فيما كانت حكومة تصريف الأعمال تتخبّط نتيجة ألف سبب وسبب، والبلاد تضج بسجال سياسي عقيم، تصرف سعد الحريري بدرجة عالية من المسؤولية الوطنية، وبادر الى اجراء اتصالات، داخل لبنان وخارجه، ليصل في زيارته الحالية لدولة الامارات العربية المتحدة، الى نيل موافقة اولية تسمح للبنان بالحصول على نحو مليون جرعة من اللقاح الصيني، خلال اسابيع، مجاناً، وفي سياق البرنامج الوطني للقاح.
سيسجل للحريري انه لم يقف مكتوف الايدي، وهو كان قد كلف مساعده الدكتور غطاس خوري بمهمة في هذا الاطار. ويفترض ان تكون الاتصالات السياسية قد اثمرت تفاهماً على الاليات التي تمنع استخدام هذه المبادرة في اي سياق سياسي داخلي، خصوصا ان الحريري ابلغ من يهمه الامر انه يريد انجاز الامر عن طريق مؤسسات الدولة ووفق برامجها.
وفي السياق نفسه، عقدت امس اجتماعات مع السفير الصيني في لبنان للاطلاع على شروط الحصول على كميات كبيرة من اللقاح الصيني الى جانب اللقاحات الاخرى. وأوضح الصينيون ان هناك آليات عمل معتمدة من قبل الحكومة الصينية لكيفية حصول الدول من اللقاح، وان الاولوية هي للحكومات التي تعاونت مع الصين في مرحلة التجارب.
وفيما نفت مصادر معنية ما اشيع عن احتمال ان تقدم بكين هبة من اللقاحات الى الجيش لجميع العسكريين، أوضحت ان وزيرة الدفاع زينة عكر ستبدأ اتصالات مع نظرائها في دول عربية وغربية للمساعدة على توفير كمية من اللقاحات للبنانيين، مع العمل على فرضية تسمح بحصول العسكريين على هبة خاصة. وفي هذا السياق، قال مصدر معني في وزارة الصحة انه في حال تم توفير لقاحات للعسكريين والعاملين في الاجهزة الامنية فان عشرين في المئة من الفئة المستهدفة تكون قد حصلت على اللقاح، ما يسهل مهمة توزيع بقية اللقاحات على المدنيين.
الخشية من ردّة فعل عكسيّة على الإقفال لأن قليلين قادرون على «ضغط» أنفسهم
ومع فتح الطريق أمام استيراد اللقاحات بعد إقرار المجلس النيابي أمس قانون «تنظيم الاستخدام للمنتجات الطبية لمكافحة جائحة كورونا»، وقع رئيس الجمهورية ميشال عون أمس مرسوم نقل اعتماد من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة وزارة الصحة بقيمة 26,4 مليار ليرة، هي الدفعة الثانية من العقد الموقع في تشرين الأول الماضي، مع منصة «Covax» التابعة لمنظمة الصحة العالمية، بهدف حجز مليونين و730 ألف جرعة من اللقاحات. لتضاف الى ما هو متوقع من شركة «فايزر» التي وافق البنك الدولي على تمويل ثمنها وعددها مليون ونصف مليون جرعة.
جدير بالذكر أن هذا المرسوم وُقع في وقت قياسي بسبب حالة الطوارئ الصحية، وقد حرص عون على التأكد من تأمين أموال «فايزر» . وهذا المرسوم معدّل عن مرسوم سابق، إذ إن الإعتماد كانَ مخصصاً لشراء لقاح «فايزر»، قبل أن يوافق البنك الدولي على دفع المبلغ من خلال قرض يؤمنه البنك بعدَ أن تأكدت مطابقة «فايزر» لمعايير منظمة الصحّة العالميّة.
وينتظر لبنان الحصول قبل السابع من شباط المقبل على نحو 250 الف جرعة من اللقاح الاميركي ستخصص للعاملين في الجسم الطبي وخدماته وكبار السن (ما فوق الـ65 عاماً) والمصابين بالامراض المزمنة، على ان تصل تباعا نحو مليون جرعة اضافية توزع وفق برنامج يطال بداية العاملين في وظائف عامة وخاصة توجب الاختلاط، على ان يترافق ذلك مع انطلاق العمل التجاري حيث تسعى شركات أدوية الى توقيع عقود للحصول على كميات من اللقاحات لبيعها للراغبين.
وأبلغ الدكتور عبد الرحمن البزري، المسؤول عن هذا الملف، «الاخبار» ان هناك جهوزية للتعامل مع اي لقاح يصل لناحية طريقة ايصاله الى الفئة المستهدفة حسب البرنامج الوطني، وكذلك آلية التخزين والتطعيم، وان عمليات الاحصاء الخاصة بالمستفيدين جارية وستكون جاهزة خلال وقت قصير. وأكد ان لا عقبات امام الحصول على اي لقاح يستوفي الشروط المتعارف عليها علميا، وان الحديث عن صعوبات خاصة في لبنان يعكس جهلا بالقوانين المعمول بها في لبنان، وهي غير تلك المتاحة في دول يمكن السلطات العليا فيها اتخاذ قرارات مستقلة ونافذة. وقال ان لبنان طلب من جهات عالمية الحصول على بيانات خاصة باللقاحات والتجارب وهو مستعد لاقرار الصالح منها والعمل به فورا، خصوصا ان لبنان يحتاج الى خطة مركزية مكثقة لمنح اللقاح الى نحو 70 في المئة من الفئات المستهدفة بالمناعة ليصار الى محاصرة الوباء.