الجمعة, نوفمبر 29
Banner

كفردونين.. تجمع بين أصالة الماضي وجمال الحاضر

تحقيق بتول بركات

ــــــــــــــــــــــــــــ

كفردونين بلدة تقع في جنوب لبنان حيث العزّة والإيباء، وبعنوان آخر هي “الإنفتاح الثقافي” لأنّها حضنت كل رموز الثّقافة من فن وعلوم في ظروف الحرب على أبناء الوطن.

تسميات عديدة أطلقت على كفردونين، “قرية الحمام” أو “قرية الحكّام” وتعود جذور هذه التّسمية لأنّه كان فيها منذ القدم داراً للقضاء وتسمية حمام نظراً للعدل والعلو.

تقع كفردونين على تلّة تسمّى مسرقين أو أبو سريقة حيث تكثر الآثار الطّبيعية مثل مغارة “ضهر المغارة” ومغارة “جل الزغلول”، ومشهورة بغزارة المياه الجوفية خاصّة في منطقة عين التّينة والتي تقع جنوب البلدة، وتمتد هذه المياه الى وادي جيلو. تحيطها عدة تلال وجبال، تغطَيها أشجار الزّيتون والصّنوبر والتي تنثر النّسيم العليل فيها، ويعد موقعها الجغرافي مميّزاً لأنّها مطلّة على باقي القرى المجاورة من كل جهاتها.

تعود قرية كفردونين الى قضاء بنت جبيل في محافظة النّبطية وتبعد 102 كلم عن بيروت عاصمة لبنان وترتفع عن سطح البحر حوالي ٥٨٠ م وتبلغ مساحتها 763 هكتاراً أي 4.2 كلم² ، أبرز القرى المحاذية لكفردونين هي بلدة الشّهابية غرباً ومن الشّرق خربة سلم ومن الشّمال ديركيفا وجنوباً ديرانطار.

تعرف البلدة أنّها مصيفاً يقصدها أبناؤها المغتربون والقانطون في بيروت، وبالتّالي يصل عدد سكّانها صيفاً الى 7000 بين مغترب وإبن مدينة وسكّان البلدة، وشتاءاً إلى 2500 شخصاً.

يعمل أبناء البلدة بمجالات عدة في المرفأ وزراعة التّبغ، لكنهم يركزون على الوظيفة إذ تكثر فيها نسبة المتعلّمين حيث تخرّج سنوياً طلاب شهادة رسمية وطلاب شهادة جامعية.

يتميّز أهالي كفردونين بلين الطّباع في التّعامل مع الغير فهم يرحّبون بالغريب دائماً.

وفيها من العائلات: بركات، حمّود، فقيه، حريري، يتيم، نظام، شومان، زيتون، قاسم، عواضة، دكروب، عسّاف، بزّون، صبح.

تصنّف أراضي كفردونين على أنّها زراعية وتمتاز تربتها بالخصوبة وبمقاومتها للجفاف صيفاً إذ تعتمد على إكتفائها الذّاتي لتأمين لقمة العيش من زراعة التّبغ، ففي موسم زراعة التّبغ ترى البلدة تمتلئ حقولها بالمزارعين، ويسيطر على البلدة المناخ المتوسطي، وهناك 60% منها مساحة خضراء مما يسمح لسكّانها بالتّنزه فيها خصوصاً في منطقة السّهلة والتي تعتبر مكاناً فسيحاً يشرف على القرى المجاورة للبلدة.

رئيس بلدية كفردونين المهندس فادي بركات

أكّد على إنجاز الكثير من المشاريع التي يحتاجها أهل البلدة مثل: إنشاء بئر إرتوازي يساهم في إيصال المياه الى جميع البيوت وري الأراضي الزّراعية، تزويد البيوت بالكهرباء، إنشاء حديقة عامّة ومبنى بلدي وطرقات وملعب ميني فوتبول..

ولفت الى أن المجلس البلدي يتألف من 15 عضواً: فادي فياض بركات رئيساً، حسن نظام نائباً للرئيس، وأحمد محمد حمود أميناً للسر.

وتابع: تضم البلدة مسجد الضيعة: الأساسي في الساحة العامة، مسجد السهل، النادي الحسيني للرجال، النادي الحسيني للنساء، مركز بلدية كفردونين، مستوصف بلدية كفردونين يداوم فيه اطباء صحة وجلد وقلب وغيرهم إضافة إلى عيادة طب الأسنان، مركز نادي كفردونين الرياضي الإجتماعي وفيه ملعب كرة سلة وكرة يد، حديقة الساحة (بلدية كفردونين)، المدرسة الرسمية وفيها صفوف لغاية الأول متوسط، ملعب كفردونين البلدي (بلدية كفردونين) لكرة القدم.

