الإثنين, نوفمبر 25
Banner

النهار: طوارئ “متأخرة”… وعون يصعّد بشتم الحريري!

لم يقتصر الواقع المأسوي والدراماتيكي الذي واكب اعلان الاستنفار الشامل في المواجهة الأكبر للبنان مع الكارثة الوبائية على مجلس أعلى للدفاع يتخذ متأخراً القرار الذي كان عليه ان يتخذه قبل كارثة ألاعياد أسوة بالعديد من الدول تجنباً لإعصار الانتشار الكارثي بعد الأعياد، بل تلازم اعلان حالة الطوارئ الصحية ومنع التجول والإجراءات الأخرى لفترة عشرة أيام مع نماذج بالغة التعبير في رداءتها وسلبيتها رسميا وسلطوياً وشعبياً.

على الصعيد الحكومي والسياسي وفي عز الانشداد الى الاستعدادات لفترة الاقفال والطوارئ، ابت تداعيات ازمة تأليف الحكومة الجديدة الا ان تقتحم المشهد من زاوية تأكيد المؤكد بان العهد يكمل بدأب الانقلاب على تكليف الرئيس سعد الحريري ومنعه من تشكيل الحكومة مهما كان الثمن. اذ غداة الهجوم الناري الذي شنه الاحد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على الحريري، اتهم رئيس الجمهورية ميشال عون الرئيس الحريري علنا وبالصوت والصورة بانه “يكذب”. وسجلت كاميرا محطة “الجديد” دردشة دارت بين عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب قبيل انعقاد المجلس الأعلى للدفاع سأل فيه دياب عون عن وضع التأليف فأجابه: “ما في تأليف. عم يقول (يقصد الحريري) عطاني ورقة. بكذب. عامل تصاريح كذب وهلق راح تركيا وليك قديش غاب شو بيأثر. ليك حظن اللبنانيين”.

ورد الرئيس الحريري لاحقا على عون بعبارة من الكتاب المقدس ذات دلالات عن المكر والغش فغرد عبر تويتر بالاتي :”من الكتاب المقدس – سفر الحكمة : ان الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر، ولا تحل في الجسد المسترق للخطية، لان روح التأديب القدوس يهرب من الغش، ويتحول عن الأفكار السفيهة، وينهزم اذا حضر الإثم”. كما ان الأمين العام لـ”تيار المستقبل” احمد الحريري نشر تغريدتين سابقتين للرئيس عون على صفحته يؤكد فيهما ان الرئيس الحريري قدم له تشكيلة حكومية كاملة وانه في المقابل سلمه طرحا حكوميا متكاملا. وعلق احمد الحريري قائلا : “تويتر فخامة الرئيس يكذب فخامة الرئيس”. وحاولت بعبدا لاحقا تخفيف وقع الإساءة فقالت عبر مصادرها ان ما نشر من كلام لعون امام دياب “ليس الا لقطات مقتطعة لم تنقل كامل الجملة التي تنفي فيها ما قاله الحريري عن ان عون سلمه لائحة أسماء”.

ويبدو واضحا ان هذا المناخ يعكس بلوغ العهد في عدوانية شخصية وسياسية في موقفه من الحريري حدودا بات يطرح معها السؤال الكبير كيف يمكن لعون والحريري ان يتعايشا بعد في تجربة حكم مشتركة بعد كل هذا التراكم العدائي؟

التفكك الحكومي

النموذج السلطوي القاتم الاخر الذي رافق قرارات الطوارئ الحكومية تمثل في افتضاح حالة التفكك والفوضى والتنافر التي تضرب آخر حلقة حكومية متمثلة في اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة ملف كورونا. اذ ان الاجتماع الماراتوني التحضيري للجنة امس في السرايا برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب تغيب عنه وزير الصحة حمد حسن بسبب خلافات متجذرة ومتكررة بينهما وبين حمد ومستشارة دياب للشؤون الصحية. وأعلن الوزير حسن عدم حضوره جلسة اللجنة الوزارية الخاصة بـ”كورونا” لاعتراضه على القرار الذي اتّخذ من اللجنة قبل الأعياد. وطالب حسن بأخذ قرارات اللجنة العلمية في وزارة الصحة على محمل الجدّ “بسبب مقاربتها للواقع بشكل دقيق للوصول إلى بر الأمان والحد من انتشار جائحة كورونا”. ولاحقاً، اعلن دياب انه لن يرضى باتخاذ القرار من دون حضور حسن وبالتالي حضر الاخير إلى السرايا.

