بدا أن المشهد العام في البلد، آخذ في انكشاف الانفصام العام عن الواقع، على نحو كارثي، ولا يقتصر على زيادة «القرف» من الوضع العام، بل يزيد المعالجة تعقيداً.
فعلى المستوى المعيشي، وفي الوقت، الذي يترك فيه وزراء تصريف الأعمال المعنيون، ببقاء الدعم ونصرة الفقراء، وتوزيع (أرقام الهاتف للاتصال)، يرتفع سعر ربطة الخبز إلى 2500 ليرة لبنانية، وصفيحة البنزين اقتربت من الثلاثين ألفاً، وقارورة الغاز، تكاد تتجاوز الـ30 ألفاً، فضلاً عن الزيادات التي طرأت على أسعار الخضار والحمضيات، فضلاً عن أسعار سائر السلع الأخرى، من غذائية وضرورية، منتجة محلياً، ولا ترتبط بسعر صرف الدولار مباشرة، ارتفاعاً أو هدوءاً.
بعد ذلك، عن أي دعم يتحدث المصرفيون، وحاكم المصرف المركزي والوزراء، وسائر المعنيين..
وعلى المستوى الصحي، فبعد ان عاش اللبنانيون، من بعد ظهر أمس، ولساعات، ان اللجنة العلمية أو الصحية، التي اجتمعت في مبنى وزارة الصحة، أوصت بتمديد الاقفال حتى 18 شباط، فإذا ببيان يصدر عن اللجنة ينفي، ويزعم أن اللجنة لم تجتمع أصلاً..
على أن الأنكى، سياسياً، نفي القصر الجمهوري ان يكون الرئيس عون طالب «بالثلث المعطل»، يعترف البيان الرسمي، بما هو أخطر من الثلث المعطل، فالرئيس «حريص في المقابل على ممارسة حقه بتسمية وزراء في الحكومة من ذوي الاختصاص والكفاءة، يكونون موضع ثقة في الداخل والخارج، وذلك حفاظاً على الشراكة الوطنية من جهة، وعلى مصلحة لبنان العليا من جهة ثانية».
هنا، لا تقتصر الشراكة والحق الدستوري، على نسبة وزراء، يرتاح إليهم الرئيس، بل هو يتدخل في تحديد من هم من أهل «الاختصاص والكفاءة والثقة».. فضلاً عن ارتباط تسمية هؤلاء بمصلحة لبنان العليا..
وعليه يصبح السؤال مشروعاً مَنْ يُشكّل الحكومة: هل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، أم الرئيس، الذي يستند إلى ما قبل اتفاق الطائف، حيث يُشكّل رئيس الجمهورية ويسمي واحداً منهم رئيساً للحكومة؟
إنه التباس وطني من عيار ثقيل وخطير، بأي دستور يعمل اللبنانيون، وكيف يمكن تجاوز الإشكالية – المعضلة، المتصلة بتأليف الحكومة، مع انضمام الرئيس نبيه برّي، علناً، مدعوماً بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، برفض الثلث المعطل، والاقتصار على حكومة اختصاصيين لا حزبيين، انسجاماً مع المبادرة الفرنسية..
حقيقة الثلث المعطل
والسؤال، هل صحيح أن بعبدا، وفقاً لبيان مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية لم تطالب بـ«الثلث المعطل» مطلقاً؟
المعطيات التي لا تؤكد هذه الوجهة.. «فالثلث المعطل» بدا وكأنه أم المعارك، حيث دخلت عين التينة على خط الاشتباك، من زاوية تأكيد الرئيس نبيه برّي، في بيان علني.
جاء في بيان بري: انطلاقاً من الاتفاق على ان تكون الحكومة من اختصاصيين، لم يعد جائزاً لأحد على الإطلاق الحصول على الثلث المعطل، وهو ما تقدّم به رئيس مجلس النواب للفرقاء كحل ينصف الجميع، إلا أنه تعطل للأسف عند مقاربة هذا الثلث..
وهذا الجانب، أكد حسب الرئيس برّي ان العائق ليس من الخارج بل من «عندياتنا».
وأكدت مصادر كتلة التنمية والتحرير حول العائق بموضوع تشكيل الحكومة: لنبقى بالاساس وهو التعطيل بالاصرار على الثلث المعطل، فكتلة التنمية وافقت على اسماء مستقلة وهي ملتزمة بالمعايير التي وضعت في المبادرة الفرنسية ومن الرئيس المكلف لجهة الاختصاص والاستقلالية.
وتواصل السفيرة الفرنسية في بيروت، آن غريو اتصالاتها، وهي لهذه الغاية، زارت الرئيس برّي، ونقلت إليه حرص بلادها علىاستمرار مبادرة الرئيس ماكرون، والرامية إلى الإسراع بتأليف حكومة، تحاكي هذه المبادرة.
