جاء في صحيفة ” الأخبار ” : ادّعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على 35 مدعى عليه من متظاهري طرابلس بموجب مادتين معلّقتين قانوناً (لا يُعمل بهما) مع مواد أخرى خارجة عن صلاحيته، كتحقير رئيس الجمهورية، وأحالهم على قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل. غير أنّ باسيل، وقبل أن يُنهي الاستجواب، اكتشف الخطأ، فأحاله على النيابة العامة العسكرية لتصحيحه. لكن الأخيرة أعادته مع ادعاء مشدّد بجرائم الإرهاب وجناية السرقة، ضد جميع الموقوفين. القاضي فادي عقيقي صحّح خطأه بخطيئة
المتظاهرون في طرابلس ليسوا إرهابيين. مهما كيل من اتهامات ضدّهم، فإنّها لن تُظهرهم بما ليسوا عليه. ورغم ادعاء مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على 35 مدعى عليهم بجريمة الإرهاب، وهي وصمةٌ يريد القاضي فادي عقيقي إسقاطها لترهيب باقي المتظاهرين، مع أنّه لم يكتف بها، بل أضاف إليها تهمة جناية السرقة بحق جميع المتظاهرين، لكنه لن ينجح في تكريسها. وهذا الادعاء بغوغائيته يُشكّل تطوراً خطيراً في قمع الاحتجاجات الاجتماعية ويتجاوز الخطوط الحمر للحريات العامة.
كان الموقوفون يخضعون للاستجواب قبل أن يرتكب عقيقي خطأً ناجماً عن جهل تام بالقانون، بحسب وصف أحد المحامين، عبر ادّعائه على جميع الموقوفين بموجب المادتين 309 و 310 من قانون العقوبات المتعلقتين بتشكيل عصابات، علماً بأنّ القانون يُعلّق بصورة مؤقتة تطبيق المواد من 308 إلى 315 من قانون العقوبات. ادعى القاضي عقيقي بموجب هاتين المادتين، على الرغم من أنهما من المواد المعلّقة بحسب القانون، وأحال الملف مع الموقوفين إلى قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل. كان هناك 24 موقوفاً في الملف (من أصل 35 مدعى عليهم)، استجوب باسيل 23 منهم ما عدا الأخير لكونه مصاباً بكورونا ليترك ستة موقوفين بسند إقامة. وبعد انتهائه من الاستجواب، تنبّه قاضي التحقيق إلى الخطأ في الادعاء، ومع أنّه لم ينه استجواب الموقوفين، أعاد الملف إلى النيابة العامة العسكرية لتصحيح الخطأ بالادعاء. غير أنّ النيابة العامة ردّت الملف بعد تصحيح الخطأ، كمن يقوم بإجراء انتقامي، بحيث شدّدت الادعاء وتوسّعت به بموجب المادة 335 من قانون العقوبات (تشكيل جمعية أشرار)، معطوفة على المادتين الخامسة والسادسة من قانون الإرهاب التي تصل عقوبتها القصوى إلى الإعدام. ليس هذا فحسب، بل أضاف إليها جناية المادة 638 من قانون العقوبات المتعلّقة بالسرقة على خلفية قيام أحد الموقوفين بسرقة بوّابة حديدية من السرايا حيث باعها لبائع خُردة. هذا الفعل اعتُبر جناية. واللافت أن عقيقي لم يُميّز بين موقوفٍ وآخر، بل شمل الجميع.
الوصي على القانون ارتكب عدة مخالفات. ادعى بموجب مواد قانونية معلق العمل فيها، مع أن واجبه الاطلاع قبل الادعاء. كما أنّه اعتبر أفعال جميع الموقوفين متساوية ومشمولة بأوصاف الإرهاب والسرقة، مع أنّ واجبه كان يفرض عليه إن كان قد قرر الادعاء على 35 شخصا أن يُحدِّد من منهم ارتكب جرم الإرهاب ومَن منهم ارتكب جرم السرقة. هكذا بات جميع المتظاهرين الموقوفين متهمين بجرم الإرهاب والسرقة.
في هذا السياق، يقول المحامي مازن حطيط لـ “الأخبار”، وهو أحد المحامين المكلّفين من نقابة المحامين في بيروت بالدفاع عن الموقوفين: “هذه المرة الأولى التي نصادف حادثة كهذه منذ العام 2015، تاريخ بدء متابعة هذه الملفات”. حطيط الذي يستغرب عدم اطلاع مفوّض الحكومة على القوانين يؤكد لـ”الأخبار”: “لقد دأب مفوّض الحكومة على الادعاء بشكل عشوائي على الموقوفين من دون الرجوع الى النصوص القانونية المرعية الإجراء”، معتبراً أنّ “ما حصل محاولة لشيطنة أي تحركات مطلبية مستقبلاً، بالرغم من أن النيابة العامة العسكرية لم تتحرك، مثلاً، بعد حادثة الليلكي الاخيرة، التي ذهب ضحيتها قتيل، واستُخدمت فيها قذائف آر بي جي”. وأضاف حطيط قائلاً: “جرم جناية السرقة الذي عاود القاضي عقيقي الادعاء بموجبه يخرج عن صلاحية المحكمة العسكرية”، معتبراً أنّ “من الواضح استشعار مفوّض الحكومة أنّ قاضي التحقيق كان يتجه لترك الموقوفين، ما دفعه إلى التشدد بالادعاء الجديد، خاصة أنه لم تبرز معطيات جديدة في الملف تجيز له ذلك”.
تجدر الإشارة إلى أنّ مواد الادعاء التي ادُّعي فيها، إضافة إلى الإرهاب، هي محاولة القتل وإضرام النار (المادة 587) وتشكيل عصابات مسلحة (المادة 309-310) ومعاملة قوى الأمن بالشدة (المادة 381) والمشاركة في تظاهرات شغب (المادة 345-346) وأعمال التخريب (المادة 730-751) وتحقير رئيس الجمهورية (المادة 384).