كما كان للفنّ حكاية أخرى في كفردونين، ففي القدم كانت كفردونين قرية الزّجل والعزف على المجوز وكان يزورها الفنّانون، أمّا اليوم فقد شهدت السّاحة العامّة حلقات الدّبكة والأمسيات الشّعرية.

قدّمت هذه القرية الجنوبية عدداً من الشهداء لحماية الوطن من الاحتلال الإسرائيلي والتكفيريين منهم الشّهيد هيثم فقيه والذي استشهد سنة 1999 اثر غارة والشهيد محمود بركات، والشّهيد محمد حسين بركات الذي اسشتهد في القصير سنة 2013، حيث سيبقون هؤلاء رمزاً وفخراً لأهالي البلدة وللوطن الحبيب.

يؤكد شبّان البلدة على حبّهم لقريتهم وأنّ المشاريع الموجودة فيها هي أنيسهم وأن جوّها مميّز على الرّغم من قلّة السّكان فيها، مرحّبين بوجود الجميع فيها.

وفي لقاء لموقع صوت الفرح مع أمين سر البلدية أحمد حمود تحدث عن أحد أهم الإنجازات التي حقّقها المجلس البلدي في كفردونين، ألا وهو مشروع تأمين الكهرباء في البلدة 24/24، قائلاً أن فكرة المشروع بدأت في العام 2013 حيث تمّت رؤية مشاريع مماثلة وأجريت دراسة حول الأمر من أجل الإستفادة من الإيجابيات وتخطّي السّلبيّات، وفي أول حزيران عام 2013 تمّت الموافقة على المشروع حيث إنكبّ فريق العمل على إعداد الدراسات التفصيلية ومراجعة الخبراء المختصّين كل في مجال عمله.

ورأى أن تلك الفترة كانت مضينة جداً بسبب ضخامة حجم الموضوع. وقد تمّ تمويل المشروع من خلال حملة جمع تبرّعات من أهالي البلدة في بيروت والقرية حيث جمع مبلغاً جيّداً، بمساهمة لافتة من اتحاد بلديّات القلعة، لتبقى كفردونين منيرة بأهلها وأحبّائها وسكّانها، متمنياً لهم المزيد من التّقدّم والتطوّر وتنفيذ المشاريع الإنمائية.

أديب حمزة من سكان بلدة كفردونين ويملك محلاً فيها وقد مضى على سكنه هناك سنوات طويلة جعلته يتقرّب من سكان البلدة ليصبحوا أصدقاء وأهلاً له.

يذكر لنا حادثة سرقة محله كيف تحرّكت نخوة أهل كفردونين لمساعدته وإخراجه من مأزقه التي سبب له خسارة، وحتى اليوم لا يعرف كيف يرد جميلهم، وهذه أقل صفة يتسم بها أهالي البلدة.

الحاج أبو حسين والحاجة أم حسين بركات هما من كبار بلدة كفردونين يصفان جمال البلدة وطبيعتها الكريمة والمعطاءة، واعتماد سكانها على الزراعة والأرض، ويقوم المزارعون بمساندة بعضهم البعض عبر زراعة الدخان وحصاد القمح.

وتحدثا عن تربيتهما لأربعة عشر ولداً وتعليمهم في المدارس رغم اعتمادهما على الإنتاج الزراعي فقط، ولفتا إلى أن بلدة كفردونين تعرّضت لأضرار كبيرة خلال حرب تموز، فبقيا في البلدة لمساعدة أهلها ودعمهم من منتوجاتهم الخاصة من أجل تخطي هذه المرحلة الصعبة.

الحاج يحيى بركات أكبر رجل في القرية وقد شهد أربعة أجيال، عمل في بيروت وسافر الى الكثير من البلدان لكنه لم يجد أجمل من بلدة كفردونين، معتبراً أن الارض هي الأساس ومن لا يملك أرضاً لا يملك كرامة.

وأضاء على بعض الأحداث المفرحة والمحزنة التي شهدتها كفردونين، بدءاً بحفلات الطّرب وحلقات الزجل والدبكة، وأخيراً قوافل الشّهداء الذين زيّنوا القرية ورفعوا رؤوس أهل القرية عالياً.

وقال: “عمري صار 102 وأقول لأولادي وأحفادي وكل من قصدني كفردونين منبع حضارة وأهلها أولاد أصول وأوصي الجميع من كفردونين بالحفاظ على الأرض ليحيا الوطن”.

وتبقى كفردونين رمز الكرم والبيت الحاضن لكل ضيف يقصدها، هي أرض الكفاح التي لطالما تصدّت للعدوان بعنفوان أبنائها وصمود سكّانها والتي تجمع بين طياتها أصالة الماضي وحضارة اليوم الجميل.

Leave A Reply