أكدت مخرجات القمة الخليجية الـ41 التي عقدت في مدينة العلا السعودية، إنهاء الأزمة الخليجية، كما شددت على عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها. ووقّع قادة مجلس دول التعاون الخليجي “بيان قمة العلا” التاريخي، وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تسمية القمة الخليجية الحالية بـ”قمة السلطان قابوس والشيخ صباح”. وأضاف: “تواجهنا تحديات لمواجهة السلوك الإيراني التخريبي”، مشيراً إلى أن “البرنامج النووي الإيراني يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي”.
وأشار البيان إلى رفض مجلس دول التعاون الخليجي “استمرار التدخلات الإيرانية”، الذي أدان “أعمال إيران الإرهابية”، مشيداً في الوقت عينه بقرارات الدول التي “صنفت حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، في خطوة مهمة تعكس حرص المجتمع الدولي على أهمية التصدي لكل أشكال الإرهاب وتنظيماته على المستويين الدولي والإقليمي، وحث الدول الصديقة لاتخاذ مثل هذه الخطوات للتصدي للإرهاب وتجفيف منابع تمويله”.
ورحب المجلس الأعلى بقرار الولايات المتحدة الأميركية تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وأكد أهمية هذه الخطوة في التصدي للدور الخطير الذي يقوم به الحرس الثوري الإيراني كعنصر عدم استقرار وعامل توتر وأداة لنشر العنف والإرهاب في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره. وأكد المجلس أهمية استمرار حظر تصدير الأسلحة التقليدية إلى إيران وتصديرها لها، واستمرار العقوبات المتعلقة بذلك.
كما أكد دعمه الإجراءات كافة التي تتخذها دول مجلس التعاون للحفاظ على أمنها واستقرارها أمام التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية ودعمها للتطرف والإرهاب.
ودان المجلس الأعمال التي تستهدف أمن وسلامة الملاحة والمنشآت البحرية وامدادات الطاقة وأنابيب النفط، والمنشآت النفطية في الخليج العربي والممرات المائية، بوصفها أعمالاً تهدد أمن دول المجلس والمنطقة، وحرية الملاحة الدولية، وتقوض الأمن والسلم الإقليمي والدولي، بما في ذلك الاعتداء التخريبي الذي تعرضت له منشآت امدادات النفط للأسواق العالمية في المملكة العربية السعودية في (أيلول) سبتمبر 2019، وأظهر التحقيق الدولي ضلوع إيران فيه، مؤكداً وقوف دول المجلس مع ما تتخذه المملكة من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها.
وتابع المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون تطورات الأوضاع في لبنان، مؤكداً مواقفه وقراراته الثابتة بشأنه، وحرصه على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق، معرباً عن أمله في أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، وبما يلبي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني.
وأكد المجلس على مواقف مجلس التعاون الرافضة للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية من أي جهة كانت، وضرورة الكف عن الأعمال الاستفزازية عبر إذكاء الصراعات والفتن، والتأكيد على احترام مبادئ السيادة وعدم التدخل واحترام خصوصية الدول استناداً للمواثيق والأعراف والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول، وأن أمن دول المجلس هو رافد أساسي من روافد الأمن القومي العربي، وفقاً لميثاق جامعة الدول العربية. كما أكد المجلس على مواقفه الرافضة لأي تهديد تتعرض له أي دولة عضو ويشدد على أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ وعلى مبدأ الدفاع المشترك ومفهوم الأمن الجماعي، استناداً للنظام الأساسي لمجلس التعاون واتفاقية الدفاع المشترك.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، إن “ما تم اليوم في القمة هو طي كامل للخلاف مع قطر وعودة كاملة للعلاقات الديبلوماسية، مؤكدا أنه مهما بلغت الخلافات في البيت الخليجي فإن حكمة القادة قادرة على تجاوز ذلك”. وأكد أن “البيان الختامي للقمة (بيان العلا) يؤكد تكاتف دول الخليج في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في شؤون أي منها، والعلاقات الراسخة، ويدعو لتوطيد العلاقات واحترام مبادئ حسن الجوار”. وأشار إلى أن “القمة الخليجية أعلت المصالح العليا لمنظومة التعاون الخليجي، وأنها لم تكن لتحقق أهدافها لولا التكاتف والدور المهم للكويت والولايات المتحدة”. وأوضح أن قمة العلا “أفضت إلى طي صفحة الماضي والتطلع إلى مستقبل يسوده التعاون والاحترام بما يحفظ أمن الدول واستقرارها”.
ووفق بيان العلا، فإن القمة كان عنوانها: المصارحة والمصالحة، وقد أفضت لطيّ صفحة الماضي والتطلع إلى مستقبل يسوده التعاون. ولفت إلى أن توقيع مصر على بيان العلا توثيق للعلاقات الأخوية التي تربط مصر بدول مجلس التعاون الخليجي.
وفي كلمة الافتتاح، قال ولي العهد السعودي إن جهود الكويت والولايات المتحدة أدت بتعاون الجميع للوصول إلى اتفاق بيان العلا. ودعا إلى “توحيد الجهود لمواجهة التحديات في المنطقة، والتي تمثلها خصوصا برامج إيران النووية والباليستية، والمشاريع الهدامة التي ينفذّها وكلاؤها”. وأشار إلى أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، “أوعز بإطلاق اسمَي السلطان قابوس (سلطان عُمان الراحل) والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (أمير الكويت الراحل) رحمهما الله، على القمة”.
بدوره، أكد أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أن القمة تأتي لدعم العمل الخليجي المشترك وتسعى لتحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة.وثمّن أمير الكويت الجهود الأميركية لرأب الصدع بين دول المنطقة، قبل أن يوقع القادة الخليجيون على البيان الختامي للقمة و”بيان العلا”.
وتم التمهيد لقمة العلا، بالإعلان الاثنين عن إعادة فتح الحدود البرية والمجال الجوي في السعودية أمام قطر.وبعد وقت قصير، كان في الإمكان مشاهدة سائقين جنوب الدوحة على طريق سلوى السريع الهادىء في العادة يسيرون نحو الحدود مع السعودية، مطلقين أبواق سياراتهم وملوحين بأذرعهم فرحا من سياراتهم. وقال هشام الهاشمي، وهو مواطن قطري من أم إماراتية، “سنتمكن من لقاء جميع السعوديين هنا، كما سيسافر القطريون لزيارة السعودية، وسنعود أصدقاء كما كنا في السابق”.
وكان الأمير محمد بن سلمان في استقبال أمير قطر لدى نزوله من الطائرة في مطار العلا، وتعانق الرجلان اللذان كانا يضعان كمامة للوقاية من وباء كوفيد-19، وتبادلا بضع كلمات قبل أن يتجها الى سيارة ليموزين أقلتهما الى مكان الاجتماع وهو مبنى جدرانه الخارجية مغطاة بمرايا تعكس الصحراء المحيطة.
وهي الزيارة الأولى لأمير قطر الى المملكة منذ بدء الأزمة.
وترأس أمير دولة الكويت وفد بلاده، كما ترأس نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء العُماني فهد بن محمود آل سعيد وفد السلطنة في القمة الخليجية، نيابة عن السلطان هيثم بن طارق آل سعيد.
ومثل البحرين ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، نيابة عن الملك حمد بن ع?س? آل خليفة.
كما ترأس نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد، وفد بلاده في القمة، في حين مثل مصر وزير الخارجية سامح شكري.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية “و ا س” أن الأمير محمد بن سلمان التقى أمير قطر على هامش القمة الخليجية. وأضافت: “جرى خلال خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيز العمل الخليجي المشترك”.