السبت, نوفمبر 23
Banner

النهار : استدراج الخلاف على الحكومة إلى مناخ طائفي‎!‎

قد يكون التطور الاسوأ الذي برز في مخاض #تشكيل الحكومة في الساعات الاخيرة مواكباً ‏التصعيد والاحتدام اللذين طبعا السجالات الحادة بين بعبدا “والتيار الوطني الحر”من جهة، ‏و”تيار المستقبل” من جهة اخرى، ان هذا التصعيد بدأ ينحرف في اتجاه توظيف العصبيات ‏الطائفية بما لا يمكن معه تجاهل اخطار المغامرة بهذه اللعبة المقيتة. وبصرف النظر عن ‏المسؤوليات والتبعات التي سيتحملها اي فريق او جهة او تحالف سياسي وحزبي في ‏الانجراف نحو العبث بالفتائل الطائفية تحت وطأة الانسداد الآخذ بالاشتداد في مسار ‏تشكيل، بل تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، فان مجريات الأمور في الساعات الاخيرة بدت ‏كانها تنذر بتفلت خطير نحو اثارة العصبيات والتلاوين الطائفية والمذهبية للضغط في ‏اتجاه رد متعدد القوى ظاهرا على المواقف التي اعلنها رئيس الحكومة المكلف سعد ‏الحريري الاحد الماضي وتاليا فرض تعديلات جذرية على تشكيلته الحكومية من خلال ‏استحضار مطالب ذات طابع طائفي من شانها ان تخرج التشكيلة عن أطرها الاساسية ‏تماما‎.‎

‎ ‎ووسط تراجع كبير في مستوى الحركة السياسية الداخلية، بدا معها المشهد الداخلي متروكا ‏للاحتدامات التي تطبع السجالات الإعلامية فقط من دون اي محاولات او مبادرات بعدما ‏سقطت تباعا بفعل قرار واضح بتعطيل ولادة الحكومة الجديدة، بدأت معالم التصعيد ‏الجديدة باستحضار مسألة التمثيل الدرزي مجددا عبر تجمع حلفاء العهد و”حزب الله ” في ‏لقاء عقد امس في دارة النائب طلال ارسلان في خلدة وبدا في خلفيته الواضحة ردا على ‏التنسيق والموقف المتقارب من ملف تشكيل الحكومة بين الرئيس الحريري والزعيم ‏الاشتراكي وليد جنبلاط، كما عكس الرد الذي اختاره العهد وحلفاؤه على هجوم جنبلاط الأخير ‏على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل داعيا ‏الرئيس الى “الانتحار وحده”. واذا كان تجمع خلدة عاد الى طرح مطلب تمثيله في الحكومة ‏رافعا لواء مظلومية تمثيل الدروز في الحكومة، فان هذا التطور لم يحجب في المقابل ‏اشتداد وطأة السجالات والحملات الحادة التي توالى اشتعالها لليوم الثالث بين “التيار ‏الوطني الحر” ونواب وناشطين من كتلة و”تيار المستقبل” وأخذت في بعض جوانبها طابعا ‏طائفيا خصوصا مع إمعان الحملات على الحريري في تصوير الخلاف السياسي كأنه قضم ‏لصلاحيات رئيس الجمهورية وحقوق المسيحيين. وعلم في هذا السياق ان بعض الجهات ‏السياسية غير البعيدة عن العهد وتياره تحركت في اتصالات بعيدة من الأضواء للضغط ‏على مسؤولي التيار العوني لحملهم على وقف هذه الحملات وحصر الخلاف في إطاره ‏السياسي حول الحكومة او غيرها لان تجاوز الإطار الحكومي للازمة بات ينذر بتداعيات ‏خطيرة لا يقبل بها اي فريق حتى لو كان ممن يوافقون او يفهمون موقف بعبدا من ‏الحكومة‎.‎

