الجمعة, نوفمبر 22
Banner

هل ينقل تعويم سعر الصرف السوق الموازية إلى المصارف من سوداء إلى بيضاء؟!

ذوالفقار قبيسي – اللواء

غاب الرهان على أي نوع من «تحرير سعر الصرف» سيختاره مصرف لبنان، عندما تبدأ مرحلة التخلي عن سعر الصرف الثابت بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي – إذا حصل! – وإجراء الاصلاحات المطلوبة من قبل الصندوق ومن بينها رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء وخفض حجم جسم القطاع العام والجهاز الحكومي الوظيفي وضبط نظام المناقصات والمستشريات كشروط للحصول على قرض من الصندوق – إذا حصل! – يفتح الباب على قروض أقل كلفة في معدل الفوائد، من الحكومات والصناديق والمؤسسات العربية والدولية – إذا حصل! – تدشن بها الدولة رحلة غير أكيدة أو مضمونة، مسيرة الخروج من الجحيم… وأيضا إذا حصل، ومستبعد على يد هكذا نظام هو نفسه الجحيم المطلوب الخروج منه الى نوع من الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي والاجتماعي.

علما ان حاكم مصرف لبنان لم يحدد أي نوع من التعويم لسعر الصرف سيختاره مبدئيا من بين اثنين، قياسا على ما انتهجته دول الأسواق الناشئة ومنها لبنان وهما:

١- التعويم الحر الى حد ما بـ «التاء المربوطة» التي في آخر كلمة «الحرية» أو ما يسمى بـ «التعويم المدار MANAGED FLOATING» وفي حال اختيار هذا التعويم فان ما يصل الى مصرف لبنان من قروض نقدية تمكّنه من التدخل المحدود لمنع جنوح سعر الصرف في السوق الحرة عن «المعدل السليم» المناسب للحاجات الاقتصادية لا سيما الانتاجية وما يتعلق بها من المزايا التفاضلية التصديرية والسياحية والخدماتية.

٢- التعويم الحر الكامل الذي يؤدي الى ترك سعر الصرف لحركة العرض والطلب، والذي في غياب أي تدخّل ولو محدود من قبل مصرف لبنان وفي غياب الدعم لغالبية السلع الضرورية، سوف يؤدي الى ارتفاع أسعار الدولار الى معدلات السوق السوداء ومعه ارتفاع اسعار السلع والخدمات على الطبقة المتوسطة ودون الطبقة الميسورة ولا حتى الطبقة الفقيرة التي تعيش اصلا على الأنواع المحدودة على «حد الكفاف» من السلع الأساسية المدعومة.

«بيت القصيد»

وفي حال اختيار هذا النوع الأخير من التعويم الحر الكامل الذي يتوحد به سعر الصرف الحر مع سعر السوق السوداء فان «بيت القصيد» عندها هو أن تتحول السوق السوداء في هذه الحال من مؤسسات الصيرفة بفئاتها المتعددة ومن باعة الدولار في الزوايا والشارع، الى المصارف التي ستمسك عندها بحركة شراء الدولار وبيعه بالمعدلات المرتفعة التي يجري التداول بها الآن في السوق السوداء، وبالتالي ستستحوذ المصارف بهذه الطريقة على الدولارات الواردة من مختلف المصادر الخارجية والداخلية ويتراجع أو ينتهي دور سوق الصرافة المسمى بـ «السوق الموازية» التي تصبح عندها بسعر صرف موحد وبعهدة سلطة واحدة هي المصارف.

وهذا إذاً…

تم كل شيء حسب المرصود والمرسوم ولم تحصل المفاجآت التي لم تتمكن دول عدة ممن اختارت هذا النوع من التعميم، من التحكم بها أو السيطرة عليها، ومنها انتفاضة الغضب الشعبي العارم بسبب جموح سعر الدولار وجنون أسعار السلع المعيشية والضرورية أو فقدانها من الأسواق وانهيار القوة الشرائية للقوى العاملة في القطاعين العام والخاص بما يهدد الاستقرار الأمني والاجتماعي.

وبالتالي فان أمام لبنان ثلاثة بدائل نقدية أحلاهما مر: البقاء على سياسة تثبيت سعر الصرف الحالية بكل أكلافها العالية (وقد نعى حاكم «المركزي» هذا الخيار قبل أن يولد). أو اعتماد «التعويم المدار» بما يسمح بإدارة السعر ويمنع جموحه الى معدلات جارحة، وهذا يتطلب احتياطيات من الدولارات تسمح بالتدخل في السوق الحر كلما دعت الحاجة وقد لا تقوى هذه الدولارات غير الكافية كما ونوعا على حرق أصابع المضاربين الجاهزين للانقضاض. أو اعتماد التعويم الحر الكامل دون أي تدخل وبما يرفع عندها سعر الدولار وأسعار المعيشة الى درجة الغليان و… الفلتان!

Leave A Reply