الأحد, نوفمبر 24
Banner

عيناثا…ماضياً، حاضراً، تراباً وشهداءً

تحقيق: غادة الدايخ وكوثر عيسى

تصوير: حسين سلمان

على عين عيناثا عبرنـا عشيّـةً عليها عيون العاشقيـن عواكـفُ

على عينها مرّوا وفي قلبها سكنوا وعلى صدرها تركوا أهمّ البصمات التاريخية التي عصفت بثقافة وأدبٍ وشهادة ومعرفة، فنطقت بصوت الحق ونصرت المظلوم ورفعت اسم “جبل عامل” عالياً فكانت “عيناثا” أُمّ المؤسسين وشعاع النور في ليالي الظلمة وفسحة الأمل في ضيق الأيام.

كانت هذه الأرض على علاقة دائمة بالحرف، بالعلم، بكل مكونات المعرفة، حيث انها افتتحت حياتها بحوزةٍ العلم التي ضمّت العلماء ففُتح باب الشعراء والأدباء والمثقّفين الذين عاشوا وتربّوا على مجالس العلم والعلماء مكونين فئة متنوّرة تفهم الحياة والدين والتنمية بطريقة عقلانية، حتى الأمييّن صنعوا ثقافة قريبة في مجتمع متنوع بالثقافات، فكلما ملك الإنسان المعرفة كلما كان جزءاً من العام وعلى تماس مع القضايا الإنسانية وما شابه.

حتّى الشهادة في عيناثا خيار معرفة وفطرة سليمة، جعلت فطرة الشهداء لا تشوبها شوائب على مستوى الوعي فكان مستوى متقدّماً مما أدّى إلى خياراتٍ قائمة على مواجهة التحدّيات في كل المراحل، الشهادة قيمة ورمز وذخر صُنع من عرق الأجداد والآباء بجهاد وصبر يحدّث عنه التاريخ فأنشأ نصراً بحجم العالم، فمنبت الشهادة كانت “هي”.

مساحة “جبل عامل” ليست جغرافية لكنها على مستوى الأُمّة كلّها، فأي قضية كانت تحصل على المستوى القومي والعربي والإسلامي كنا نرى المجتمع العاملي والعلماء والأدباء والشعراء أهمّ المتصدّين الذين يرفعون راية التأييد والتسديد لكل الظواهر من الثورة الجزائرية الى القضية الفلسطينية إلى مسألة القضايا القوميّة، إلى المدّ القومي جمال عبد الناصر، فكان المجتمع العاملي أساساً في هذه القضايا، وكانت عيناثا جزءاً لا يتجزأ من هذا التاريخ ومحطة أساسية لكل المراحل.

من صنع مجد وتاريخ عيناثا منذ زمن بعيد هم المرجعيات الدينية إمتداداً إلى حركات المقاومة اللبنانية والإسلامية، ومن أهمّ هؤلاء الفقهاء والعلماء، السّيد نجيب فضل الله، المرجع السّيد محمد حسين فضل الله، العلامة المقدس السيد عبد اللطيف فضل الله، السيد محمد سعيد فضل الله الذي قضى حياته في العراق طالباً العلم وكان مهيئاً وعلى أبواب المرجعية ،السّيد عبد الرؤوف فضل الله، السيّد علي فضل الله نجل السّيد محمد حسين فضل الله ، السيد علي فضل الله نجل السّيد عبد اللطيف فضل الله.

تقع عيناثا في جنوب لبنان، تبعد بضعة كيلومترات معدودة عن فلسطين المحتلّةـ كانت عيناثا قلب الحدث دائماً لكونها تتمتّع بموقع استراتيجي هام منذ الإحتلال العثماني وحتى الإنتداب الفرنسي، لكنها بقيت حاضرة في الفكر العاملي.

