تفادياً لإخفاقات جديدة في إدارة أزمة كورونا، كالفتح غير المضبوط للقطاعات في شهر كانون الأول والذي أدى الى ارتفاع كبير في الإصابات وزيادة جسيمة في الوفيات حيث سقط بين 9 و29 كانون الثاني 1,110 ضحية يشكلون 37%، وجب التخطيط جدّياً لمرحلة ما بعد 8 شباط.
من المُرجّح أن يؤدي منع التجول والإقفال الى تفاقم الأزمة الإقتصادية الحادة، وارتفاع في معدلات البطالة وتراجع معدلات الدخل، كما حدث في فترة الإقفال الأول في شهري آذار ونيسان من العام الماضي، حيث أدى هذا الإغلاق الى خسارة ثلثي اللبنانيين جزءاً من مداخيلهم. وليس من العسير توقُعِ تدهور الأوضاع المعيشية لمعظم الناس خلال الاقفال العام حيث أنّ أكثر من نصف القوى العاملة في لبنان تعمل في قطاعات غير منظمة وتعتمد على مدخولها اليومي. وفي طرابلس مثلاً تزيد نسبة المياومين عن 75% من اليد العاملة، والتي يدفع توقف العجلة الاقتصادية بها الى حافة العوَز والجوع.
عليه، يجب التخطيط بشكل علمي وشفاف ودقيق لمرحلة ما بعد 8 شباط، وفقاً لمرصد الأزمة في الجامعة الأميركية عبر دراسة أعدّها الدكتور ناصر ياسين، لاسيّما أنّ عملية التلقيح ستطول ويرجَّح أن تمتدّ حتى 2022، حيث توازي خطة المرحلة القادمة بين درجة مخاطر فتح كل قطاع والحاجة الى إعادة العجلة الاقتصادية، مع الإستمرار في تهيئة المستشفيات والتأكد من جهوزيتها من ناحية غرف العناية والأدوية وغيرها من المستلزمات وإعطاء أولوية التلقيح للعاملين في القطاع الصحي.
وخلص ياسين في الدراسة إلى أنّ على هذه الخطّة أن تأخذ بعين الإعتبار الخطوات الآتية:
1- تحديد المخاطر الناجمة عن عودة العمل في كل قطاع، وبشكل علمي وشفاف بالتعاون مع الهيئات المسؤولة عن هذه القطاعات والنقابات والجمعيات المهنية ولجان الموظفين، والبلديات واللجان المحلية. هذا العمل الذي كان من المفترض القيام به منذ اشهر سيحدد القطاعات التي يمكن أن تعود الى نشاطها بظل إجراءات الوقاية والتباعد الجسدي وتلك التي وجب تأخير فتحها خصوصاً القطاعات التي متى شرّعت أبوابها بطريقة غير مدروسة ستؤدي إلى عودة انتشار المرض بسرعة (مثلاً: المطاعم والحانات والأندية الرياضية الخ). هنا على سبيل المثال يمكن لقطاعات التعليم أن تستمر بإجراء الدروس عن بعد لِحين السيطرة على انتشار الوباء.
2- إعادة هيكلة بيئات العمل في العديد في القطاعات التي سيعاد فتحها (المسافات بين الموظفين والزبائن، عدد المناوبات، ساعات الحضور الى العمل، إلخ.) وتطبيق إجراءات وقائية صارمة في كل بيئة عمل للحد من انتشار المرض ولطمأنة العمال والموظفين والزبائن.
3- وضع سجل صحي للعمال والموظفين لتحديد اذا اصيبوا بالفيروس، إضافة الى الذين يجرون فحوصات الـ PCR مع الحفاظ على خصوصية هذه السجلات. هذا الاجراء يساهم في حماية الموظفين والزبائن، وكذلك عودة المعافين الى العمل.