين. لكنها في حالة كورونا الذي يستخدم كحالة طارئة ترفض تحمل المسؤولية.
اليقضة الدوائية مضمونة
وشددت المصادر على أنه لا داعي للخوف من هذا الأمر في ما يتعلق بلقاح فايزر. فحملات التلقيح في لبنان تبدأ بعد أكثر من شهر ونصف الشهر. وستكون اختيارية. وإلى حينه سيكون عشرات ملايين المواطنين حول العالم أخذوا اللقاح. فحملات التلقيح بدأت ويفوق عدد الذين تلقوه 4 ملايين شخص، منهم مئة ألف تناولوا الجرعة الثانية.
هذا يعني أن فترة “اليقظة الدوائية” التي يمر بها أي دواء لمعرفة أعراضه الجانبية بعدما يطرح في الأسواق، ستكون كافية لمعرفة الأعراض غير المحسوبة. فأحياناً يمر الدواء في كل المراحل الخمسة من الاختبارات من دون تسجيل أعراض جانبية. وعندما يطرح في الأسواق وتكتشف في مرحلة اليقظة الدوائية أعراض جانبية غير محسوبة، يعاد سحبه وتعديله. وبخصوص “فايزر” سيكون ملايين الأشخاص قد تلقوا الجرعة الثانية منه قبل وصوله إلى لبنان. وفي حال ظهرت أي مشكلات في العالم بعد تلقي اللقاح يستطيع لبنان تأخير وصوله.
البرادات والنقل واللقاحات
وعن اعتراض البعض على نظام التتبع الذي زودته الشركة لبرادتها عبر نظام الجي بي أس، أكدت المصادر أن هذه المخاوف غير مبررة أبداً. فالشركة زودت براداتها بهذا النظام لتعقب اللقاحات والتأكد من وصولها الآمن إلى الدولة المستلمة والتثبت من عدم ارتفاع درجة الحرارة خلال النقل. وهذا النظام جيد للبنان لأنه عندما يصل اللقاح إلى لبنان تستطيع الوزارة التأكد من أن درجات الحرارة خلال النقل كانت كما يفترض.
بين العام والخاص
إلى جانب “فايزر”، ثمة لقاحات أخرى حصلت على موافقة وكالة الغذاء والدواء الأميركية مثل مودرينا. كما حصل لقاح استرازينيكا على موافقة وكالة الأدوية البريطانية، وهو يعتبر أفضل على مستوى التخزين وثمنه أقل. وهناك لقاحات صينية وروسية نالت موافقات في بعض الدول. فلماذا لم يعتمد لبنان غير لقاح “قايزر”؟
وفق المصادر لا يزال استيراد اللقاح ضد كورونا وتوزيعه حتى الساعة، في يد السلطات العامة في لبنان، وليس في يد القطاع الخاص. أي أن الدولة اللبنانية قررت استيراده وتعهدت تأمينه مجاناً. ولم يصر بعد إلى فتح مجال استيراده للشركات الخاصة، مثلما هو معول به مع باقي الأدوية.
وشركة “فايزر” قدمت ملفاً كاملاً عن دراسة لقاحها وتمت الموافقة عليها. وعادة أي شركة أدوية أو أي مستورد يقدم ملفاً كاملاً لاستيراد دواء، يحصل على موافقة الوزارة، قبل غيره. وحتى الساعة لم تقدم أي شركة أخرى أي ملف مشابه لشركة “فايزر”. علماً أن الوزارة ستستورد أي لقاح يأخذ الموافقة العالمية المطلوبة. وهي تتابع ذلك مع الجميع، وتواصلت مع الصين لكن لم يتم تقديم ملف كامل بعد.
التخزين والتوزيع
ولفتت المصادر إلى أنه عندما يصل لقاح “فايزر” إلى لبنان في منتصف شهر شباط، ستنقل من المطار إلى مستودعات خاصة جهزت ببرادات لحفظه على درجات حرارة تحت 80 درجة مئوية.
وبدأت الوزارة بتحديد مراكز في المحافظات لنقل اللقاح إليها تباعاً، وخصوصاً أنه يصبح غير صالح بعد مرور خمسة أيام على وضعه في البرادات العادية. وهناك لجنة خاصة باللقاح في هذا الشأن. وستحدد أيضاً الفئات التي تحظى بالأولوية في تلقيه، والتي ستبدأ بالقطاع الصحي ثم كبار السن والمرضى.