الجمعة, نوفمبر 22
Banner

النهار : ذروة الفضائح: “تهريب” اللقاح للسلطة والنواب‎!‎

‎اذا كان سجل السلطة اللبنانية والطبقة السياسية لا يحتاج الى مزيد من الاوصاف بعدما ‏انفجر لبنان بأشد الازمات والكوارث التي تضربه منذ عامين بسبب رئيسي اول هو #الفساد، ‏فان طابع المفاجأة ينتفي عن تفجر الفضائح تباعاً على أيدي هذه السلطة وهذه الطبقة. لذا ‏لم يكن غريباً ان تصدق توقعات الكثيرين بان عمليات التلقيح ضد كورونا ستشوبها عيوب ‏المحسوبيات وثغرات انعدام الشفافية خصوصا وسط الشح التي تتسم به عملية تسليم ‏دفعات #اللقاحات أسبوعيا “بالقطارة” الامر الذي يفاقم احتمالات اختراق الالية التي ‏وضعت بمراقبة #البنك الدولي بصفته الجهة الممولة للقاحات. غير ان ما لم يذهب كثيرون ‏الى توقعه حصل امس في فضيحة مدوية لعلها الأسوأ اطلاقاً في ابراز صورة مهينة لدولة ‏‏”تهرب” اللقاحات من امام مواطنيها بطريق انتهاك الالية التي يفترض انها حاميتها ‏والساهرة على تنفيذها، فاذا بالمفارقة الأشد سلبية على الاطلاق ان تتظهر امام الرأي العام ‏الداخلي وعيون الجهات المالية والصحية الدولية صورة الخرق الأكبر للآلية في مجلس ‏‏#النواب وقصر بعبدا! والانكى من ذلك ان الفضيحة انكشفت أولا لدى البنك الدولي نفسه ‏الذي كان اول من تبلغ المعلومات عن تلقيح نحو 16 نائبا في مجلس النواب الذي ‏‏”استدعوا” اليه خلافا لكل معايير وإجراءات الآلية الرسمية ومن ثم تكشف الجزء الثاني عبر ‏تسرب المعلومات عن عملية تلقيح جرت في قصر بعبدا، وشكلت فريقاً واسعا الى جانب ‏رئيس الجمهورية وزوجته. اخطر ما أدى اليه انكشاف هذه الفضيحة انها هددت عمليات ‏التلقيح بعد عشرة أيام فقط من انطلاقتها من خلال تهديد البنك الدولي بشكل جدي بوقف ‏تمويل اللقاحات. واذا كان رئيس اللجنة الوطنية للقاح ضد كورونا الدكتور عبد الرحمن ‏البزري أرجأ استقالته الى مساء اليوم راهنا موقفه بموقف توضيحي حاسم يفصل الأمور ‏بدقائقها، فيمكن القول ان هذه الفضيحة جاءت “لتتوج” سمعة أسوأ سلطة بإحدى اخطر ما ‏اقترفته الجهات المتورطة في فضيحة من شأنها ان تهدد بحرمان اللبنانيين او الكثيرين ‏منهم من اللقاح وتفاقم كارثة الانتشار الوبائي الذي لا يزال على مستويات عالية جدا من ‏الخطورة‎.‎

‎ ‎انكشاف الفضيحة بدأ مع تغريدة نشرها ممثل البنك الدولي في لبنان ساروج كومار، اشار ‏فيها الى أنّ “بناءً على تأكيد الخروقات، البنك الدولي قد يجمّد تمويله لدعم اللقاحات في ‏لبنان”. وناشد كومار “الجميع، بغض النظر عن منصبكم، التسجيل عبر المنصة وانتظار ‏الدور”. وتبين ان هذا الموقف اعلن بعدما وصلت معلومات الى ممثل البنك الدولي ان 16 ‏نائبا تلقوا اللقاح في مجلس النواب الى أربعة مديرين عامين خارج اطار الآلية المعتمدة. ‏وعلى الفور اعلن الدكتور البزري نيته الاستقالة اعتراضا على تجاوز اللجنة، الا انه اعلن لاحقا ‏في مؤتمر صحافي وبعدما زاره المدير العام لوزارة الصحة، انه “يدرس خيار استقالته من ‏رئاسة اللجنة الوطنية للقاح كورونا على خلفية تلقيح عدد من النواب في المجلس من دون ‏موافقة من اللجنة الوطنية”، وقال “ما حصل اليوم خرق لا يمكننا السكوت عنه وهو محاولة ‏تمييز مجموعة من الناس نحترمها ونحترم دورها ولكن عندما نطلب من المواطنين النزول ‏الى مراكز التطعيم فبالتالي لا يجوز التمييز ونستغرب ونستنكر ما حصل وهو دقّ اسفين ‏في عمل الخطة الوطنية لأننا لا نميّز بين مواطن وآخر وما حصل غير مقبول ونحن كلجنة ‏أبدينا اعتراضنا”، مضيفا “كنت أمام موقف حرج وردّ الفعل المنطقي كان الاستقالة ولكن ‏هناك لجنة كان يجب أن أتواصل معها وكثر من أعضاء اللجنة أرادوا الاستقالة معي وأنا ‏اعتبر ان الخلل يجب عدم السكوت عنه بل التصدي له ويجب صدور بيان توضيحي والوعد ‏بعدم تكراره”. وأردف البزري: البنك الدولي يراقب وسجّل الخرق اليوم وهو بصدد اتخاذ ‏اجراء تجاه هذا الخرق، وتمنى علي عدم الاستقالة وغدا (اليوم) يعقد اجتماع للجنة الساعة ‏السادسة وسأضعها بتفاصيل ما جرى وسيكون للجنة مجتمعة التصرف واتخاذ قرارها‎”.‎