ووسط جو إنعدام الثقة بين الرئيسين عون وسعد الحريري، بات عمل سعاة الخير مركزاً على استعادة الثقة بتوفير مروحة تطمينات للطرفين، لا تتوافر إلا بتركيبة حكومية تُرضي كل الاطراف كما نصت المبادرة الفرنسية أصلاً. وهو ما بدا العمل عليه من فرنسا وما عمل عليه قبلا اللواء عباس ابراهيم، ودخل على خطه الان حزب الله حسبما تردد.
لكن كيف تكون التطمينات ومن سيتنازل لتقريب المسافات بين المتباعدين؟ اوساط القصر الجمهورية ترى ان التطمينات يُفترض ان يقدمها سعاة الخير، والرئيس المكلف ايضاً لأنه بالصيغة التي قدمها يصبح هوالممسك بقرار الحكومة لا سيماعند مناقشة اي قرار مهم ويذهب للتصويت. وتؤكد المصار ضرورة توفير عنصر الثقة المتبادلة لتتمكن الحكومة من العمل والانتاج. وذكرت أوساط مراقبة لـ«اللواء» أن أي ترجمة لأعادة تزخيم الملف الحكومي تنطلق من عودة التواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف وهذه مسألة لم تصل إلى خواتيمها حتى الآن.وفهم من هذه الأوساط ان الجو لم يميل بعد إلى التهدئة المنشودة والأساس يبقى في إمكانية عودة البحث وفق سقف محدد لكن السؤال عن استمرار تمسك رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بمقاربتهما في التأليف.
وأوضحت هذه الأوساط ان تعقيدات الملف تتضاعف يوما بعد يوم ولذلك لا بد من تدخل يعطي ثماره، معلنة أن كل ما يقال هو أن سلسلة اتصالات داخلية وخارجية ستشق طريقها تمهيدا لخرق ما يتعلق بتشكيل حكومة الاختصاصيين.
الخبز: ارتفاع سعر الربطة
حياتياً، رفعت وزارة الاقتصاد سعر ربطة الخبز بنسبة عشرين في المئة، في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً حاداً باتت معه السلطات عاجزة عن مواصلة دعم المواد الأساسية وسط أزمة معيشية خانقة فاقمتها تدابير الإغلاق بمواجهة كوفيد-19.
وأعلن أمس وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة أنه «نظراً الى الارتفاع المتواصل والحاد لسعر القمح في البورصة العالمية وارتفاع سعر صرف الدولار، وحفاظاً على الأمن الغذائي»، رفعت الوزارة سعر ربطة الخبز، الحجم الكبير من ألفين إلى 2500 ليرة «كحد أقصى»، أي بزيادة قدرها 20 في المئة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها وزارة الاقتصاد إلى رفع سعر الخبز على وقع أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان منذ خريف العام 2019، أدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها مقابل الدولار في السوق الموازية بينما السعر الرسمي ما زال على حاله.
وارتفعت الأسعار بنسبة 144 في المئة، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم. وأثارت إجراءات الإغلاق العام المشددة لمكافحة فيروس كورونا المستمرة حتى الثامن من الشهر الحالي الخشية على مصير عائلات تعاني أساساً أوضاعا اقتصادية هشّة في بلد يشكل العمال المياومون قرابة نصف اليد العاملة فيه، بحسب وزارة العمل، ويحتاج 75 في المئة من سكانه الى المساعدة.
وأمس، اعتبرت نقابة مستوردي المواد الغذائية أن «ما يمر به لبنان من ظروف صعبة بدءاً من الأزمة المالية والاقتصادية والشحّ في العملات الأجنبية وصولاً الى الإقفال العام… أرخى بثقله على القطاع وزاد من التحديات والصعوبات التي تواجهها الشركات المستوردة». وحذرت من أن تؤدي تلك العوامل وتداعياتها «إلى نقص في المخزون الغذائي الى نحو النصف، أو أكثر»، في بلد يستورد نحو 80 في المئة من حاجاته الغذائية. ووقعت وزارة المال والبنك الدولي الجمعة اتفاقاً على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر.
وشهدت مدينة طرابلس، الأفقر في لبنان، الأسبوع الماضي احتجاجات لأيام عدّة ضد إجراءات الإغلاق التي ضاعفت معاناة اللبنانيين، تخللتها مواجهات مع قوات الأمن أسفرت عن إصابة المئات بجروح ومقتل شاب. وعلى وقع تضاؤل احتياطي المصرف المركزي بالدولار، تدرس السلطات منذ أشهر رفع الدعم عن استيراد مواد أساسية هي القمح والأدوية والوقود. وكان من المفترض رفع الدعم نهاية العام 2020، في خطوة يحذّر محللون من «آثار تضخمية» ستنتج منها.
