محمد علوش – الديار
حمّل البعض تحرك رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب ما لا يحتمل، فالرجل بحسب العارفين لم يملك مبادرة، وجلّ ما حاول القيام به تحريك المياه الحكومية الراكدة لتسريع إنتاج حكومة تُبعده عن تحمّل مسؤولية ما هو قادم، وما سمعه الرجل خلال جولاته يؤكد المؤكد، وهو أن طرفي النزاع غير مستعدين بعد لأي لقاء.
ينتظر رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، بحسب مقرّبين منه، تحرك رئيس الجمهورية باتّجاهه، أولاً من خلال الإتصال به للإعتذار عن الإهانة التي وجهها إليه في التسجيل المسرب، وثانياً لأجل الإجابة عن التصور الأخير الذي قدّمه رئيس الحكومة المكلف إلى الرئيس عون، ويشير المقرّبون إلى أن الحريري يعلم بأن عون ينتظر الحريري للإتصال، وهو بذلك يثبت مرة جديدة بأن مشكلته ليس بالسياسة، إنما هي مشكلة شخصية بدأت منذ أن أعلن الحريري بأنه مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة، قبل تكليفه بأيام.
تشير مصادر سياسية مطّلعة إلى أن الحريري ينتظر إتصال عون، وعون ينتظر تواصل الحريري معه، وحتى اللحظة لم تنجح الوساطات التي حاولت كسر الجليد بين الرجلين، كاشفة أن مبادرة اللواء عباس ابراهيم لم تلق قبولاً في القصر الجمهوري كونها تتضمّن الطلب من رئيس الجمهورية المبادرة للإتصال بالحريري والحديث بملابسات الحديث المسرّب، دون اشتراط تقديم اعتذار مباشر، مشيرة إلى أن المحيطين برئيس الجمهورية يرفضون هذه المبادرة وبالتالي لم يتمكن اللواء ابراهيم من فتح ثغرة بالجدار الصلب الذي يفصل الرئيسين.
وإذ تؤكد المصادر أن اللواء ابراهيم لم ولن يستسلم، تشير إلى أن فشل مبادرته حتى اللحظة يضع محاولته إلى جانب محاولة البطريرك الماروني الذي بدوره لم يتمكن بعد من تحقيق أي تقدّم يُذكر، رغم أن محاولته لا تزال مستمرة، وسيستمر بالدعاء لاجل تقريب المسافات بين عون والحريري، وهو أبلغ أمس مستشار عون، سليم جريصاتي بضرورة الترفع عن المشاكل الشخصية، وحصول اللقاء بين الرئيسين عون والحريري لأنه لا يرى أي إمكانية لحلّ دون عودة العلاقة بين الرجلين إلى علاقة شبه طبيعية.
طبعاً تحدّث كثيرون عن تحرك يقوم به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ولكننا في مقال منذ 5 أيام أكدنا أن الرئيس بري ليس بوارد التحرك في الظروف الحالية، وهو لن يتحرك ما لم تتوافر ظروف تجعل نجاح أي تحرك ممكناً. إن هذا الموقف تؤكده مجدداً المصادر السياسية، التي تُشير إلى أن «الإستطلاع» الذي أجراه بري بالساعات الماضية لا يُشجّع، فهو لم يلمس أي نية لتغيير الواقع القائم، بل أكثر من ذلك، لمس تشدّداً في المواقف، الامر الذي أثار حفيظة رئيس المجلس، وجعله ينتقد أمام زواره حال السوء الذي وصلنا إليه.
فيما يتعلّق برئاسة الجمهورية، فتشير مصادر مطّلعة على موقف عون إلى أن المشكلة ليست باتّصال، بل بمسار كامل بدأ يوم تكليف الحريري تشكيل الحكومة، مشيرة إلى أن موقف رئاسة الجمهورية لا يحتاج إلى تفسيرات، وهو لم يتغير منذ البداية، وأساسه هو تشكيل حكومة بمعايير موحّدة، وهذا ما لم يقتنع به الرئيس المكلف بعد.
وتضيف المصادر القريبة من عون: «يحاول الحريري الإيحاء بأن المسألة عند عون، وأنه سلّم الرئيس تصوراً حكومياً وينتظر الإجابة، بينما الحقيقة هي أن رئيس الجمهورية جاوب الحريري على تصوره يوم تقديمه في اللقاء الأخير، وكان الجواب رفضه، لأنه لم يكن يحقق شرط وحدة المعايير، وبالتالي الكرة اليوم لدى الحريري الذي يبدو أنه بالوقت الحالي لا يملك جديداً لكي يقدّمه، بانتظار تغيّراً ما يأتي من الخارج».