غسان ريفي – سفير الشمال
يضع المعنيون بتشكيل الحكومة أنفسهم تحت تأثير ″تهيؤات″ يستخدمونها ″شماعة″ لتعليق فشلهم الناتج عن خلافاتهم عليها، تارة بربط عملية التأليف بإنتهاء عهد دونالد ترامب، وتارة أخرى بإنتظار دخول الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن الى البيت الأبيض، وطورا بالمفاوضات الأميركية ـ الايرانية، وربما يمتد الأمر الى الانتخابات السورية ومن ثم الانتخابات الايرانية، لكن أحدا منهم يعجز عن مصارحة اللبنانيين بأن ″التوك″ منهم وهو عائد الى مصالح كل فريق والى إلتزاماته المحلية والاقليمية.
مع فشل اللقاء الـ 16 بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري وتأكيد مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بأن “الرئيس المكلف لم يأت بجديد”، ورد الحريري العنيف وكشفه المستور في خطاب ذكرى 14 شباط، بدأ نواب وقيادات “التيار الوطني الحر” يروجون لـ”سراب” مبادرة روسية أعلن بضعهم عبر وسائل الاعلام أنها ستبدأ في شهر آذار المقبل وهي ستقدم طروحات أكثر قابلية للحل المنشود.
اللافت، أن المبادرة الروسية غير موجودة إلا في فكر “العونيين” الذين يفتشون عن أي طرح يمكن أن يحل مكان المبادرة الفرنسية التي يرونها منذ البداية أنها لا تصب في مصلحة العهد، وفي مصلحة رئيس تيارهم جبران باسيل.
تقول المعلومات: إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقبل إعلان مبادرته أجرى إتصالا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وطلب منه الدعم وقد وعده بوتين بذلك، وهو كان أقنع الرئيس دونالد ترامب على مضض بها، ثم كان التواصل الفرنسي ـ اللبناني عبر وزير الخارجية جان إيف لودريان ومن ثم عبر زيارتين لماكرون الذي وجد صعوبات جمّة في ترجمة مبادرته، سواء بفعل الشغب الأميركي المتمثل بفرض العقوبات على كل من علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، ومن ثم على جبران باسيل، أو من خلال المصالح الداخلية المتشابكة إقليميا من إيران الى السعودية.
ومع تعثر أو فشل المبادرة الفرنسية لم يعد أحد يجرؤ على التقدم بمبادرة أخرى، بل إن الجميع وفي مقدمتهم الادارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن وروسيا ما زالوا على إلتزامهم بالمبادرة الفرنسية التي تنتظر زيارة ماكرون الى المملكة العربية السعودية ولقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليبنى على الشيء مقتضاه، خصوصا أنه بات معلوما أن الحريري لن يشكل حكومة من دون رضى سعودي أو غض نظر على أقل تقدير، وهو الأمر الذي سيسعى ماكرون الى الحصول عليه في زيارته المرتقبة، علما أن لقاء الحريري مع ولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد قد يساعد على تسهيل مهمة ماكرون السعودية.
كل ذلك يؤكد أن “لا مبادرة روسية ولا من يحزنون”، وأن المسؤولين الروس إستقبلوا النائب السابق أمل أبو زيد موفدا من الرئيس عون وهو طلب منهم ممارسة ضغط على الرئيس الحريري للرضوخ لشروط عون، كما إستقبلوا المستشار جورج شعبان موفدا من الحريري وطلب منهم الضغط على عون لتوقيع مرسوم الحكومة التي قدم الحريري تشكيلتها، لكن الموفدان سمعا من الروس كلاما عاما مفاده بأننا “نحرص على لبنان وعلى تشكيل حكومة تكون قادرة على إنقاذ الاقتصاد المنهار”، ولم يتم التطرق الى أي مبادرة روسية أو أي شيء من هذا القبيل.
يقول عارفون بالشأن الروسي: “إن روسيا لن تضغط على أحد في لبنان، ولن تدخل طرفا مع جهة ضد جهة ثانية، بل تلتزم بتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء، وتلتزم بدعم المبادرة الفرنسية الى حين ترجمتها بإيجابية أو إعلان أصحابها إنتهاء مفاعيلها”.
في غضون ذلك، تتجه الأنظار غدا الى المؤتمر الصحافي للنائب جبران باسيل، واللغة التي سيتحدث بها، في ظل معلومات تقول بأنه قد يلاقي رغبة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالبقاء ضمن السقف السياسي، الأمر الذي ربما يمنح طرح نصرالله بكسر التمسك بالثلث المعطل وكسر التمسك بـ 18 وزيرا قدرة على تفعيل النقاش مجددا حول تأليف الحكومة بإنتظار موقف الحريري الذي يتطلع الى ضوء أخضر سعودي.