في اقفال «الطوارئ الصحية» الذي تدخل مفاعيله المرنة أو القاسية عند الخامسة من صباح غد الخميس 14 كانون الثاني الجاري، عملاً بقرار مجلس الدفاع الأعلى، بدا المشهد، وكأن اللبنانيين محاصرين بين جائحة شرسة، تأتي على الصغير والكبير من البشر، وإجراءات اقفال تام، لا تأخذ، في الاعتبار، خصوصية الوضع في لبنان، من ضيق عيش، وقلة حيلة، وامكانات، شبه معدومة لمواجهة احتمالات الإصابة والموت والقلق الذي لا يتوقف..
ولا بأس في أخذ العبرة من طوابير النّاس امام السوبرماركت والمصارف ومحلات تعبئة قوارير الغاز، خشية الاملاق أو الجوع، الذي قبل ان يتعاظم، اشعر اللبنانيين بالقرف والاشمئزاز من طبقة سياسية، تداولت السلطة، كنوع من الملكية الخاصة، فعاثت في الأرض فساداً وعناداً وطغياناً، مع طغيان خطير للدولار في سوق القطع، إذ لامس سقفه التسعة آلاف ليرة.. والخير لقدام!
وعليه، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن مراقبة الاقفال الشامل الذي يدخل إليه البلاد بدءا من الغد تعد أولوية لدى الأجهزة الأمنية واللوجستية والطبية المعنية لافتة إلى أنه ربما تبقى إعداد إصابات كورونا مرتفعة إنما على الأقل يتم تفادي كارثة أي تفلت فضلا عن أن ذلك سيمنح الأجهزة الطبية والتمريضية نفسا.
وأوضحت المصادر أنه في خلال فترة الأقفال ستعقد اجتماعات للجنة كورونا لمراقبة سير هذه الفترة.
وفهم من المصادر إنه في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع ساد كلام صريح بأنه في حال لم تطبق الإجراءات بشكل صارم فالسيناريوهات الأسوأ هي في الانتظار مع العلم ان ما تم تقريره يشكل اختبارا لما تم التوافق عليه وإي خرق في الأيام المقبلة يعني إعادة النظر بالقرارات التي خرجت.ودعت إلى عدم إطلاق توقعات بإنتظار التطبيق على الأرض.
الموقف بعد «الإهانة»!
وبقي ما ترتب على الإهانة الموصوفة لرئيس الجمهورية ميشال عون للرئيس المكلف، في «الفيديو المهين» واتهامه بالكذب في الواجهة.. ودل على ان العقد امام تشكيل الحكومة باتت أكبر واعمق من ان تحل بالطريقة التقليدية..
ففيما لاذ الرئيس نبيه برّي بالصمت، بدت الأجواء المحيطة «بحزب الله» منزعجة، وتتحسر على الدرك الذي بلغه الخطاب السياسي، لا سيما على مستوى الجهات المخولة تأليف الحكومة.
وأشارت أوساط لـ«اللواء» إلى أن النفق المظلم الذي دخل إليه ملف تأليف الحكومة يصعب الخروج منه وقالت أن تحريكه وفي حال كان متوقعا في وقت سابق اضحى في غياهب النسيان اقله قبل تهدئة الأجواء في أعقاب زوبعة الفيديو المسرب لرئيس الجمهورية.
ولاحظت الأوساط انه في الوقت الراهن الملف في الثلاجة لفترة، بانتظار ليس جلاء الطقس البارد القطبي، بل المسار الإقليمي – الدولي بعد عاصفة تنصيب جو بايدن المتوقعة الأربعاء المقبل.