اما المشهد الصادم الثالث فكان شعبيا فوضيا بامتياز بما يثير مزيدا من المخاوف حيال التفلت الشعبي المخيف الذي طبع اتساع التفشي الوبائي لكورونا في الآونة الأخيرة، اذ ان هستيريا حقيقية سجلت طوال ساعات النهار والمساء امس لطوابير المواطنين المتهافتين على السوبرماركت ومتاجر المواد الغذائية وأسواق الخضار والفاكهة بلا تدابير التباعد والكمامات كما على الصيدليات والأفران الامر الذي يخشى ان يتكرر اليوم وغدا قبل بدء سريان حالة الطوارئ ومنع التجول الخميس وبما يفاقم الاختلاط وتناقل العدوى الفيروسية.

حالة الطوارئ

وبعد اجتماعه الذي تأخر عن موعده ساعة بسبب الخلاف الذي حصل داخل اللجنة الوزارية، اعلن المجلس الأعلى للدفاع حالة الطوارئ الصحية وحدد إجراءاتها ومن ابرزها عدم اقفال المطار، ولكن الزام الوافدين من بغداد وإسطنبول وأضنا والقاهرة وأديس البابا بتدابير خاصة صارمة وتقليص حركة المسافرين لتصبح 20 في المئة، الطلب من الوزراء المعنيين تشديد الإجراءات التي يتيحها القانون وحالة التعبئة العامة، الزام المستشفيات الخاصة استحداث أسرة عناية فائقة تحت طائلة الملاحقة القانونية والطلب من الأجهزة الأمنية والجهات القضائية التشدد في تطبيق القوانين التي تعاقب المستشفيات عند عدم استقبال الحالات الطارئة بما فيها حالات كورونا، منع التجول بدءا من الخميس المقبل 14 كانون الثاني الحالي ولغاية صباح الاثنين 25 منه مع لحظ الاستثناءات، اقفال جميع الإدارات والمؤسسات العامة والجامعات والمدارس .

وكان الرئيس دياب حذر خلال ترؤسه في السرايا اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة ملف وباء كورونا من ان “كل المؤشرات حول تفشي وباء كورونا تشير بوضوح الى أننا قد دخلنا في مرحلة الخطر الشديد، أو بالحد الأدنى، فنحن على أبواب هذه المرحلة”. وقال “إن الاستهتار أوصلنا إلى وضع صعب جدا، وعلى الرغم من ذلك، هناك من يرفض الالتزام بالإجراءات التي اتخذناها.. لذلك، لم يبق أمامنا إلا فرض الإجراءات بكل الوسائل..إن واجبنا هو حماية اللبنانيين من أنفسهم بسبب استهتار قسم كبير منهم. لم يعد هناك امكانية لإجراءات مجتزأة تسمح بالتحايل عليها أو بتحديها. إننا اليوم أمام تحد خطير، فإما أن نستدرك الوضع بإقفال تام وصارم وحازم للبلد، أو أن نكون أمام نموذج لبناني أخطر من النموذج الإيطالي”.

اللقاحات

وفي الشأن الصحي ايضا، قال رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي بعد اجتماع افتراضي للجنة: “قررنا بالتعاون مع وزارة الصحة اقرار قانون سريع للحصول على اللقاحات في الوقت المحدد، أسوة بكل دول العالم”. أضاف: “فايزر” و”موديرنا” حصلتا على استخدام طارئ وموقت لأن الأمر يحتاج الى مراقبة كل شخص تلقى اللقاح، وذلك كي لا يتم رفع دعاوى في حقهما، ونحن في لبنان ليس لدينا هذا القانون. وأكدت لنا شركة “فايزر” أن إذا أقر القانون اليوم فستسلمنا اللقاح قبل الوقت المحدد مع وزير الصحة”. وحذر من “اننا ذاهبون الى ارتفاع في الإصابات الخطيرة ونتمنى التزام التدابير الوقائية وبسبب الفوضى العارمة في الفترة السابقة ارتفعت الإصابات، كذلك الإصابات داخل المنازل ما أدى إلى ارتفاع الأرقام”.

Leave A Reply