راجح خوري – النهار
كان من المضحك – المبكي ذلك البيان الصادر عن القصر الجمهوري، الذي جاء فيه بعد زيارة الرئيس سعد الحريري الى بعبدا، ناسياً ومتجاوزاً من موقع إحساسه بالمسؤولية وتقديمه الضرورة الوطنية على محاولات التخريب، كل الإهانات التي وجهها اليه الرئيس عون وصهره الوزير باسيل، كان فعلاً من المضحك ان يقول عون:
تبين ان الحريري لم يأتِ بأي جديد، ولكأن المسؤولية الوطنية الملحّة والضرورية حيال تشكيل الحكومة هي عند الحريري وحده، لا عند عون الذي بدوره لم ولن يأتي بأي جديد، مراهناً على سياسة إيقاع البلاد والجمهورية في الفراغ كمقدمة لابتزاز الآخرين وإرضاخهم لمراهاناته.
ربما نسينا ما سبق ان قاله عون قبل اسابيع للصحافيين ولم يرفّ له جفن، عندما سألوه: اذا لم تشكَّل الحكومة الى أين نحن سائرون؟ فردَّ بالمباشر: الى جهنم. اذاً اهلاً بكم في جهنم، التي وسّعت أبوابها يوم اتهم عون صراحة رئيس الحكومة المكلّف بأنه كذاب، وهذا أمر قد لا يكون من صناعته وهو بالتالي رأس السلطة والمسؤولية الوطنية وقيافة الدولة، بل من وشوشات بعض المحيطين به من “المستشارين”، الى صهره الوزير جبران باسيل، الذي لم يكتفِ باتهام عمه للحريري بالكذب، فقال ان الحريري غير اهل للإئتمان على المسؤولية، وحمّله كل أخطاء وخطايا الماضي القريب، رغم انه هو كان شريكاً مضارباً بها، منذ تلك التسوية السياسية البائسة التي تحولت مشروع “شركة حلبية” لأكل ما تبقى من جبنة البلد التعيس!
لم يأتِ بجديد؟
ولكن بماذا أتى عون وهو رئيس البلاد والمسؤول الأول، ام أنه لم يتردد في اتهام الحريري بالكذب في محاولة واضحة لتطفيشه واعتذاره، وهو ربما ما راهن عليه مستشارون من طينة راسبوتين، والغريب ان يكون صهره وتياره عكفا منذ ذلك الوقت، على القول لماذا لا يصعد الحريري الى بعبدا لحل الأزمة الحكومية، في ايحاء ضمني بأن كسر كرامته وتراجعه وصعوده الى بعبدا بعد اتهامه بالكذب، يمكن ان تسهّل الوصول الى حكومة وفق مواصفات عون، ليس لجهة الثلث المعطل فحسب، بل لجهة مَن يختارهم ولجهة توسيع الحكومة الى 20 وزيراً بما يسهّل ضمان هذا الثلث.
وصعد الحريري الى بعبدا رغم الإهانة واثبت انه رجل دولة حريص على الحلّ، لكنه خرج من عند عون الذي لم يأتِ هو ايضاً بجديد، ولهذا قال انه باقٍ على موقفه، وانه لا يمكن القيام بهذه المهمة إذا كان هناك من يعتقد انه اذا ضمت الحكومة سياسيين فإن المجتمع الدولي سيبدي انفتاحاً حيالنا او سيساعدنا. وقال انه شرح لعون الفرصة الذهبية المتاحة امام لبنان، اذا توصل الى تشكيل “حكومة المهمة” الإصلاحية التي اقترحها ايمانويل ماكرون في 6 آب عند زيارته الى بيروت ووافق عليها الجميع ثم انقلب البعض عليها!
الحريري يبقى عند موقفه:
حكومة من 18 وزيراً من الإختصاصيين ولا مجال لثلث معطّل، في انتظار ان يأتي عون بجديد، وخصوصاً حيال هذه الباقة الذابلة وربما الفاضحة والمعيبة من بعض الأسماء الهامشية التي عرضها الحريري قائلاً ان عون يقترحها لتولي حقائب في وزارة اختصاصيين إنقاذية، وبعض هذه الأسماء لا يصلح لإدارة حضانة من القاصرين!