السبت, نوفمبر 23
Banner

حرب العمولات تشتعل بين البنوك وزبائنها

خالد ابو شقرا – نداء الوطن

الأزمة الاقتصادية التي غيّرت وجه لبنان إلى الأبد، بدّلت العلاقة بين المصارف وعملائها. فالعلاقة التي قامت في السابق على “تدليل” الزبائن وتأمين راحتهم وكل متطلباتهم، تحولت إلى علاقة لا “تشُمّ” بالزبون إلا “رائحة كافر” يجب طرده. وبعدما كانت البنوك تتنافس بأدواتها المصرفية المبتكرة على جذب الزبائن، اتفقت جميعها بعد الازمة، صدفة أم تخطيطاً، على معايير موحّدة هدفها حماية مصلحتها من “شياطين” زبائنها و”تهشيلهم”.

تفاجأ عميل في أحد المصارف العريقة بإبلاغه عبر رسالة نصية إضافة البنك عمولة جديدة مقدارها 2000 ليرة على كل عملية سحب نقدي من الصراف الآلي ATM. فيما رفع مودع في مصرف آخر الصرخة جراء اكتشافه عن طريق الصدفة إضافة عمولة شهرية مقدارها 7.5 دولارات كبدل تحويل سحوباته بالدولار إلى 3900 ليرة. فيما أظهر كشف حساب أجراه مودع ثالث اقتطاع البنك الذي يتعامل معه مبلغ 13 دولاراً بحجة عدم تحريك الحساب.

علاقة إذعان

تظهر الامثلة الثلاثة، التي تكررت مع عشرات آلاف المودعين، تحكّم المصارف بزبائنها من دون أن يكون هناك التزام منها بأي قواعد أو نصوص واضحة تحمي المودعين. ففي عمولة الـ 2000 ليرة التي فرضها فيرست ناشونال بنك، قبل ان يعود ويتراجع عنها بضغط من رابطة المودعين، ظلم كبير بحق المتعاملين معه. خصوصاً مع إغلاق البنك لجميع فروعه بسبب إجراءات كورونا، واجباره العملاء على سحب مبالغ محددة بسقوف يومية من الصرافات الآلية. وعليه ان سحب راتب بقيمة 3 ملايين ليرة يرتّب على العميل دفع 6 آلاف ليرة كحد أدنى عمولة للبنك. فيما قد تصل العمولة إلى عشرات آلاف الليرات في حال قرر العميل سحب المبلغ على عشرة أو 15 دفعة على سبيل المثال. أمّا في الحالة الثانية، فانه عدا عن تطبيق المصارف “هيركات” على ودائع الدولار بأكثر من 60 في المئة من دون أي مسوغ قانوني، فقد لجأت إلى فرض عمولة على “الهيركات”، مضافة إلى عمولة شهرية على الحسابات بمقدار 3 دولارات. في حين قد تكون الحالة الثالثة “مضحكة مبكية”؛ ففرض عمولة على عدم تحريك الحساب يترافق مع رفض المصارف فتح حسابات جديدة أو نقل حسابات عبر شيك مصرفي أو حوالة أو حتى سحبها بقيمتها الحقيقية. وبالتالي كيف ستتحرك الحسابات؟ وإلى أين سيذهب المودعون بأموالهم إن كانت غير مصارف ترفض فتح حسابات، وهناك عجز تام عن تحويلها إلى الخارج؟

أكثر من عمولة

ما يؤخذ على سياسات المصارف المستجدة هو تحكمها بالسوق من دون أن يكون هناك أي بديل أو خيار آخر أمام زبائنها. “فلا يحق للبنوك أولاً إضافة أي عمولة قبل إخطار العملاء. والاهم انه لا يحق لها إجراء اقتطاعات من زبائن مُعدمي الخيارات”، يقول عضو رابطة المودعين هادي جعفر. لأن الاقتطاع في هذه الحالة لا يعود عمولة، إنما خوّة، تفرض على المتعاملين مع المصارف من دون أن يكون لديهم خيار رفضها. حيث ان رفض أي من الاجراءات التي يقوم بها بنك X على سبيل المثال، وأخذ العميل القرار بوقف التعامل معه، يُقابل بعجز تام عن نقل حسابه إلى أي مصرف آخر”. فالمصارف لا تعطي الودائع نقداً عند إقفال الحساب بل عبر شيك مصرفي. ومع اتفاق كل المصارف على عدم فتح حسابات جديدة، يتحول الشيك المصرفي إلى ورقة لا قيمة لها، سيضطر صاحبه إلى بيعه في السوق السوداء بقيمة أقل بـ 70 في المئة من قيمته الحقيقية أو حتى أقل. فتصبح قيمة شيك بـ 100 الف دولار على سبيل المثال حوالى 30 او 25 الف دولار أو أحيانا أقل في حال عدم توفر الشاري. والامر نفسه ينسحب على حسابات الليرة اللبنانية. وبذلك “تحول المودع أسير البنك”، بحسب جعفر.

بغض النظر عن قانونية أخذ المصارف عمولات بدل الخدمات التي تقدمها والطريقة التي تحتسب على أساسها، فان رابطة المودعين تصر على ان كل العمولات التي فرضت على عمليات السحب أو على الحسابات الجارية أو المجمدة بعد 17 تشرين الاول تعتبر ظالمة وتعسفية بحق المتعاملين معها، حيث لم يعد أمام الزبائن أي خيارات بديلة. ومن هنا فان الرابطة تحضر ملفاً كاملاً عن كل الاجراءات المصرفية غير العادلة التي طالت المودعين بعد 17 تشرين الاول من العام 2019 لرفع دعوى بحق المصارف أمام الجهات المختصة. وهي تدعو جميع المتضررين إلى التواصل مع اللجنة القانونية في الرابطة لمساعدتهم على تحصيل حقوقهم بالطرق القانونية.

Leave A Reply