لقد شكلت انتفاضة السادس من شباط منعطفاً مصيرياً في تاريخنا الوطني الحديث، وأرست قواعد جديدة في المعادلة الوطنية اللبنانية.. حتى بتنا نقول :عصر ما قبل او ما بعد ٦ شباط بالمعنى السياسي ، كما نقول :زمن ما قبل وما بعد حضور الامام الصدر على المستوى الوطني والإنساني العام…
قبل ٦ شباط كان لبنان يجهد ويكافح للخروج من فم التنين الصهيوني وكانت بدأت الأبعاد السياسية للإجتياح الإسرائيلي عبر اتفاق ١٧ أيار وبداية تكيّف البعض مع هذا الواقع الاحتلالي المستجد..
دُنست ثاني عاصمة عربية بعد القدس الشريف لولا ثلة من ابناء امل وشرفاء من هذا الوطن وقفوا في خلدة وعلى مداخل الغبيري وغاليري سمعان وكلية العلوم ليثبتوا للعدو أن احتلاله ليس نزهة.
في المقلب الآخر كان النظام السياسي يتماهى مع العدوان بدل مواجهته بل اعتبر معادلة الاحتلال ورقة قوة بيده، فبدأ عبر أذرعه العسكرية بالتضييق على الوطنيين والمقاومين فكانت مواجهات الاليانس وبربور والرمل العالي وقصفْ الضاحية ليقف الاخ الرئيس نبيه بري ويقول : كفى!
لسنا مكسر عصا لأحد ومن قاوم المحتل يستطيع ان يواجه ادواته!!
خاطب الجيش اللبناني ليكون الى جانب شعبه: يا جيش المالكية لا تكن جيش الضاحية الجنوبية! انتم قاومتم العدو الاسرائيلي في الحرب الأولى مع العدو وصمدتم بعد ان انسحبت الجيوش العربية وقدمتم شهداء ..كونوا كذلك ولا تقتلوا وتقصفوا شعبكم ..وانت ايها النظام الفئوي المتسلط لا تراهن على بقاء سرمدي ما دمت قائما على ظلم.
ومسلَّحا بامتيازات واهية..
سمع الجيش الوطني هذه اللغة الصادقة الملتصقة بضمير وأحلام الناس ووقف مع شعبه المنتفض على الاستبداد ..
يومها خرج الفقراء والمحرومون من بؤسهم الى بأسهم ومن حزنهم الى حزمهم.. قادتهم حركة أمل مع مخلصين شرفاء ، فكان النصر لأبناء الامام الصدر وحلفائهم كان النصر للبنان لمنطق العدالة لمنطق الدولة الني تتسع لكل ابنائها…
سقط منطق النظام الذي ينتقم من اهله وبرزت معطيات جديدة جاءت استكمالا لرؤية حركة أمل كانت نتائجها كالآتي:
-برزت حركة أمل ثورة شعبية وطنية لا تقاتل لهدف طائفي او مذهبي بل من اجل عناوين وطنية من اجل العدالة والوطن القوي ودور لبنان العربي.
لم تطرح الحركة نفسها بديلا عن الدولة، بالعكس قام الاخ الرئيس بسلسلة اتصالات ليكون الأمن بيد الشرعية.
سعت لتثبيت حضور الدولة وعناوين دورها وقامت بتقوية بث وسائل الاعلام الرسمية لتنطق باسم لبنان الواحد الموحّد.
رفضت حركة امل اغواءات واغراءات السلطة عُرض عليها نيابة رئاسة الجمهورية وغيرها فطالبت باصلاح يحفظ كل اللبنانيين.
قبل كل ذلك سقطت مفاعيل الاحتلال عبر الغاء اتفاق١٧ ايار وبروز العصر العربي المقاوم الذي اعاد الثقة للبناني بنفسه، فُتحت طريق بيروت دمشق، وتوسع فضاء المقاومة واحتضانها ودخل لبنان فعليا عصر التحرير.
بدأت المحاولات الفعلية بعد ٦ شباط للإصلاح في لوزان وجنيف والاتفاق الثلاثي في سوريا كل هذا الدفع باتجاه التغيير صنعته ٦ شباط وتضحيات الحركة وصولا الى اتفاق الطائف حين أسَرَ عون السلطة بحكومة عسكرية قال الرئيس بري يومها :نرفض انتخاب رئيس جمهورية الا على اساس اصلاحات سياسية فكانت وثيقة الوفاق الوطني في الطائف التي استُمِدت من فكر الامام الصدر وادبيات الحركة في العدالة والبعد العربي للبنان الذي هو وطن نهائي لجميع أبنائه.
برز عمل المقاومة بوتيرة لافتة صار احتضانها اكبر وقف الرئيس بري بالذكرى الأولى لثورة أمل معلنا عن اسم الاستشهادي حسن قصير متوعدا المحتل بالمزيد من الاستشهاديين، أخذت الحركة زمام المبادرة وريادة العمل المقاوم .. يئس المحتل وأشهر هزيمته عبر الانسحاب الاول قائلا نريد ان نخرج من وادي الدموع من ارض تستهلك محتليها!!
نعم ٦ شباط ثورة التغيير التي اسست للتحرير بوجه الخطرين؛الحرمان او الاهمال والاحتلال، برزت حركة أمل قوة وطنية صادقة فُتحت لها ابواب العالم كحركة تحرير وتغيير معاصرة، وما زالت هذه الحركة تقبض على جمر القيم الوطنية، تصبر، تعض على الجراح حتى لا نخسر نعمة الوطن انقذت الحركة عبر دور رئيسها لبنان من خطر السقوط اكثر من مرة ويبرز اليوم المنقذ تتطلع اليه كل جهات الوطن، لأن الهدف دائما حماية هذا الوطن الذي يستحق الحياة وقد بُذلت لأجله اغلى التضحيات..
ما زالت الحركة في السبيل نفسه لبناءالدولة القادرة والعادلة في وطن قوته في تضامن أبنائه بوجه كل خطر خصوصا الخطر الصهيوني وصنوه التكفيري
تلك كانت ثمرات ٦ شباط وبعد الكثير ، هي المحاولة الجدية الأساسية لثورة الفقراء في طريق بناء الدولة الحقيقية التي ما زلنا ننتظرها .. قال عنها النائب السابق ناصر قنديل: الثورة التي لم تنته.
ووصفها قائدها وقائد الحركة الأخ الرئيس بأنها اكبر من انتفاضة وأقل من ثورة وكتب عنها الاخ الدكتور قبلان قبلان وعن دلالاتها الوطنية من موقع المشاركة في صناعة وقائعها..
٦ شباط هي كل هذا وأكثر، وهي حلم الشهداء والمجاهدين والصادقين من أجل الوطن المرتجى على أمل ورجاء قيامته.