ووصفت مصادر سياسية سيناريو تسريب الفيديو عمدا عن رئيس الجمهورية ميشال عون والذي يتهم فيه رئيس الحكومة المكلف سعدالحريري بـ«الكذب» بانه يهدف إلى تسميم العلاقة كليا بين الرئيسين وإنهاء كل محاولات تشكيل الحكومة العتيدة، بعدما فشلت كل المحاولات المستميتة السابقة لتحقيق هذا الهدف، لافتة الى ان جانبا من هذا الهدف قد تحقق ونتج عنه زيادة التشنج والتجاذب السياسي حول عملية تشكيل الحكومة واتساع الهوة القائمة أساسا بين عون والحريري وفي النهاية تأخير ولادة الحكومة الجديدة وزيادة العراقيل والعقبات في طريقها. ونفت المصادر حدوث اي تحرك أو مساعٍ لتبريد الاجواء وتنفيس الأجواء المحتقنة بينهما.
واشارت إلى ان من يريد تشكيل الحكومة بالفعل لا يسعى الى افتعال اشتباك سياسي حاد على هذا النحو المسيء في حين اظهرت كل الوقائع عكس ما قاله رئيس الجمهورية بهذا الخصوص، ما وضع رئيس الجمهورية في مازق حرج واظهر بطلان الاتهامات الموجهة ضد الحريري. وتوقفت الاوساط مليا عند موقف تكتل لبنان القوي الذي يدعو فيه الرئيس المكلف الحريري لمعاودة الاتصال برئيس الجمهورية لتسريع عملية التشكيل، واستغربت كيف يوجه التكتل مثل هذه الدعوة ورئيس الجمهورية يتهم رئيس الحكومة المكلف بالكذب، وكيف يوفق بين هذين النقيضين، وما يمكن ان تكون عليه العلاقة بين الرئيسين مستقبلا، وتوقعت ان تأخذ الامور بعض الوقت كي يتسنى تبريد الاجواء السياسية واعادة العلاقات الى وضعية مؤاتية للانطلاق قدما بعملية التشكيل الى الامام.
على ان الأبرز، الاتصال الهاتفي، الذي اجراه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بالرئيس المكلّف سعد الحريري، وأكد خلاله رفضه المطلق للحملة التي يتعرض لها موقع الرئاسة الثالثة، واستنكاره وشجبه للإهانات الشخصية التي طالت شخص الرئيس الحريري بالرغم من بعض التباينات السياسية العرضية.
واشارت مصادر رسمية متابعة الى ان لا معلومات حتى الان عن مساعٍ جديدة لتقريب وجهات النظر وحل الخلافات بين الرئيسين، مشيرة الى انه «حتى لو وجدت هذه المساعي، فالسؤال هل تستطيع ان تصل الى نتيجة ايجابية في ظل هذا التشنج والتصعيد»؟.
واوضحت المصادر «ان المشكلة كبرت، وبتنا امام حائط مسدود، ولا بد من الانتظار «كم يوم» حتى تمر ذيول هذا الخطأ التقني غير المقصود الذي جرى توزيعه عن طريق الخطأ من دون مونتاج ومن دون إخفاء صوت الرئيسين كما يجري عادة». وكررت المصادر: ان الشريط مجتزأ وهو مقطّع وبعض وسائل الاعلام حرّفت مضمونه وعكسته، والقوى السياسية تستثمره سياسياً لمصالحها.
وقالت: الحقيقة ان الرئيس عون قال:ان الحريري يقول بأننا أعطيناه لائحة بأسماء وزراء. هذا كذب. لم نعطه لائحة بأسماء، وبالتالي لم يقل عون ان الحريري لم يسلمه لائحة بالتشكيلة الحكومية لأنه سلمه لائحة فعلاً.
ولكن على خطٍ موازٍ، ذكرت مصادر موثوق بها لـ«اللواء»، ان البطريرك بشارة الراعي لا زال يعمل على معالجة الازمة، ولم يوقف تحركه غير المعلن خشية الإلتفاف عليه وتحاشياً للمزايدات، وهو قام خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، باتصالات في الداخل مع المعنيين بتشكيل الحكومة ليعودوا الى رشدهم، ومع دول الخارج المعنية بمساعدة لبنان من اجل الضغط على القوى السياسية لمعالجة الازمة.