‎ ‎في المقابل فان الرئيس الحريري اوعز الى جميع نواب كتلة المستقبل والمسؤولين في تيار ‏المستقبل بضرورة قطع الطريق على محاولات استدراج البلاد الى مناخات طائفية عبر ‏تصعيد السجالات ذات الطابع التعبوي المثير للعصبيات. وفي هذا السياق كتب المستشار ‏الإعلامي للحريري حسين الوجه مساء امس عبر تويتر ان “الرئيس الحريري يتمنى على ‏الزملاء النواب في كتلة المستقبل والأخوة والأخوات في تيار المستقبل عدم الانجرار ‏للسجال الكلامي ردا على الحملات التي تستهدفه”. واضاف: هناك فريق سياسي يريد ‏استفزاز المستقبل وجمهور واسع من ال#لبنانيين ويلجأ الى التعبئة الطائفية لتحقيق ‏أهدافه الخاصة ولن يكون مفيدا مجاراته بأعماله وخطابه السياسي وتأليب اللبنانيين على ‏بعضهم البعض. انهم يلهثون وراء اشتباك إسلامي مسيحي ولن يحصلوا على هذه الفرصة ‏مهما اشتدت حملات التحريض واثارة الضغينة بين ابناء الوطن الواحد‎”.‎

‎ ‎في المقابل صعد “تكتل لبنان القوي” برئاسة النائب جبران باسيل حملته على الرئيس ‏المكلف متهما اياه بالعمل على تهميش رئيس الجمهورية وإذ دعا التكتل الحريري الى ما ‏سماه العودة الى روح الميثاق والدستور اعتبر “ان ما صدر عن الحريري من مواقف يشكل ‏انتكاسة للميثاق الوطني والشراكة السياسية المتوازنة وان الإشارة الى موضوع العدد مهما ‏تم تغليفه يعكس نية بتمنين المسيحيين بالمناصفة وتذكيرهم بانها شكلية وليست حقيقية”. ‏وسأل التكتل “هل الوقت الان لتهميش رئيس الجمهورية دستوريا وما يمثل في عملية ‏تكوين السلطة؟‎”.‎

‎ ‎وسبق ذلك ان رفع لقاء خلدة صوته منددا بما سماه ايضا “التعدي الحاصل على حق الدروز ‏من خلال الإجحاف في تمثيلهم في الحكومة وان التحجج بحكومة الاختصاصيين لا يمت ‏بصلة الى الميثاقية‎ “.‎

‎ ‎ويشار في هذا السياق الى ان الرئيس الحريري سيتوجه في الساعات المقبلة الى قطر في ‏محطة جديدة من محطات تحركه الخارجي عربيا ودوليا في هذه المرحلة علما ان معلومات ‏اشارت الى انه سيقوم بجولة أوروبية بعد زيارته الدوحة‎.‎

‎ ‎نصرالله

وسط هذه الأجواء اتسم موقف الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في كلمته ‏مساء امس من الموضوع الحكومي بالتهدئة والمرونة اذ اعتبر ان الجميع يريدون تشكيل ‏الحكومة وليس هناك من لا يريد تشكيلها “ولكن لا يجوز ان نبقى ننتظر الضغوط من ‏الخارج لتشكيلها كما لا يجوز وضع الزيت على النار واعتماد السقوف العالية العلنية التي ‏تعقد الموضوع”. وإذ رأى انه “من غير المنصف تحميل فخامة الرئيس مسؤولية هذا الامر ‏وحده لفت الى انه يتفهم موقف الرئيس المكلف من وزارة الداخلية مثلا كما يتفهم موقفه ‏من موضوع ان يحظى حزب واحد بالثلث المعطل ولكن ما لا نفهمه هو الإصرار على ‏حكومة من 18 فلماذا لا تكون 20 او 22 وزيرا لنفتح الباب على المعالجات ” وتمنى اعادة ‏النظر في هذه النقطة مما يشكل مدخلا الى المعالجات الممكنة. ورد نصرالله في كلمته ‏على الدعوة الى التدويل من دون ان يسمي البطريرك الماروني مؤكدا رفضه لهذا الطرح ‏ومعتبراً انه للاستقواء على بعض اللبنانيين‎.‎

Leave A Reply