تتبع عيناثا ادارياً إلى قضاء بنت جبيل محافظة النبطية، تبعد عن بيروت 120 كلم، تحدّ عيناثا عدّة بلدات مجاورة، بنت جبيل غرباً وجنوباً، كونين، شقراء وبرعشيت شمالاً، عيترون وبليدا شرقاً، تعتبر عيناثا عقارياً من أكبر المساحات المجاورة حيث تبلغ 21 كلم2.

عائلات عيناثا: آل أبي جمع، آل حسام، آل خاتون، آل جعفر، آل شكر، آل فضل الله، آل ابراهيم، آل خنافر، آل سمحات، يسّام، نصرالله، وهبي، قعفراني، غانم، الجمّال، عربيد، حيدر، قطيش، أيوب، السيد علي، دعبول، النمر، طرابلسي، ناجي، فرج، محسن، ديراني، منصور، حمود، مصطفى، شحادي، عبد، شامي، بغدادي، نعمة، أسعد، شبلي، عجمي، عبدالله، درويش، خزعل، مكنّا.

خرّجت عيناثا العديد من الإعلامين، أولهم الإعلامي محمد كمال فضل الله، ومنهم اليوم: زاهي وهبي، محمد علي غانم، حسن فضل الله، مريم البسّام، موسى ابراهيم، عبير درويش، ليلى دعبول، شريف ابراهيم.

عُرفت عيناثا بالجانب الوطني، فثقل فيها الوطنيون والأحزاب الوطنيّة التي كان لها دور بارز في التصدّي كحزب اليسار وما شابه، امّا الثورة التي حصلت عام 1936 ايام الفرنسيين، حيث واجه شبّان عيناثا الاحتلال الفرنسي وسقط شهيدان من آل دعبول وآل الجمّال.

كذلك لعبت عيناثا دوراً أساسياً ومهمّاً ابتداءً من الخمسينات إلى مرحلة الستيّنات، فكانت أوّل من احتضنت المقاومة الفلسطينية، وفي قصة يؤكّدها الكثيرون تدليلا على ذلك، دخل الجيش اللبناني ليعتقل بعض الفدائيين لأن ذلك العمل كان لا يبرّر، فيقال أن احدى كبيرات السّن تمددت أمام دبابة الجيش وقالت لن تمر إلى على جسدي، حمايةً للعمل الفدائي الذي كان يُعتبر أمراً هاماً والفدائي فوق البشر لأنه حالة متقدّمة.

إلى الثورة الجزائرية التي أهم ما كتب فيها السيّد عبد اللطيف فضل الله “المجد قطب والفضائل سلّم والعزّ يخصب حين يسقيه الدّم.

كانت تشتعل عيناثا دائماً بمشاعر الحسّ الانسانيّ، الأخلاقيّ، الدينيّ، القوميّ، تجاه كلّ القضايا التي كانت تعيشها الأمّة.

السّيد نجيب فضل الله مواليد عيناثا 1873 كان من أبرز علماء جبل عامل في عصره، أمضى سنوات كثيرة في التحصيل العلمي والفقهي بعد مغادرته عيناثا، ولكونه العالم التقي الذي يملك الشخصية الفذّة والصلابة في المواقف، طالب أهالي البلدة منه العودة إلى بلدته، فعاد من ينصر الضعيف والمظلوم.

بنى الحوزة العلمية في البلدة وكانت طبيعة أفكاره نهضوية في مرحلة جمال الدين الأفغاني، تأسيس الحوزة خرّج الكثير من العلماء ورفض الأوزمة، فرفع من الأفكار الإصلاحية وكان على مستوى الميداني يمثّل الحالة النهضوية المتصدّية للسياسة.

يُشهد لهذا الرجل أنه وقف للإقطاع السياسي الذي كان يذبح بظفره والذي تجرأ على الناس حتّى وصل ظلمه إلى عيناثا، ففعل السّيد ما لم يقدر على فعله كائن حيّ في ذلك الوقت، حين شكا بعض الناس للسيّد نجيب الذين ظلموا من من بعض رجال الإقطاع، فبعث السيد نجيب رسالة إلى كامل الأسعد القديم جاء في عنوانها:” جرثومة الفساد وفرعون البلاد لأهدمن مجدك ولأقوّضن عزّك إذا لم ترتدع عن غيرك يا فاسق”.

