ذوالفقار قبيسي – اللواء
على وتيرة غالبية التوقعات، دق الدولار أمس باب الـ٩٠٠٠ ليرة قبل أن يستقر على 8700 ليرة بسبب عوامل عدة منها استحقاقات نهاية العام بالدولار على المؤسسات والأفراد وتوافر كميات هائلة من الليرات لشراء الدولارات بعد اضطرار البنك المركزي لطباعة أكثر من ١٣ ترليون ليرة خلال ٩ أشهر من هذا العام تفوق في بعض التقديرات ما طبع من ١٩٧٧ الى ٢٠١٩! وما رفع النقد الى حوالي ٣٥ ترليون ليرة يتجه جزء منها للطلب على الدولار الذي – على طريقة «مصائب قوم» – يستفيد من الشح المالي والفراغ السياسي، مترقباً وقف الدعم (أو «ترشيده»!) عن الاحتياجات الأساسية والسلع الضرورية، ليحلّق عندها صعودا الى معدلات مروّعة يضطرب معها الأمن والاستقرار ما أمكن – في حالات متشابهة – دولا عربية – دون لبنان – مواجهته بوسائل منها:
1- إجماع عام وإرادة شعبية يجهضها في لبنان تواجد ١٨ مذهبا طائفيا.
2- تواجد قوة مسلحة واحدة دون سواها متمثلة بالجيش الرسمي، انضمت الى الحراك الشعبي من تونس والجزائر الى مصر والسودان، بينما الجيش في لبنان ليس القوة المسلحة الوحيدة.
3- عملية إصلاحات داخلية ذاتية أمكن بها شراء الوقت وتهدئة الأوضاع، فيما الطبقة السياسية في لبنان لا تجيد الحكم إلا بالهدر والنهب والفساد بما يزيد في تدهور الأوضاع الى حد الانفجار والانهيار.
4- اللجوء الى موارد الدعم والاقراض الدولية وغالبا الأوروبية التي أمكن لبعض الدول العربية مثل مصر والأردن والمغرب الحصول عليها. لكنها الآن بسبب الأزمة الوبائية العالمية تشحّ وتنفذ، ومثلها الموارد العربية تتراجع بسبب انخفاض أسعار النفط الى أقل من ٥٠ دولارا ومعها تراجع النمو الاقتصادي العالمي وانخفاضه في لبنان بأكثر من ٢٥% الى الناتج الاجمالي مع ارتفاع التضخم الى أكثر من ١٠٠% وانخفاض الودائع بأكثر من ٣٣ مليار دولار، وتناقص احتياطي البنك المركزي إلى ٢٠ مليار دولار إلزامي وإضافي وارتفاع الدين العام الى ٩٥ مليار دولار واستمرار عجز ميزان المدفوعات، وانخفاض واردات الموازنة بأكثر من ٤٠% وتراجع القطاع التجاري بـ٨٠% وبلوغ الخسائر المباشرة وغير المباشرة من انفجار المرفأ حوالي 5 مليارات دولار، وخروج ٥٠% من المؤسسات من السوق بينها ٢٠ ألف مؤسسة متوسطة وكبيرة، وتسريح حوالي ١٠٠ ألف عامل وارتفاع معدل الفقر إلى ٥٥% والفقر المدقع الى ٢٣% وتراجع عدد أصحاب الدخل المتوسط الى ٤٠% من السكان، والميسورين من ١٥% الى ٥% وفي وقت يتواصل انهيار الثقة المحلية والخارجية لا سيما بعد توقف الدولة عن دفع المستحقات، وامتناع المصارف عن تلبية سحوبات الدولار والقيود على سحوبات الليرة اللبنانية، والتوقف المشبوه عن استخراج النفط والغاز، والفشل الذريع في تأليف حكومة إنقاذ.