استمرار التحركات
وعليه، استمرت التحركات الميدانية للأسبوع الثاني على التوالي، ففي بيروت قطع السير عند تقاطع الصيفي بالاتجاهين.
وفي طرابلس، قطعت حركة المرور عند تقاطع شارع المئتين في طرابلس.
وليلاً، قطع «ثوار برجا» اوتوستراد الجية بالاتجاهين احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاعتقالات العشوائية بحق الناشطين.
وارتفع عدد الموقوفين في احداث طرابلس إلى 25 شخصاً (23 لبنانياً، سوري واحد وفلسطيني واحد)، وذلك على خلفية تهم تتراوح بين الشغب والتخريب، ورمي قنابل مولوتوف باتجاه القوى الأمنية، والاشتباه بأن بعضهم متورط في إحراق مبنى بلدية طرابلس.
تمديد.. لا تمديد
وليلاً، صدر عن اللجنة الفنية لمتابعة إجراءات وتدابير فايروس كورونا، البيان التالي:
تناقلت بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي خبراً مفاده أنه اثر اجتماعها اليوم (أمس)، اوصت اللجنة بتمديد الاقفال لمدة عشرة أيام، يهم اللجنة التوضيح أنها لم تعقد أي اجتماع اليوم (أمس)، ولم يصدر عنها أي توصية، وبالتالي لا صحة للخبر المنسوب إليها.
وحسب المعلومات، فالتوافق كان تاماً، داخل لجنة كورونا، على تمديد الاقفال لغاية 18 شباط (10 أيام بعد الاثنين المقبل)، على ان يفتح البلد تدريجياً، بعد هذا التاريخ..
غضب الموظفين والأساتذة
نقابياً، فبعد ما دخل إضراب أساتذة الجامعة اللبنانية اليوم الأوّل من الأسبوع الطالع، ينفذ الاساتذة في التعليم الثانوي والرسمي والجامعة اللبنانية اليوم اضراباً تحذيرياً تحت عنوان يوم الغضب بدعوة من هيئة تنسيق القطاع العام، وفي هذا الاطار دعت رابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي في لبنان إلى «التزام الإضراب».
وقالت في بيان: «ترى الهيئة الإدارية للرابطة أن الموازنة تؤسس لانهيار مؤسسات القطاع العام كافة، تمهيدا للتخلص منها نهائيا، واستبدالها بالتعاقد الوظيفي، وتطيح بما تبقى من الراتب التقاعدي.
لذا تطالب كما سائر القطاعات المتضررة، بسحب أو تعديل مشروع الموازنة وإعادة النظر فيه بحيث لا يمس بحقوق الموظفين في القطاع العام وسائر الفئات الوظيفية، وتدعو وتؤكد على جميع مديري المدارس الرسمية والمعلمين التزام الإضراب العام والشامل في المدارس الرسمية لدوام قبل الظهر وذلك يوم غد الثلاثاء، ووقف أشكال التعليم كافة».
وأعلنت الرابطة أن تحركاتها «ستكون تصاعدية ولن تقتصر على الإضراب بالتنسيق مع هيئة تنسيق القطاع العام دفاعا عن لقمة العيش وللحفاظ على القطاع العام».
وكانت رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي دعت في بيان، الى إضراب تحذيري اليوم الثلاثاء ، في جميع معاهد ومدارس التعليم المهني والتقني الرسمي في لبنان، دفاعا عن الحقوق والمكتسبات.
قضائيا، نفذ أهالي شهداء تفجير مرفأ بيروت وقفة احتجاجية قرب منزل القاضي فادي صوان وألقى المتحدث بإسم اللجنة كلمة أكد فيها على إصرار الأهالي معرفة حقيقة ما حصل والأسباب التي دفعته إلى الإعتكاف عند أول مطبّ سياسيّ. وطالب صوان بالمبادرة في الإعلان عن الاستدعاءات على ان تشمل رؤساء حكومات ووزراء وقادة أجهزة أمنية كي لا يُتّهم بالإستنسابية وقال:» نريد الرؤوس الكبيرة و»فهمك كفاية» ونريد أن نعرف الى أين وصلت التحقيقات». وكشف المتحدث عن الرسالة التي وجهتها اللجنة إلى القاضي صوان وفيها تأكيد من العائلات بدعمه «وأمهلناه 24 ساعة للرد علينا لكنه لم يكلّف نفسه حتى عناء الرد علينا لذلك نحن هنا اليوم على رغم خطر كورونا».
303072 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 2020 إصابة و63 حالة وفاة، ليرتفع العدد التراكمي إلى 303072 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.