استغل الاسعد الوضع الحسّاس بين السيد نجيب فضل الله وأحد المجتهدين، السيد علي محمود الأمين في شقراء، فذهب الأسعد إلى الأمين، فقال الأمين له ما يرضي السّيد نجيب يرضيني، فذهب الإقطاعي الأسعد إلى عيناثا ووصل إلى الديوان راكعاً، فرفض السيد أن يعطيه يده، فأقسم عليه إن لم يعطه يده فسيقطع الأسعد يده لأجله، اضطر السيد اعطاءه يده ليسلّم عليه.

السيد عبد اللطيف الذي كان من أهمّ العلماء والشعراء وكان يمتلك ديوان شعر وحضوراً بشكل خاص على مستوى مواجهة الإحتلال ومواجهة الإقطاع والقضايا الذي لها علاقة بالناس والمستضعفين وتجلّى دوره عام 1978 حيث حمى كل الجيل الشاب في تلك المرحلة.

هو نجل المرحوم العلاّمة السّيد نجيب فضل الله الذي ولد في عيناثا وتلقّى علومه من والده في المرحلة الأولى، توكّل مهمة معالجة أمور الناس الدينية من البلدة، صمم السفر إلى النجف الأشرف لمتابعة العلم، وعاد للبلدة رغبة من الأهالي لحاجتهم له، فأصبح مقصداً للعلماء بمختلف الإنتماءات، فكان المحاور والمستمع، وقد أقفل سجناً لا يصلح للبشر، كما ورفض التطبيع وحاربه لأخر نفس.

تأسس نوع من العمل الكشفي في مرحلة الإحتلال حين لم يكن لأحد التجروء على التكلّم بوجود نوع من سياسة التطبيع، فأطلقوا نوعاً من العمل الكشفي مواجهين الكثير من ظواهر الإحتلال ومتغطّين بعباءة السّيد التي كانت نوعاً من الحصانة لهم، وبحوالي 300 عنصر في هذا الكشّاف استطاعوا تأسيس جيل وكسر حالة التطبيع خلال مقاطعتهم للبضاعة الأمريكية.

العلاّمة السيّد عبد الرؤوف فضل الله مواليد عام 1907 ولد في عيناثا وسافر للنجف الأشرف لاكتساب العلم بعد أن تلقّى بعضاً من علومه في بلدته، درس مع أبرز وأهمّ العلماء والفقهاء في النجف الأشرف حيث حاز على درجة علمية عالية.

أصبح إمام لبلدة بنت جبيل بعد أن تمنّى عليه مجموعة كبيرة من الأهل ذلك، كان زاهداً ورعاً مجتهداً مبتعداً عن رجال الدين المتصدّرين للسياسة حيث بلغ الشأن العالي في الفقه.

العلاّمة المرجع السيد محمد حسين فضل الله نجل العلاّمة السيّد عبد الرؤوف فضل الله ولد في النجف الأشرف عام 1936، عاش مع عائلته هنالك، اكتسب العلم من والده وتابع في الدراسة الفقهية، ثمّ انتقل إلى البحث الخارجي، وأكمل دراسته في النجف الأشرف لسنوات طويلة، تولّى بعدها رئاسة تحرير “مجلّة الأضواء”.

استقرّ في لبنان بعد عام 1955 حيث استقرّ والده في بنت جبيل، من ثم عاد الى النجف مجددّا، بعدها استقرّ في لبنان عام 1966 في الضاحية وكانت انطلاقته الأولى من هنالك من حيث المحاضرات والخطب والتوجيه الديني، وعمل على تأسيس حوزة علمية سميّت “المعهد الشرعي الإسلامي” تضمن أيضاً مستوصف خيري ومكتبة ونادي حسيني في نفس المبنى، وتخرّج العديد من الطلاب بدرجات وتفوّق.