إلا ان المصادر اشارت الى ان اجواء التصعيد ما زالت مخيمة على الوضع الحكومي، ولا بد من انتظار تراجع موجة التصعيد لتعود الامور الى مسارها الطبيعي بما يسمح بإستئناف التواصل بين المعنيين بالتشكيل ومساعي الحل.
في هذه الاثناء، دخلت القوات اللبنانية امس، على خط الفيديو المسرّب وغمزت من قناة الرئيس عون وسجلت «تمريكة» على الرئيس الحريري من باب انه لم يسمع النصيحة بالاعتذار عن التكليف.فقد اصدرت الدائرة الإعلامية في حزب القوات بيانا، رأت فيه «ان التسريب حصل عن سابق تصور وتصميم في رسالة مباشرة ومن دون لفّ ودوران وبالعربي المشبرح:
اعتذر عن التكليف دولة الرئيس، لا نريد التعاون معك، ليش ما عم تفهم علينا».
واصدر تكتل لبنان القوي بعد اجتماع عن بعد بيانا قال فيه: ينتظر التكتل ان يبادر رئيس الحكومة المكلّف للتواصل مع رئيس الجمهورية، لتشكيل حكومة تحترم وحدة المعايير وتكون اصلاحية ومنتجة بوزرائها وبرنامجها». وقال: لذلك يدعو التكتل رئيس الحكومة المكلف ليستأنف بأسرع وقت عمله بعيداً عن اي تأثيرات، والتزاماً بالقرار السيادي اللبناني، وبالحاجة القصوى لقيام حكومة إنقاذ.
وكرّرالتكتل «دعوته لحكومة تصريف الأعمال لتتحمّل مسؤوليّاتها في ترشيد الدعم، بما يحمي مئات آلاف اللبنانيين الذين اصبحوا تحت خط الفقر، من دون افراغ لبنان مما يملكه من احتياط العملات الاجنبية».
طوابير الهلع
وقبيل 24 ساعة من انطلاق ساعة صفر، الإقفال العام والشامل، كان لبنان بعاصمته ومناطقه، «عصفورية» بكل ما للكلمة من معنى، هجوم على السوبرماركات غير مبرر، وتجمّع على أبواب المصارف والأفران، ومحطات البنزين، فالشعب الاستهلاكي، يعيش الهلع، دون أي سبب.
وكشف العقيد جوزف مسلم عن أنّ «عدد محاضر الضبط بحق المخالفين بقرار التعبئة العامة 10 آلاف محضر».
جنون ميداني
فبعيداً عن العاصمة التي هدأت ثورتها «المفجوعة» نوعاً ما عن أمس الأول، أفادت مراسلة «اللواء» من صيدا، ثريا حسن زعيتر بأنّه اسبتاقا للحجر المنزلي القسري تهافت المواطنون في عاصمة الجنوب والجوار على مخازن ومحال بيع المواد الغذائية، كما شهدت شوارع المدينة زحمة سير، خاصة قرب السوبرماركت كي يتزود المواطنون بالمواد الغذائية، فيما كثفت القوى الأمنية وشرطة بلديات صيدا والجوار حملات رصد وضبط مخالفات التعبئة العامة.
وفي طرابلس، تكرّرت محاولات إحراق السائقين أنفسهم، نتيجة شظف العيش في عدد من المناطق، وكان المشهد المأساوي، على أوتوستراد طرابلس – البالما، أمس، حيث حاول أحد السائقين العموميين صب مادة البنزين على جسدة بهدف إحراق نفسه هربا من الأوضاع الاقتصاديه الصعبه التي يعاني منها، ما دفع بنقيب السائقين شادي السيد والقوى الامنية إلى التدخّل السريع ومنعه من وضع حدٍّ لحياته.
وجاء ذلك، خلال قطع السائقين العموميين للطريق على أوتوستراد طرابلس – البالما بالاتجاهين احتجاجا على الاوضاع الاقتصادية الصعبة وعلى محاضر الضبط التي سُطّرت بحقهم من قبل قوى الامن تنفيذا لقرار الاقفال الذي لم يستثنهم.
