جاء في صحيفة الديار : بات واضحاً أن مسار تشكيل الحكومة العتيدة مرتبط بعوامل داخلية أكثر مما هي خارجية، حيث يخوض الافرقاء المتصارعين من خلال عملية تأليف الحكومة المعركة الرئاسية القادمة ومن يمسك بخيوط القرار الداخلي لحكومة قد تواجه فراغ رئاسي وتمديد للمجلس النيابي. يبدو واضحاً أيضاً أن المرحلة القادمة ما لم يحصل “عجيبة” سوف يكون عنوانها المزيد من الانهيار المعيشي والاقتصادي والنقدي مع اقتراب الدولار الاميركي من تخطي عتبة ال 10 آلاف ليرة لبنانية في السوق الموازية. وبما أن الأمور ذاهبة الى مزيد من التأزم والانهيار فلا بد أن يتحرك الشارع من جديد وبشكل أقوى وأعنف مما حصل سابقاً، حيث يتوقع أن لا تكون نقطة الانطلاق أقل مما حصل في طرابلس من هجوم على مؤسسات ومباني ترمز الى هيبة الدولة وحضورها. وفي هذا الاطار من المرجح أن تدخل السلطة بأجنحتها المتنوعة لمحاولة توجيه الغضب الشعبي نحو من تعتبرهم خصومها أو المسؤولين عن افشالها. وتعتمد السلطة على الفلسفة القائمة أنه اذا لم يكن بمقدورك ايقاف النهر عن التدفق فبالامكان التحكم بمجراه عبر تغيير مساره وتصويبه بالاتجاه الذي تريده.
لذا من المتوقع عندما يبدأ ترشيد الدعم بشكل جدي وبظل الصعود الكبير للدولار الأميركي مقابل الليرة، أن تنفجر من جديد انتفاضة شعبية في وجه السلطة عامةً. غير أن ما سيحاول فعله البعض من هذه السلطة ويالأخص فريق العهد والتيار الوطني الحر، توجيه غضب الناس على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (والذي بالطبع يتحمل جزء من المسؤولية عما وصلنا اليه) عبر وضع اللوم لِما يحصل نقدياً ومعيشياً على سياسات وقرارات مصرف لبنان بشخص رياض سلامة. أما الخطة الثانية، وتقتضي بوضع قوى الأمن الداخلي بوجه المتظاهرين ليقال أن المؤسسة الأمنية التي للحريري نفوذ كبير فيها عبر مديرها العام اللواء عماد عثمان تقمع الشعب بينما يتم ابعاد الجيش اللبناني والذي يتأثر بشكل كبير بنفوذ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتياره واستعماله بالحد الادنى في الوقوف في وجه المتظاهرين. وبهذه الطريقة يكون العهد والتيار تمكنوا من توجيه الغضب الشعبي على خصومهم وعلى جزء ممن يعتبرونهم سبباً في افشال مسيرة العهد.
من الجهة الأخرى، وفي حال قيام انتفاضة جديدة نتيجة الأوضاع الكارثية، يتوقع ان يصطف كل من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعحع في تحالف واسع، بعضه يدعم الحراك علناً والبعض الآخر سراً، ويكون الهدف الضغط على الرئيس عون للإستقالة والرحيل باكراً ما سوف يرفضه عون بشكل قاطع وسيلاقيه بهذا الرفض حزب الله، كما سترفض بكركي رحيل عون قبل انتهاء ولايته ليس من باب دعم النهج السياسي لعون بل من باب حماية المركز المسيحي الأول في الدولة اللبنانية.
الحكومة: بين الثلث المعطل والاستقواء بالخارج
كان جلياً بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من جولته التي شملت الامارات وباريس أن الأخير تسلح بزياراته الخارجية وحصل على دعمها لوجهة نظره والتشكيلة الحكومية التي كان قد قدمها للرئيس عون سابقاً، ما جعله يعيد التأكيد على التشكيلة الحكومية نفسها. من جهة أخرى، رغم كل ما يحكى عن أن بعبدا لا تسعى الى الثلث المعطل، غير أن كل طروحات بعبدا تؤكد على انها تسعى جاهدةً للحصول عليه، تارةً عبر المطالبة بعدم احتساب الوزير الأرمني من حصة رئيس الجمهورية حيث يريد عون ان يكون له ست وزراء اضافة الى الوزير الأرمني ليصبح العدد 7 وزراء في حكومة الـ 18، وتارةً عبر المطالبة بتوسيع الحكومة الى 20 او 22 مقعد لادخال وزير من حصة النائب طلال ارسلان الى الحكومة، وهذا ما اكد عليه لقاء خلده حيث بدت واضحة أصابع النائب جبران باسيل فيه،وبالتالي الحصول ايضاً على الثلث المعطل. اذًاً”التشكيلة”تراوح مكانها نتيجة تذاكي فريق بعبدا للحصول على الثلث المعطل واستقواء فريق بيت الوسط بالخارج لفرض تشكيلته. وعلى هذا الصدام فشلت حتى الان كل المحاولات الداخلية لتقريب وجهات النظر بين الفريقين، بدأً من مبادرة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وصولاً الى مساعي كل من حزب الله ومدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
مسؤول رفيع للديار: الضغوط الفرنسية تبدأ بعد زيارة ماكرون للرياض
وعلى وقع هذا المشهد المتأزم حكومياً، كشف مسؤول رفيع للديار، أن الأمور غير متروكة، والفرنسيين سوف يمارسون ضغوطاً كبيرة قريباً، وبالأخص بعد زيارة ماكرون للرياض ولقائه المرتقب مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان، حيث يعول الفرنسيين على انتزاع موقف داعم لحكومة المهمة وتسهيل عمل الحريري خاصةً بما يتعلق بالوزراء المحسوبين على حزب الله في الحكومة القادمة. وأضاف المسؤول الرفيع للديار، الفرنسيون لم يتركوا بت الساحة اللبنانية للفوضى، فبصماتهم موجودة في كثير من المبادرات وآخرها زيارة الحريري لقصر بعبدا رغم أن الرئيس المكلف لم يكن يريد القيام بها لولا طلب واصرار الرئيس ماكرون بان يزور رئيس الجمهورية ويعرض معه الملف الحكومي.