أقام الندوات الحوارية والمحاضرات مع الكثير من المثقّفين اليساريّن وغيرهم، كما ونظّم عدة لقاءات حوارية مع كوادر حزبية من شيوعين وبعثيين ومستقلّين.

كان السيّد يعمل ستة عشرة ساعة بين التدريس وإلقاء المحاضرات والصلاة والكتابة واستقبال الناس وسماع شكواهم والإهتمام بأمورهم، كما واشتهر السيّد بمواقفه الصلبة والمتمكّنة.

السيد محمد حسين فضل الله من أبرز العلماء الإسلامين ثقافة في كل المجالات حيث رفع من شأن العلم والثقافة والحوار على صعيد العالم الإسلامي عامة ولبنان خاصّة مؤسساً العديد من المؤسسات المختلفة الفاعلة مثل المبرات الخيريّة.

العلاّمة السيد صدر الدين فضل الله الحسني ابن عيناثا ترعرع وكبر في بيئة دينية، عاش في النجف الأشرف لفترة طويلة لمتابعة التحصيل العلمي والفقهي حيث درس على يد علماء عصره، وعند عودته إلى البلدة كثر العمل فيها قكانت المشاكل تحلّ على يده، وكانت الناس تتبارك به ومن أهمّ الكرامات التي امتلكها السيّد القصة التي اشتهر بها في ذلك الوقت ” الطفلة التي ابتلعت الإبرة، توجهت أمها فوراً إلى السّيد الصدر بعد أن طلب منها الطبيب الوحيد في بنت جبيل التوجّه الى المدينة فوراً لحالة ابنتها الخطرة، لكن الأمّ أبت أن تتوجه إلى السيّد وحين وصولها عرضت المشكلة على سماحته، فدعا السيّد ربّه لشفاء الطفلة، تقيأت الطفلة على الفور الإبرة، فأذهل الناس والطبيب ولقّبه البعض بالقدّيس.

السيّد علي فضل الله نجل السيّد عبد اللطبف فضل الله، شدددّ على ما قاله السّيد موسى الصدر أنّ من أهمّ أوجه الصراع مع اسرائيل هي عناصر القوّة، فمسألة المجتمع المقاوم تبدأ بالإنسان أولاً والمؤسسة ثانياً، واليوم حسب قوله الصراع مع اسرائيل من الممكن أن يتأجج بأي لحظة من اللحظات.

وقال:” اليوم تغلق مدرسة رسميّة من أحسن ما يكون، بغياب الجهاز الإداري، وهناك إشكالية أخرى المستشفى الحكومي في بنت جبيل هو لعيناثا وغيرها في القرى، فالمستشفى من حيث البناء والتجهيزات من أفضل المستشفيات لكن من حيث الإمكانيات والميزانية والكادر ينقصها الكثير.

منتدى الفكر لإحياء التراث العاملي الذي أسسه السيّد علي فضل الله في بلدته عيناثا عام 2001، أثار كل هذه القضايا في الجانب الإنساني والإجتماعي، والثقافي، وأطلق نوعاً من العمل الثقافي التنويري، مؤكّداً أنه ” علينا أنّ نتحلّى بالعلم والمعرفة بالإبتعاد عن التعصّب حتى يتوازى عمل المقاوم والبندقيّة ليتوازى مع المشروع الفكري والإنساني، ليشكّل هذا الحضور الذي يستطيع أن يصمد في ساحة المواجهة على كل المستويات.

وكان دور المنتدى أن يثير حالة ثقافية ومعرفية على مستوى منطقة جبل عامل ككل وأن يقف أمام كل النهضويين العلماء الذين ساهموا في بناء هذا الجيل من حيث الفكر والشعر والأدب، وعلى قاعدة أن الذاكرة يجب أن لا تنسى فهي التي تصنع الحاضر والمستقبل، فالهدف الأساسي استحضار الذاكرة بكل مواقف شهدائها وعلمائها، وذاكرة جبل عامل وعيناثا حيّة بكل معنى الكلمة، وليكون الواقع مضيئاً وتاريخاً عاملياً له جذوره بتاريخه الكبير والعظيم.