ومساءً وخرقاً لقرار حظر التجوّل وتنديداً بقيام القوّة الأمنية بتحرير محاضر ضبط بحق سائق ميني باص، أقدم مع عدد من الاشخاص على قطع طريق ساحة عبد الحميد كرامي – النور في طرابلس.
مالياً، أعلن مجلس أمناء البنك الدولي موافقته بدعم أكثرية الدول على اتفاقية قرض شبكة الأمان الاجتماعي للبنان، والبالغة قيمته 246 مليون دولار، لمواجهة سلسلة الأزمات الطارئة بفعل فايروس كورونا.
الانتربول.. والنشرة الحمراء
على صعيد التحقيق بانفجار المرفأ، وفي تطوّر نوعي عمّم الانتربول النشرة الحمراء بحقّ كل من مالك السفينة التي نقلت مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وقبطانها والتاجر الذي اشترى حمولتها التي كانت سببا في الانفجار المروع في الرابع من آب.
واصدرت المنظمة الدولية النشرة الحمراء للأشخاص المذكورين، بناء على طلب القضاء اللبناني.
وقال المصدر القضائي لفرانس برس إن المحامي العام التمييزي غسان خوري تبلّغ من الانتربول الدولي الرد على طلبه حول مذكرات التوقيف التي أصدرها المحقق العدلي اللبناني بحقّ مالك سفينة «روسوس» إيغور غريشوسكين وقبطانها بوريس يوري بروكوشيف والتاجر البرتغالي الجنسية جورج موريرا «الذي اشترى نيترات الأمونيوم».
وبناء عليه، وفق المصدر، عمّم الانتربول «النشرة الحمراء على كلّ الدول الأعضاء». وتُعد النشرة الحمراء طلباً إلى أجهزة إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان المجرم واعتقاله مؤقتاً في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل. وقبل أشهر، أفاد تحقيق أجرته مجموعة من الصحافيين ونشره موقع «أو سي سي أر بي» الاستقصائي أن المالك الحقيقي لسفينة «روسوس» ليس غريشوسكين وإنما صاحب أسطول بحري قبرصي يتخفى وراء شركات وهمية يُدعي خرالامبوس مانولي. ويبدو أنه أجّر السفينة عبر شركة مسجّلة في بنما لغريشوسكين الذي هجر السفينة في نهاية المطاف مع طاقمها وحمولتها الخطرة.
وكانت حمولة السفينة متوجهة إلى شركة «فابريكا دي إكسبلوسيفوس» في موزمبيق التي تملك عائلة رجل أعمال برتغالي راحل 95 في المئة من الأسهم فيها، وفق تحقيق الصحافيين. في 2018، غرقت السفينة قبالة مرفأ بيروت.
وأدى الانفجار إلى تأجيج غضب الشارع الناقم على الطبقة السياسية بكاملها والذي يتهمها بالفساد والإهمال، وبات يحملها أيضاً مسؤولية الكارثة. ورفض لبنان إجراء تحقيق دولي في الانفجار، إلا أن فريق محققين فرنسيين ومن مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي شارك فيه.
وأوضح المصدر القضائي أن صوان سيستأنف التحقيقات بعد انتهاء فترة الإغلاق التام نهاية الشهر الحالي التي أقرتها الحكومة في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.
تشريع اللقاح
بالمقابل، تحرك الإطار التشريعي للحصول على لقاح فايزر، بعدما وضعت لجنة الصحة النيابية مشروع اقتراح قانون معجل، بناءً على طلب الشركة المنتجة، وهي شركة أميركية.
وكشف وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ان عدد الأسرة ارتفع 200 سرير، في غضون 5 أيام، وأصبح العدد الكامل لأسرة العناية الفائقة في المستشفيات الخاصة، بحدود 582 و202 في المستشفيات الحكومية.
226948 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 4557 إصابة جديدة بفايروس كورونا، و32 حالة وفاة (مع إضافة 44 حالة قديمة كانت قيد التقصي لتثبيت الوفاة بالكورونا)، ليرتفع العدد إلى 226948 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.