نصرالله طرح الحل.. فهل يتعظ باسيل والحريري؟
في خطابه الأخير أفسح أمين عام حزب الله الســيد حسن نصرالله المجال لتسوية العقدة الحكومية على قاعدة “لا ثلث معطل لأحد مقابل توسيع حكومة ال 18 وزير” ليتم تمثيل كافة القوى السياسية وخاصةً الوزير طلال ارسلان كي يصار الى حل العقدة الدرزية. ومن المقرر اليوم أن يلقي النائب جبران باسيل كلمة يتناول فيها المستجدات الحكومية والسياسية في لبنان. فهل يقتنص باسيل الفرصة لملاقاة حليفه حزب الله بالحل الذي طرحه السيد نصرالله أم ينضم الى قافلة التصعيد الكلامي والسياسي بعيدأ عن المصلحة اللبنانية العليا بتشكيل حكومة سريعاً لانقاذ الوضع. وفي سياق متصل، رأت مصادر مقربة من الحريري أن الأخير يصر على حكومة ال 18 وزير في اشارة واضحة على رفض طرح نصرالله بزيادة عدد الحكومة، غير انها رحبت برفض نصرالله اعطاء اي حزب سياسي بمفرده الثلث المعطل. بالخلاصة وحتى اثبات العكس في حال اتى كلام باسيل اليوم غير مسـتـفزبل عقلاني ومنفتح على الحلول، لا يلوح بالافق اي خرق حكومي من القوى اللبنانية المعنية بالتأليف ولا تزال العقد الحكومية على الشـكل اللآتي:
1ـ عقدة التمثيل الدرزي عبر تمثيل كتلة النائب طلال ارسلان بوزير درزي ثانٍ داخل الحكومة.
2ـ عقدة التمثيل المسيحي وطلب الرئيس عون عدم احتساب الوزير الارمني من حصته ما يعطيه 7 وزراء، مقابل رفض الحريري لذلك.
3ـ عدم قبول حزب الله بالاسماء التي طرحها الحريري في تشكيلته للحصة الشيعية واعتبرها مــن حصة الحزب وهي مايا دباغ وابراهيم شـحرور.
4ـ اصرار الحريري حتى الآن على حكومة ال 18 وزير ورفضه زيادة عددها الى 20 او 22.
اتصالات ماكرون والخط الساخن مع بايدن
هذا وكشفت مصادر مطلعة عن اتصالات مكثفة يقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على عدة محاور، حيث تؤكد المصادر وجود اتصالات بين فريق ماكرون الرئاسي والايرانيين تشمل لبنان اضافة الى التحضيرات لزيارة الرئيس الفرنسي للسعودية والامارات. كما كشفت المصادر عن خط اتصال ساخن و”شغال” بشكل دائم بين مستشاري ماكرون ومستشاري الرئيس الاميركي جو بايدن لبحث قضايا المنطقة حيث يتضمن لبنان الذي يحظى بجزء لا بأس به من حجم هذه الاتصالات، وان الفرنسيين يحضرون لضغوط كبيرة ستحصل على الساحة اللبنانية لتليين مواقف الاطراف المعرقلة لتشكيل الحكومة وبالأخص الرئيس عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
عودة البخاري الى بيروت
وفي سياق متصل بالملف الحكومي، توقفت مصادر مطلعة عند معاني قيام سفير المملكة العربية السعودية في لبنان بعدد كبير من الزيارات دون أن تشمل زياراته الرئيس المكلف سعد الحريري، معتبرة أن ذلك يمثل احد اهم العقد التي تقف امام تشكيل الحريري للحكومة اذا ان الاخير غير قادر على المضي قدما في ملف التشكيل دون الحصول على غطاء سعودي وبالتالي خليجي نظراً للوزن السياسي للسعودية في تحديد السياسة الخارجية لمعظم دول الخليج العربي.
دور ايجابي لدولة قطر
وعلى صعيد متصل أيضاً، دخلت دولة قطر على خط المساعي الايجابية لحلحلة العقدة الحكومية اللبنانية، حيث تقوم قطر باتصلات مكثفة مـع ايـران وفرنسا والولايات المتحدة من أجل ترتيب الوضع اللبناني والمساعدة في الخروج من الأزمة الحالية.
القاضي بيطار يتسلم مهامه
اما في قضية انفجار المرفأ، وبعد تنحية القاضي صوان كمحقق عدلي، توجه صباح أمس المحقق العدلي الجديد في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار الى مكتبه في قصر العدل في بيروت، للإطلاع على الملف تمهيدا للبدء بمتابعة التحقيقات.
إشارة الى أن القاضي البيطار لن يتنحى عن متابعة الملفات التي كانت بين يديه كرئيس لهيئة محكمة الجنايات في بيروت.