نشاطات المنتدى كانت التالية:

-مهرجان تكريمي للعلامة المقدس السّيد عبد اللطيف فضل الله

-مهرجان تكريمي للمجتهد السيد محسن الأمين

-لقاء تكريمي للمؤرخ السيد حسن الأمين

-لقاء تركريمي للمرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله(قدس سره)

-مؤتمر فكري حول الإحياء والتجديد عند العلماء العامليين المعاصرين

-مهرجان تكريمي لشعراء عيناتا

-مؤتمر فكري حول المكوّنات الحضارية في الثقافة العاملية

-مؤتمر فكري حول الخطاب الديني وإشكاليات الواقع المعاصر

-مهرجان تكريمي للشاعر السيد محمد نجيب فضل الله

-مهرجان الشعر العربي الحادي عشر

-ندوات حوارية ثقافية وسياسية

-المعرض السنوي للكتاب

وشهدت البلدة نخبة واسعة أخرى من العلماء هم: السيد عبد المحسن فضل الله، السيد مهدي فضل الله، السيد عبد المطلب فضل الله، السيد أسعد فضل الله، السيد محمد رضا فضل الله، العلاّمة السّيد محمد علي إبراهيم، السيد محمد تقي فضل الله، السيد عبد المحسن ابراهيم، السيد محمد باقر ابراهيم، السيد علي حدّاد فضل الله.

الشيخ عباس ابراهيم

” طينة الناس طيّبة والمعدن صافي يحتاج فقط لحك الغبرة عنها ووظيفتنا كعلماء ونخبة أن نعمل للمستقبل، للتركيز على المعدن الصافي والنقي التي غبّرته الحروب وما بعدها، لا أحد يخاطبهم ثقافياً، أصبح هنالك نوع من عدم العلم وعلينا أن نعيد الناس لطبيعتها وأساسها وقبول الناس للعلماء اليوم جيد وجميل فالكثير يحاولوا الإلتحاق بالشيخ ليتعلّموا منه.

بصغر سنّي كعالم دين وجدت أن وسائل التواصل الإجتماعي اليوم هي الأقرب للناس ومعرفتنا بأهل عيناتا والمغتربين بعد غياب من صغر السن استطعنا الدخول إلى البيوت من خلال هذه الوسائل وجدنا أن الناس فعلاً تبحث عن المعرفة ونحن جزء من الجمهور وعلينا مخاطبتهم وكأننا فرد منها، ولدينا اشكالية ببعض القرى وهي الفاصل بين المستمع والمتكلّم، فبعض المتصدّين بالشّأن الديني يمارسوا الدين بالخلفية القديمة، والصحيح هو أن نحاكي الشباب بالأخص بلغتهم، لأن جمهورنا الأكبر اليوم هم الشباب لأنهم واقعاّ خيرتنا، تُعرف عيناتا بالثقافة وفيها نسبة متعلمين كبيرة من كل المجالات، هي لوحة رسمت بإتقان ولكن تحتاج إلى تلوين ولا يهم إن كان اللون أحمر أو أصفر أو أسود وكثرة الألوان تعطي جمالية، نقول للشباب تعلموا وللكبار “تعالوا لنلوّن عيناتا كلّنا سوياً”.

رئيس بلدية عيناتا السيد عبّاس عبد الكريم خنافر

بلدة عيناثا التي تملك التسمية الثانية وهي حاضرة جبل عامل، حاضرة بأدبها بشعرائها بشهدائها وتعتبر من القرى الأساسية في جبل عامل.

مرحلة حرب تموز كانت مفصل على صعيد البلد، دمر في عيناتا تقريبا حوالي 430 وحدة سكنية وكل التراث والحجر القديم دمر بأكمله وتغيرت معالم القرية بشكل كبير فحرمنا من ذاكرتنا وتراثنا، وبفضل صمود الأهالي والمجاهدين والشهداء الذين رووا هذه الارض بدمائهم، فسجلت عيناثا 34 شهيداً في تموز بين مدني وعسكري، منهم اربعة عشر مقاوم، فحصدت عيناثا شهداء في كل الحروب في لبنان من ايام الاستعمار والعثمانين.

