تعتبر عملية إنتخاب الرئيس الأميركي الأطول مدة من حيث الإجراءات والمراحل الزمنية مقارنة مع غيرها من الدول، ويتم انتخابه من قبل هيئة إنتخابية خاصة تعرف بالناخبين الرئاسيين الذين يبلغ عددهم (٥٣٨) ناخبآ رئاسيآ، ينتخبهم الشعب الأميركي من أجل إنتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية لمدة أربع سنوات، ويعتبر فائزآ من ينال (٢٧٠) صوتآ كحد أدنى، وفي هذا السياق حصل المرشح جو بايدن على (٣٠٦) أصوات، ليكون الرئيس ال (٤٦) للدولة، وسوف يتم تنصيبه في العشرين من كانون الثاني المقبل.خلال الفترة التي تفصل بين انتخاب الرئيس الجديد وتسلمه منصبه( شهران تقريبآ)، تبقى السلطة بيد الرئيس السابق، لكن هذا الأخير يمتنع عن اتخاذ أية قرارات مصيرية، كما ان الكثيرين يتساءلون عن مدى حقه بش حرب معينة، فهذا الأمر ليس من صلاحيته لأن إعلان الحرب مسألة من صلاحيات الكونغرس فقط. أمام هذا الواقع اقتحم مناصرو الرئيس السابق دونالد ترامب مبنى الكابيتول( الكونغرس) بتشجيع منه، حيث كان يتأهب مجلسا النواب والشيوخ لعقد جلسة للمصادقة على نتائج الإنتخابات الرئاسية، فتساءل العديد عن مدى إمكانية عزل الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب.صحيح أن الفترة الزمنية المتبقية على إنتهاء ولاية الرئيس ترامب(٢٠ كانون الثاني) تعتبر قصيرة للقيام بخطوة عزله، لكن الدستور الإتحادي الأميركي ينص بشكل واضح وصريح على إمكانية عزل رئيس الدولة، فالمادة الرابعة منه تنص على أنه يتم عزل الرئيس في حال توجيه إتهام نيابي له بالخيانة العظمى أو الرشوة أو أية جرائم أو جنح خطيرة أخرى، وتمت إدانته بمثل هذه التهم، وبالتالي هذه المادة تتضمن أمرين: الأول هو توجيه الإتهام للرئيس، والثاني إدانة الرئيس، فمن هي الجهة المختصة في الإتهام والإدانة؟السلطة التشريعية(الكونغرس) في الولايات المتحدة الأميركية تتألف من مجلسين: مجلس الممثلين(النواب) ومجلس الشيوخ.يتألف الأول من (٤٣٥) نائبآ والثاني من (١٠٠) شيخ.والكونغرس الى جانب صلاحياته التشريعية، يتمتع بصلاحية قضائية تعرف (بالأمبيشمنت)، أي قدة الكونغرس على محاسبة الرئيس وإدانته في الحالات التي ذكرناها سابقآ، ولتحريك هذه الآلية يعود لمجلس النواب حق إتهام الرئيس وتحديد المخالفات المنسوبة إليه، ويتم ذلك بقرار يصوت عليه بالأكثرية البسيطة، في حين يتولى مجلس الشيوخ دور المحكمة، ويترأسه في هذه الحالة رئيس المحكمة العليا، ويصدر حكمه بأغلبية الثلثين(من أصل ١٠٠ شيخ)، وفي حال إدانة الرئيس يتم عزله من منصبه، ووفقآ للدستور الأميركي يتولى نائب الرئيس سلطات ومهام الرئيس بالوكالة. هل جرت في أميركا محاولات لتطبيق هذه الآلية؟ نقول نعم، الرئيس جاكسون ١٨٣٤، الرئيس تيلر ١٨٤٢، الرئيس جونسون ١٩٦٨، لكن لم تصدر أحكام بحق هؤلاء لعدم توفر العدد المطلوب لدخول الأمبيشمنت حيز التنفيذ.كذلك الأمر في العام ١٩٧٤ كادت الآلية تطبق على الرئيس ريتشارد نيكسون على اثر الفضيحة الشهيرة( ووترغيت)، إذ أقر البرلمان توجيه التهمة إليه، وكان من المتوقع إدانته أمام مجلس الشيوخ، لكن الرئيس نيكسون قرر الإستقالة مستبقآ إدانته، كما أنه في العام ١٩٦٨ اتهم الرئيس جونسون أمام البرلمان بمخالة القانون الإتحادي لكن لم تتوفر غالبية الثلثين في مجلس الشيوخ.أما الحالة الأحدث فهي المتعلقة بالرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في علاقته مع مونيكا لوينسكي، حيث تم توجيه الاتهام اليه من قبل مجلس النواب بسبب الحنث باليمين وتعطيل العدالة، لكن لم تنجح محاولة إدانته أمام مجلس الشيوخ. أما فيما يتعلق بالرئيس ترامبفقد خضع للمحاكمة في العام ٢٠١٩ بسبب توجيه إتهامين له من قبل مجلس النواب، الأول هو سعيه بصورة غير مشروعة للحصول على مساعدة من أوكرانيا لحملة إعادة انتخابه، والثاني هو عرقلته للعدالة، لكن لم تحصل إدانته أمام مجلس الشيوخ بسبب سيطرة الحزب الجمهوري فيه والذي يمثله الرئيس ترامب(٥٣ شيخآ للحزب الجمهوري و٤٧ شيخآ للحزب الديمقراطي).
أخبار عاجلة