هوت أسعار النفط أمس، لتتراجع أكثر عن أعلى مستوى في 11 شهرا الذي بلغته الأسبوع الماضي إذ تتعرض لضغوط بفعل مخاوف من أن القيود الجديدة المفروضة لمكافحة جائحة كورونا في الصين ستكبح الطلب على الوقود في أكبر مستورد في العالم للخام.
ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 65 سنتا أو ما يعادل 1.2 في المائة، إلى 52.48 دولار للبرميل بحلول الساعة 0740 بتوقيت جرينتش، بعد أن تراجعت 18 سنتا أمس الأول.
وهبطت العقود الآجلة لخام برنت 58 سنتا أو ما يعادل 1.03 في المائة إلى 55.52 دولار للبرميل، لتمحو مكسبا بواقع سنتين حققته أمس الأول.
وقال جيفري هالي كبير محللي السوق لدى “أوندا”، “تماشيا مع مزيد من الأجواء الحذرة التي أظهرتها الأسواق المالية اليوم في آسيا، تراجع العقدان”.
وأضاف “يترك الانخفاض هذا الصباح العقدين عند منتصف نطاقيهما في أسبوعين، ومن المحتمل أن يكونا منكشفين على تصحيحات أعمق إذا أظهرت البيانات الرسمية لمخزونات الخام الأمريكية ارتفاعا غير متوقع”.
وتأثرت الأسواق بفعل البيانات الرسمية لمخزونات النفط الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بعد بيانات للقطاع كشفت زيادة مفاجئة 2.6 مليون برميل في مخزونات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي مقارنة بتوقعات المحللين بانخفاض 1.2 مليون برميل.
وعزز تعافي الطلب على الوقود في الصين مكاسب السوق في أواخر العام الماضي بينما تخلفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن الانتعاش، لكن ذلك المصدر من الدعم يتبدد إذ أدت موجة جديدة من الإصابات بكوفيد – 19 إلى فرض قيود جديدة لاحتواء الانتشار.
إلى ذلك، أكد “جولدمان ساكس” أن خطط الإدارة الأمريكية الجديدة لضخ تحفيز مالي ضخم وعدم التعجل كثيرا في رفع العقوبات عن إيران إيجابيان لأسعار النفط والغاز.
وقال البنك في مذكرة “في تقديراتنا، فإن تحفيزا بحجم تريليوني دولار على مدى 2021-22، سيعزز الطلب الأمريكي بنحو 200 ألف برميل يوميا”.
واقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن حزمة تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار لتنشيط الاقتصاد وتسريع توزيع اللقاحات للسيطرة على كوفيد – 19، الذي أضر بالطلب العالمي على النفط.
وقال البنك “إن إدارة بايدن تدرس تعزيز وإطالة القيود النووية على إيران، وإن صادرات الدولة من النفط ستظل متواضعة هذا العام وعند 0.5 مليون برميل يوميا في النصف الثاني من 2021”.
وقالت جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض “إن قضية إيران ستكون جزءا من المشاورات المبكرة للرئيس جو بايدن مع نظرائه الأجانب وحلفائه”، مضيفا “التأخير في العودة الكاملة لإنتاج إيران سيعزز توقعاتنا المتفائلة للنفط، إذ إننا نتوقع بالفعل شحا في سوق النفط في 2022 مع انخفاض الطاقة الاحتياطية لـ”أوبك”.
وعلق بايدن أيضا مؤقتا التأجير والتصاريح الخاصة بالنفط والغاز على الأراضي الاتحادية، وألغى تصريحا لخط أنابيب النفط “كيستون إكس.إل” القادم من كندا وعلق إيجارات تخص التنقيب عن النفط في المحمية الوطنية للحياة البرية في القطب الشمالي في ألاسكا.
وقال “جولدمان”، “لا تشير تلك الإجراءات في حد ذاتها إلى شح أسرع في سوق النفط في 2021-2022″، مضيفا أن “الحظر ما زال يتيح فرصة تمتد إلى عامين للتنقيب اعتمادا على التصاريح القائمة المرتفعة”.
وبحسب بيانات البارحة الأولى، من معهد البترول الأمريكي، ارتفعت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة 2.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 كانون الثاني (يناير)، مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع أجرته “رويترز” بانخفاضها 1.2 مليون برميل.
وقال رافيندرا راو، نائب الرئيس المعني بالسلع الأولية لدى “كوتاك سيكيوريتيز”، “الخام منخفض على نحو هامشي اليوم بفعل زيادة مفاجئة لمخزونات النفط الأمريكية، لكن على الجانب الآخر، يلقى الخام الدعم أيضا من دولار أضعف واحتمال ضخ تحفيز أمريكي أكبر”.
وأضاف “مخزونات الخام الأمريكية تنخفض على مدى الأسابيع الخمسة الماضية وهذا أحد العوامل الرئيسة التي تبقي الأسعار منذ مستويات مرتفعة. إذا أكدت إدارة معلومات الطاقة ارتفاع مخزونات الخام، ربما نشهد مزيدا من التصحيح في الأسعار”.
ويؤثر قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن، بشأن إلغاء مشروع خط أنابيب النفط “كيستون أكس إل”، المثير للجدل الذي يربط حقول كندا النفطية بالولايات المتحدة، في مستقبل نقل نحو مليون برميل نفط يوميا، وفق ما أفادت قناتا “سي بي سي” و”سي تي في” الكنديتان.
وأشارت القناتان إلى مذكرات إخطار من فريق بايدن إلى شركات فاعلة في القطاع، تفيد بأن إلغاء ترخيص بناء خط الأنابيب سيكون جزءا من الإجراءات التي كان يخطط لها بايدن.
ويهدف مشروع المجموعة الكندية “تي سي إنرجي”، الذي تبلغ تكلفته نحو ثمانية مليارات دولار أمريكي، إلى نقل أكثر من 800 ألف برميل من النفط يوميا، عبر خط بطول نحو 2000 كيلو متر، بين حقول النفط في مقاطعة ألبرتا الكندية ومعامل التكرير في خليج المكسيك.
أطلق مشروع تمديد خط الأنابيب في عام 2008، وعلق الرئيس السابق باراك أوباما المشروع، ثم منح خلفه دونالد ترمب الإذن ببنائه، وينتقد مناصرو حماية البيئة بناء خط الأنابيب بسبب تأثيره في البيئة.
وقال جيسون كيني رئيس وزراء ألبرتا، الذي يدعم المشروع، في تغريدة على “تويتر”، “إنه قلق للغاية بشأن المعلومات التي تفيد بأن بايدن قد يلغي المشروع الأربعاء”.
وتواجه المقاطعة ركودا اقتصاديا مع انهيار أسعار النفط، ولا سيما جراء فيروس كورونا المستجد، بيما عد إيرين أوتول زعيم حزب المحافظين “المعارضة”، في بيان سابق، أن مثل هذا القرار من شأنه أن “يقضي على مصدر عيش آلاف الأسر الكندية المتضررة بالفعل من الأزمة الاقتصادية”.
وطلب من جاستن ترودو رئيس الوزراء “التواصل الفوري مع الإدارة الأمريكية الجديدة لمنع حدوث ذلك والدفاع عن العمال في جميع أنحاء كندا”.
إلى ذلك ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 55.75 دولار للبرميل يوم الأربعاء مقابل 54.85 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” الخميس، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وإن السلة استقرت تقريبا عند مستوى اليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 55.81 دولار للبرميل”.