ولكن صمود الأهالي وتمسكهم بأرضهم الى جانب المقاومة هو الذي خلق هذه المقاومة يإمتياز رغم كل التهديدات والحروب عادت الأهالي إلى أرضها وأعادت إعمار كل بيوتها.

تأسست أول بلدية في عيناثا عام 1962 واستمرت حتى عام 70 وانحلت، وبعدها جاءت فترة الاحتلال حتى عام التحرير 2000، عام 2001 اجريت انتخابات مجلس بلدي، وفي عام 2004 انتخب مجلس بلدي جديد، واستلم رئيس البلدية المجلس عام 2007 واستمر لحد اليوم.

تعمل البلدية على مشاريع على عديدة في ظلّ غياب الدولة، حيث تسعى البلديات جاهدةً لتأمين الأموال لتعويض هذه المشاريع الأساسية.

أهمّ المشاريع التي أنجزتها البلدية في عيناثا:

تأهيل شبكة الطرقات العامّة، إنارة الطرقات، إنشاء مركز ثقافي/رياضي، إعادة تأهيل بركة تجميع مياه الأمطار، تشجير البلدة بشكل شيه كامل، إنشاء محمية جديدة (10452 شجرة لحدّ اليوم)، مشروع آخر وهو تشجير 1500 شجرة صنوبر مثمرة لخلق جو بيئي جميل للبلد، إنجاز مشروع هامّ في الكهرباء منذ عام 2007، وقدّمت هبات من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبعض الجمعيات.

المشاكل التي تواجهها البلدية أغلبها تتعلق بالمشاكل المالية ككل البلديات، من عام 2013 لم تقبض بلدية عيناثا من الصندوق البلدي المستقل، تعتمد البلدية على الصندوق البلدي المستقل والجباية، مشاكل النفايات مأساوية لأن البلدية لا تملك معامل للفرز ولا مكان للصرف الصحي، البلدية لا تملك قصر بلدي (مقرّها في المدرسة)، محاولين تلبية حاجات الناس الأساسية مع تأجيل بناء القصر البلدي.

للبلدية هذه السنة مشروع يتعلّق بالتراث بالتعاون مع مجلس الجنوب، كما وأنشأت مركز حرفي (بيت الضيعة للمونة والحرف)، سيكون المركز مستقطب لكل الصناعات والمنتوجات البلدية لمنازل الناس ولتشجيع الحركة الإقتصادية عبر هذا المركز (تعليم خياطة، تصنيع غذائي، حق التعليم).

كما وموعودة البلدية بمشروع الليطاني بعد أربع سنوات، مشروع مياه الريّ للزراعة.

تكرّم البلدية كل سنة الطلاّب، وتقوم بعدة احتفالات ومناسبات وطنية ودينية، احتفالات شعرية (تمتلك عيناثا عدد كبير من الشعراء)، كرّمت عيناثا هذا العام حوالي أربعة وعشرون إعلامياً بإحتفال مميز ورائع، منهم:” زاهب وهبي، مريم البسام، حسين أيوب “…

شكر رئيس البلدية صوت الفرح على هذا الجهد والعمل والنشاط لأن عبر هذه الوسيلة يصل صوتهم وتطرح مشاكلهم ليكونوا أقرب إلى الناس، فالإعلام اليوم هو كل شيء لأن الحرب اليوم هي حرب إعلامية حسب قوله.

وأكدّ أن مهما تحّدث عن عيناثا يبقى مقصراً، ووجه تحيّة لكل أبناء بلده في عيناثا والمغتربين منهم، وناشدهم أن يكونوا إلى جنب البلدية سواء بآرائهم لأن البلديّة لهم وهم لها.

Leave A Reply