كشفت مصادر واسعة الاطلاع لصحيفة “الجمهورية” أنّ ”تواصلاً جرى بين مسؤول غربي كبير ومسؤول لبناني، خلال فترة الأعياد، عكسَ نظرة تشاؤمية حيال مستقبل الوضع في لبنان، ولوماً شديداً لِما سمّاه عدم مصداقية اللبنانيين وتخلّفهم عن تَحمّل مسؤولياتهم تجاه لبنان، وتضييع الفرصة التي أتاحتها المبادرة الفرنسية، والتي بدأ بعض القادة في لبنان يَتعاطون معها وكأنها قد انتهت، من دون أن يكون في أيديهم بديل عنها.
هذه الصورة التشاؤمية أشارت اليها أيضاً الأجواء في جامعة الدول العربية، حيث كشفت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” انّ أحد السفراء العرب نقل الى كبار المسؤولين في لبنان أنّ المداولات التي أعقبت زيارة الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي إلى بيروت لم تكن مريحة تجاه الوضع في لبنان، وانّ الخلاصة التي تَلقّتها الجامعة لم تكن مشجّعة بل مُقلقة، إذ تَبدّت أمام زكي الفروقات الشاسعة بين اللبنانيين، وصعوبة الوصول الى تشكيل حكومة، بل انه لم يسمع سوى كلام عام، امّا في التفاصيل فالفروقات عميقة جداً.
حيال هذه الأجواء سألت “الجمهورية” أحد كبار المسؤولين المعنيين بملف التأليف: فقال: “صرنا نستحي من أنفسنا، ولم يبق لدينا ما نقوله، وإن حكينا “يزعلون”، فليزعلوا… لا احد منهم يشعر بوَخزة ضمير حيال هذا التعطيل فيما عمر البلد يقصر يوماً بعد يوم، واحتياطنا ينفد ولن يدوم لاسابيع قليلة إن لم تتشكّل حكومة تباشر البحث عن مخارج للأزمة، ووضع البلد بشكل عام كأنه يتحَضّر لأن يدخل الى الفرن ليُشوى! ومع ذلك، لا احد يتكلم مع احد، ولا احد يبادر تجاه أحد، هذا معطّل في الداخل، وذاك معطّل في الخارج، ولا احد يملك اي فكرة عما قد يحصل. أنا أصبحتُ على يقين بأن الحكومة لن تتشكّل”.
ويضيف: “منذ اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري الذي عُقد قبل عيد الميلاد، لم يتحرّك ملف التأليف على الاطلاق، من دون أن يقدم أيّ من الرئيسين تفسيراً لهذا التجميد المتعمّد الذي هو قمة في الهروب من المسؤولية وقمة التعالي على البلد وأهله، فما يحصل في ملف التأليف أمر معيب، وجريمة بحد ذاتها أن تتعطّل حكومة يُراد لها ان تكون إنقاذية لواقع لبناني مرير، بأسباب وشروط ومصالح شخصية، وجريمة أيضاً أن ينكفىء المسؤول عن واجبه، ويتشَبّث بصَغائره، فهل يعلم معطّلو الحكومة انّ المواطن قد قرفَ من هذا المَنحى، واشمأزّ من هذه السياسات، ولا تعنيه لا صلاحيات ولا بُكائيات على الدستور والمعايير، بل يعنيه أمر وحيد فقط وهو متى سيصبح المسؤولون مسؤولين بالفِعل يؤمن لهم في إدارة شؤون الدولة.
وخَلص المسؤول الى القول:”لن أتفاجأ أبداً إن عاد الشارع إلى الإشتعال، لا بل أكثر من ذلك أنا أتوقّع تحرّكات على الأرض قد لا تقتصر على فئة المحتجّين الذي نزلوا الى الشارع في 17 تشرين 2019 بل ستشمل فئات أخرى، وسيكون لها حضور فاعل في الشارع الذي قد يأخذ مساراً آخر في الإحتجاج إذا استمر الحال على ما هو عليه”.