رنى سعرتي – الجمهورية
بين الأزمات المتعددة التي تهدّد حياة اللبنانيين يومياً، تعود الى الواجهة بين الحين والآخر أزمة الكهرباء المتشعّبة. مستجدات تلك الأزمة ان لبنان قد يغرق في العتمة يوم الاثنين مع انتهاء مدة العقد الموقّع مع الشركة التي تتولّى تشغيل وصيانة معملي دير عمار والزهراني، واللذين ينتجان 900 ميغاوات اي 55 في المئة من اجمالي الطاقة الكهربائية.
تهدّد الشركة الأميركية primesouth، التي بدأ التعاقد معها في 16 شباط 2016 ويتنهي عقدها يوم الاثنين 15 شباط 2021، بالانسحاب وتسليم معملي إنتاج الكهرباء دير عمار والزهراني لمؤسسة كهرباء لبنان التي طالبت بدورها بتمديد العمل للشركة، وحصلت على موافقة وزارتي المالية والطاقة. لكنّ الشركة الاميركية رفضت التمديد قبل دفع مستحقاتها السابقة البالغة قيمتها 45 مليون دولار، ومستحقاتها الجديدة للعام المقبل والبالغة 60 مليون دولار.
عُقدت اجتماعات عدّة في هذا الاطار بين وزير الطاقة ريمون غجر ومدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك ومسؤولين في مصرف لبنان للتوصّل الى صيغة حول كيفية تأمين مستحقات الشركة والاتفاق معها قبل يوم الاثنين المقبل وتفادي غرق البلاد في العتمة، علماً انّ الطاقة الكهربائية المنتجة من قبل معملي دير عمار والزهراني تشكل حوالى 10 ساعات من التغذية الكهربائية يومياً.
ووفقاً لما يتم التداول به فإن الكرة اليوم في ملعب مصرف لبنان الذي تنتظر وزارة الطاقة جواباً منه حول امكانية تأمين المبالغ المطلوبة بالدولار بحلول اليوم.
مصادر البنك المركزي أكدت لـ«الجمهورية» انّ مصرف لبنان يتعاون بشكل ايجابي جدّاً مع وزارة الطاقة في هذا الملف، ولا يسعى مطلقاً لأن يكون عائقاً امام حلّ أزمة الكهرباء في لبنان او التسبّب في إمكانية انقطاعها عن المواطنين، مع إدراكه التام بأنّ قطاع الكهرباء في لبنان أساسي على غرار قطاع الاتصالات أيضاً، وقد يؤدّي أي خلل فيهما الى توقف الحياة، خصوصاً في الفترة الحالية، حيث أدّى وباء كورونا الى اعتماد كافة القطاعات الاقتصادية والتربوية على الانترنت والعمل عن بعد (online learning وonline working)، لذلك يحرص مصرف لبنان على التعاون مع ملف الكهرباء الى أقصى الحدود. أمّا المسؤولون في البنك المركزي فهم على تواصل دائم مع وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، وقد عقد اجتماع الاسبوع الماضي بين الاطراف الثلاثة وكان ايجابياً، حيث طلب مصرف لبنان منهما وضع الدراسات والارقام الدقيقة حول الحاجة الاكيدة والحقيقية لـfresh dollars لعقود التشغيل والصيانة، مع التشديد على انه يعمل جاهداً لدعم قطاع الكهرباء.
واكدت المصادر انّ مصرف لبنان خلال الاجتماعات لم يُبلّغ بالمهلة الزمنية القصيرة لانتهاء عقد الشركة، علماً انّ العمل جارٍ مع وزارة الطاقة للتوصّل الى حلّ للأزمة. ولم يعلن البنك المركزي رفضه لمبدأ الدعم وتأمين السيولة، بل أكد تعاونه الكامل رغم انّ الحكومة المستقيلة لا تقوم بأي اجراءات جدّية لترشيد الدعم. وطلبَ المركزي من وزارة الطاقة وكهرباء لبنان وضع خطوات واضحة للمرحلة المقبلة وتقديم أرقام دقيقة حول المبالغ المطلوبة بعد التواصل مع الشركة الاميركية، وما زال ينتظر الردّ.
واعتبرت مصادر مصرف لبنان انّ المشلكة اليوم تكمن في انّ تركيز المؤسسات والشركات والتجار ينصَبّ الآن على مصرف لبنان حول كيفية الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الدولارات في حوزته، لذلك يطالب البنك المركزي وزارة الطاقة وغيرها من الوزارات القيام بدراسات تفصيلية حول الحاجة الأكيدة للدولارات من اجل التعاون بين كافة الاطراف على ترشيد استخدام الدولارات المتبقية بأقصى الدرجات، لتأمين استمرارية صمود البلاد في هذه المرحلة.
وفيما دعت المصادر كل الفرقاء الى تقدير ما يقوم به مصرف لبنان من ناحية دعم الدولار على سعر الصرف الرسمي بناء لطلب الحكومة، قالت انه من غير العادل للمواطنين ان يستمرّ البنك المركزي في مدّ التجار والشركات الكبرى بدولاراته المتبقية في حين انّ الشعب يخسر دولاراته.
وسألت: هل يمكن الاستمرار في هذا النهج من دون ترشيد الدعم؟