بعد تجميد التحقيقات لنحو شهرين، إثر إرتدادات دعوى “الإرتياب المَشروع”، عاود المُحقّق العدلي القاضي فادي صوّان أمس الأوّل تحقيقاته في قضيّة إنفجار مرفأ بيروت، على الرغم من أنّ محكمة التمييز لم تبتّ بعد بالدعوى المَذكورة المرفوعة، والتي من شأن قُبولها أن توقف التحقيق كليًا، لأنّه من غير المُمكن تعيين المحقّق البديل عن المُحقّق الحالي في ظلّ الخلافات والإنقسامات الحاليّة، وخاصة في ظلّ عدم وجود حكومة أصيلة وكاملة السُلطات. فهل من أمل بالوُصول إلى الحقيقة؟
بحسب مصدر قضائيّ لـ”الديار”، إنّ الإستدعاءات ليست مُتشابهة، حيث أنّ بعض الشخصيات التي طُلبت للتحقيق إستدعيت بصفة شاهد، كما حصل مثلاً مع قائد الجيش السابق جان قهوجي، بينما شخصيّات أخرى طُلبت إلى التحقيق كمُدعى عليها، على غرار وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس المَطلوب للحُضور إلى التحقيق يوم الخميس المُقبل. وتوقّع المصدر أن يكون الأسبوع المقبل حاسمًا على صعيد الإستدعاءات والتحقيقات، حيث تضمّ لائحة الأسماء المُفترض أن تخضع للتحقيق إعتبارًا من يوم الإثنين، شخصيّات عدّة، إضافة إلى الوزير فنيانوس، منها مثلاً رئيس مجلس إدارة وإستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي، والمدير الإقليمي السابق للجمارك في بيروت موسى هزيمة، والوكيل البحري لباخرة “روسوس” التي نقلت شحنة نيترات الأمونيوم مصطفى بغدادي، وغيرهم.
وكشف المصدر القضائي أنّ الأسبوع المُقبل سيشهد أيضًا مُواجهات حُضوريّة مباشرة بين عدد من الموقوفين والمَطلوبين إلى التحقيق، بينهم شخصيّات عسكريّة وأمنيّة، وذلك بسبب وجود تناقض في الإفادات التي يعمل القاضي صوّان على حلّ خفاياها.
في المُقابل، كشفت أوساط سياسيّة لـ”الديار”، أنّه بالتزامن مع مُعاودة المُحقّق العدلي تحريك ملفّ التحقيقات، جرت إتصالات بعيدة عن الأضواء، بين عدد من الشخصيّات المَطلوبة إلى التحقيق والمُستدعى عليها، وكذلك بين جهات وقوى سياسيّة تمّ توقيف شخصيّات مَحسوبة عليها منذ أشهر عدّة، وذلك تحضيرًا للإعتراض على أي إستنسابيّة في التحقيق، ولمواجهة أي مُحاولة لإستفراد بعض الشخصيّات ولتحويلها كبش فداء.
وأضافت هذه الأوساط أنّ المُعترضين على أسلوب تعامل القاضي صوّان مع مُجريات التحقيق، سيرفضون مثلاً إستدعاء أي وزير أو مدير أو مسؤول، في حال لم يتمّ إستدعاء كل الوزراء والمدراء والمسؤولين الذي شغلوا في السابق أو يشغلون حاليًا، منصبًا أو موقعًا مشابهًا، وذلك منذ لحظة وُصول شُحنة نيترات الأمونيوم إلى بيروت حتى اليوم.
وتابعت الأوساط نفسها أنّ إدانة أي مسؤول من هؤلاء بتهمة “الإهمال أو التقصير” يستوجب إدانة من كان عنده نفس المسؤولية أو نفس المهمّات أو نفس الصلاحيّات، وإلا يكون التحقيق إستنسابيًا وغير مُنصف ولا عادلاً. وقالت إنه من غير المنطقي إستدعاء أي مسؤول من الجيش أو أمن الدولة أو الجمارك أو من إدارة مرفأ بيروت أو من وزارة الأشغال أو وزارة المال أو من رئاسة السُلطة التنفيذيّة، إلخ. من دون إستدعاء كلّ المسؤولين الذين شغلوا وظائف مُشابهة على مدى السنوات السبع التي جسَمت فيها المواد المُتفجّرة في أرض المرفأ!