الجمعة, نوفمبر 22
Banner

الحريري بين ″فكيّ كماشة″ عون وباسيل!

غسان ريفي – سفير الشمال

يبدأ لبنان اليوم مرحلة جديدة من الاقفال الشامل ومنع التجول تمتد لعشرة أيام ضمن التدابير المتخذة لمواجهة وباء كورونا الذي يفتك باللبنانيين ويرفع عدّاد الاصابات والوفيات معا، ويرخي بظلاله القاتمة على الطواقم الطبية والمستشفيات التي لم تعد قادرة على إستيعاب المزيد من المصابين.

في غضون ذلك، يتأرجح لبنان على حافة الهاوية بفعل إنسداد الأفق السياسي وإنقطاع التواصل الحكومي والتصلب في المواقف وتبادل الرسائل الساخنة وكان آخرها الفيديو المسرب لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي يتهم فيه الرئيس المكلف سعد الحريري بالكذب، الأمر الذي أدى الى توسيع الهوة بين بعبدا وبيت الوسط، والى إصطفافات سياسية وطائفية وشخصية من شأنها أن تضاعف من التعقيدات.

يبدو واضحا، أن السلطة السياسية تعيش في حالة إنفصال كامل عن الواقع وكأنها في كوكب آخر، فكورونا تزرع الموت، والدولار يحصد الرواتب، والغلاء يفترس المدخرات، والفقر يطرق كل الأبواب، فقدان الأدوية يهدد بمزيد من الآلام، والتوترات تفرض نفسها على اللبنانيين إشكالات وسرقات وسطو مسلح وإطلاق نار وجرائم وفوضى وقتل.

كل ذلك، والرئيس ميشال عون يفتش عن كيفية إرضاء صهره جبران باسيل في الانتقام من الحريري وتصفية الحسابات معه بعدم تمكينه من تشكيل الحكومة. كما تنشغل دوائر القصر الجمهوري في تبرير ما قاله في شريط الفيديو عن الرئيس المكلف وتغرق في التفريق بين كلمتيّ “عطانا وعطيناه”، في حين أن الصفحة الرئيسية لرئاسة الجمهورية أكدت في 9 كانون الأول 2020 أن الحريري أعطى عون (عطانا) تشكيلة حكومة متكاملة، وأن عون أعطى الحريري (عطيناه) طرحا حكوميا متكاملا.

في حين يتمسك الرئيس الحريري بلاءاته (لا ثلث معطل ولا إستسلام ولا إعتذار) ويعمل على تعبئة أنصاره ضد عون وباسيل، متناسيا أنه كان السبب في حصول هذه التسوية الرئاسية، وأنه نسج تحالفا مع رئيس التيار الوطني الحر أطاح بالحلفاء والخصوم، قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب، ويجد الحريري نفسه محاصرا بين “فكيّ كماشة” عون وباسيل الذي لم يتوان عن الاساءة لزعيم المستقبل واللجوء الى التحريض الطائفي والدعوة الى تعديل الدستور، والتمسك بالثلث المعطل ولو على حساب معاناة ومآسي اللبنانيين.

في ظل هذا التأزم السياسي والتوتر الاجتماعي والأمني، يدخل لبنان مرحلة الاقفال الشامل، فيما السلطة تدير ظهرها للفقراء، وأذنها الطرشاء للعمال والسائقين والمياومين الذين يصرخون لانصافهم إما بمساعدات عاجلة، أو بقرارات تسمح لهم بالعمل ضمن أوقات محددة، في حين لا يجدون الأولى ولا يحصلون على الثانية، ويتركون لمواجهة مصيرهم ما ينذر بثورة جياع.

قد يكون الاقفال سهلا على الميسورين وأصحاب الرواتب والحوالات الخارجية الذين قاموا بغزو السوبرماركت على مدار ثلاثة أيام للتموين، ضاربين بعرض الحائط قرارات التعبئة العامة والمجوز والمفرد، ومنع الاختلاط، ما يهدد بموجة كورونا جديدة في صفوفهم قد تتفاعل خلال مدة الحجر، وهي لن تقل خطرا عن موجة رأس السنة التي ما يزال لبنان يعاني من تداعياتها، في حين يشكل هذا الاقفال موتا بطيئا للفقراء وربما لمتوسطي الحال الذين قد لا يملكون المدخرات التي تخولهم العيش حتى آخر الشهر من دون عمل وإنتاج، ما يتطلب خطة رسمية فورية لمساعدتهم قبل خروجهم الى الشارع.

لا يختلف إثنان على أن الاقفال والفقر لا يلتقيان، فالأول يحتاج الى مقومات صمود غير متوفرة وما تزال السلطة قاصرة عن تأمينها، والثاني يضرب كل التدابير والاجراءات ويكسر كل القرارات، لأن الموت بالكورونا أفضل لدى كثيرين من الموت فقرا وجوعا.

Leave A Reply