لم تنفع مساحيق التجميل التي شاءها الأمين العام لـ”#حزب الله ” السيد #حسن نصرالله تخفيفا لغلواء العرض الاستفزازي التي استباحت عبره طهران الساحة الدعائية والإعلامية والديبلوماسية ال#لبنانية في الساعات الثماني والأربعين الماضية تعويضا عن عدم انتقامها لقائد “لواء القدس” في الحرس الثوري الإيراني #قاسم سليماني في الذكرى السنوية الأولى لاغتياله على يد القوات الأميركية في مطار بغداد. فاذا كان صحيحا ان اجتزاء حصل لتصريحات قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني #علي حاجي زاده، فلماذا انتظرت #ايران اكثر من يوم كامل موعد كلمة السيد نصرالله لتصحح الاجتزاء؟ ثم كيف يكون هناك اجتزاء ورئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون الحليف الأول والاكبر لـ”حزب الله ” لم يحتمل التجاهل والصمت الطويل على الاستفزاز والانتهاك الوقح للسيادة اللبنانية واضطر الى الرد ولو بشكل ضمني ومقتضب وخجول على الجنرال الإيراني؟
في أي حال فان ما بدأه علي حاجي زادة بتأكيده ان لبنان كما غزة هما ساحة الصواريخ الإيرانية وتاليا تباهيه ضمنا بانهما متراس النفوذ الإيراني الأساسي وساحة التهديد الجاهز لإسرائيل والولايات المتحدة، أكمله السيد نصرالله نفسه بنبرة استعلائية سواء في تبريره الفوري لاستعانة حزبه بالترسانة الإيرانية اواعتباره “المقاومة” المدعومة من ايران حامية لبنان الحصرية، مع الزعم بانها مقاومة مستقلة تماما، او في تبنيه تصريحات زادة نفسها ولو اتهم وسائل إعلامية بتحريفها. ومع ان لبنان بدا في مطلع السنة الجديدة غارقا من جهة في أسوأ تداعيات الكارثة الوبائية مع استفحال بالغ الخطورة للتفشي الوبائي لفيروس #كورونا، ومن جهة أخرى في التخبط السياسي المخيف امام ازمة انسداد مسار تاليف الحكومة الجديدة، فان الاستفزاز الإيراني اخترق المشهد بقوة لكونه رسم علامات قلقة حيال التوظيف الإيراني للكوارث اللبنانية واستغلال واقع السلطة المستسلم لنفوذ “حزب الله ” في محاولات ايران استخدام لبنان ساحة لتطيير الرسائل نحو اعدائها وخصومها. ولكن تصوير الحرس الثوري الإيراني للبنان ساحة استهداف صاروخية دفاعية عن ايران نفسها احدث ارتدادات سياسية لبنانية حادة وأشعل عاصفة استنكارات دفعت الكثير من الأصوات الى التساؤل عما سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية من هذا الانتهاك السافر لسيادة لبنان. وظهر امس مرر الرئيس عون تغريدة على “توتير” شكلت ردا خجولا مقتضبا على التصريحات الإيرانية اكد فيها ان “لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره “. كما لوحظ انه عقب عاصفة الردود والمواقف المستنكرة للتصريحات الإيرانية ومطالبة رئيس الجمهورية باتخاذ موقف منها اصدر ” التيار الوطني الحر” بدوره بيانا حمل فيه العصا من وسطها اذ تحدث من جهة عن “حق اللبنانيين في الدفاع عن سيادتهم وارضهم في مواجهة إسرائيل او غيرها” ولفت في المقابل الى انه “لا يجوز ان يكون دعم مقاومة اللبنانيين مشروطا بالتنازل عن السيادة الوطنية والانغماس في ما لا شأن لهم به”. واذا كان بعض الردود على تصريحات زادة كرد النائب المستقيل مروان حمادة ذهب الى حدود القول انه حان الوقت للمواجهة مع “حزب الله” وعدم ترك لبنان رهينة في يد ايران، فان المظاهر التي عممها الحزب في ذكرى اغتيال سليماني اتخذت طابع التعبئة الدعائية الواسعة مع رفع صور عملاقة لسليماني في انحاء عدة من الضاحية وعلى طريق المطار وفي الجنوب والبقاع الشمالي. ولم يقف الامر عند كلمة نصرالله في الرد على منتقدي كلام زادة بل ان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان انبرى بدوره الى مهاجمة المنتقدين والتباهي بان “صواريخ قاسم سليماني وقدرات طهران التسليحية للمقاومة هي التي حسمت معارك التحرير والنصر وان لا سيادة من دون صواريخ سليماني”.
الأفق الحكومي
ولم تغب دلالات البصمات الإيرانية في عرقلة مسار #تأليف الحكومة الجديدة عن هذا التطور اذ تفرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى الربط بينهما مذكرا بان ايران تنتظر ان تحاور الإدارة الأميركية الجديدة وتساءل “أليس من الأفضل ان يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه ولماذا التورط في المشاركة حيث لا قرار لنا في شيء ؟”.
في كل حال بدا مسار تاليف الحكومة الجديدة في مطالع السنة الجديدة كأنه توقف تماما عند المربع الأول وسط جمود وشلل غير مسبوقين في الحركة السياسية الداخلية وتراجع الرهانات الى اقصى الحدود على أي وساطات بما فيها المبادرة الفرنسية لاعادة بث الحركة في مسار تشكيل الحكومة. وأفادت معلومات “النهار”ان سفر الحريري الى الخارج كان حصرا لهدف تمضية عطلة رأس السنة الجديدة مع عائلته ولم يرتبط باي جولات سياسية في الخارج خلافا لما أشيع. وتشير هذه المعلومات الى انه يرتقب إعادة تحريك عجلة الاتصالات والتحركات المتصلة بالاستحقاق الحكومي المجمد غداة عيد الميلاد لدى الطوائف الأرمنية وبعد ان يكون الحريري قد عاد الى بيروت خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة. ومع ذلك فان المعطيات المتوافرة لا تشير الى أي حلحلة وشيكة في واقع التعقيدات القائمة امام تشكيلة الحريري اذ يبدو ان ساعة التأليف لم تحن بعد وحين تضاء الإشارات الخضراء للتشكيل ربما لا تبقى التشكيلة التي أعدها الحريري وانجزها وعرضها على رئيس الجمهورية عقدة كأداء كما تقول أوساط مطلعة.