‎ ‎في المقابل برر الامين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر ما حصل بتأكيده أن “عدد النواب ‏الذين تلقوا اللقاح 16 بوجود فريق من وزارة الصحة والصليب الاحمر”، لافتاً إلى أن “كل ‏أسماء النواب الذين تلقوا اللقاح موجود على المنصة الرسمية وحسب الفئة العمرية، وحان ‏دورهم. وهذا ما فعلناه باعتبار ان النواب هم الاكثر عملا في القوانين واجتماعاتهم دائمة، ‏وخوفا من ان ينقلوا العدوى الى المجتمع اذا ما أصيبوا‎”.‎

‎ ‎وفي وقت لاحق كشفت معلومات ان فريقا كبيرا من موظفي القصر الجمهوري تلقى ‏بدوره اللقاحات الى جانب الرئيس ميشال عون وزوجته. وعلى الأثر اصدر مكتب الاعلام في ‏رئاسة الجمهورية بيانا اكد فيه ان الرئيس عون وزوجته السيدة ناديا تلقيا اللقاح مع عشرة ‏من أعضاء الفريق اللصيق والملازم للرئيس الذين سجلوا أسماءهم وفقا للأصول على ‏المنصة الخاصة بالتلقيح‎.‎

‎ ‎وطالبت “القوات اللبنانية”، بكشف الجهة التي أصدرت الأمر باستقدام اللقاحات إلى ‏المجلس النيابي واستطرادًا إلى القصر الجمهوري “وبفتح تحقيق شفاف وسريع لتحديد ‏المسؤوليات في هذا الأمر، لأنّ النواب الذين تمّ الاتصال بهم لتلقي اللقاح كانوا قد تسجلوا ‏قانونيًّا ورسميًّا على المنصة الرسميّة، واعتبروا أنّ دورهم قد جاء فعلا للتلقيح”. كما نشر ‏رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل فيديو يروي فيه انه تلقى إتصالا من مجلس ‏النواب، وطُلب منه “بطاقة هويته وبطاقة هوية عائلته من أجل التسجيل وأخذ اللقاح من ‏ضمن الدفعة الاولى”. وأعلن أنه رفض وعائلته التسجيل لان الاولويات لا تنطبق عليهم لاخذ ‏اللقاح وكشف انه “يتم الاتصال بكل النواب والوزراء الحاليين والسابقين من أجل التسجيل ‏وأخذ اللقاح‎”.‎

‎ ‎مواقف من الحكومة

ومع ان هذه الفضيحة شغلت امس الرأي العام الداخلي فانها لم تحجب مواقف خارجية من ‏الازمة الحكومية التي تراوح في دوامة التعطيل. وقد حذرت امس المفوضية الأوروبية من ‏‏”ان الوضع في لبنان يتدهور ويجب #تشكيل الحكومة من دون تأخير”. واشار الاتحاد ‏الاوروبي الى “إجماع دولي حول استحالة دعم لبنان في غياب حكومة الإصلاح‎”.‎

‎ ‎واعلنت القائمة بأعمال مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة ‏ومنسقة الشؤون الإنسانية السيدة نجاة رشدي انها جددت خلال لقائها البطريرك الماروني ‏مار بشارة بطرس الراعي اول من امس دعم الأمم المتحدة الطويل الأمد والمستمر للبنان، ‏بالتعاون مع شركاء دوليين آخرين وان الأمم المتحدة تأمل أن يعطي قادة لبنان الأولوية ‏للمصلحة الوطنية اللبنانية وأن يتجاوزوا بسرعة خلافاتهم لتشكيل حكومة جديدة لمعالجة ‏التحديات العديدة في البلاد وتلبية تطلعات الشعب اللبناني وتطبيق الإصلاحات اللازمة‎.‎

‎ ‎من جهته، التقى السفير السعودي وليد بخاري السفيرة الأميركيّة دوروثي شيا. واكد البخاري ‏‏”ان الموقف السعودي يشدد على التزام المملكة سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه ‏وبشكل خاص ضرورة الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تحقيق ما يتطلّع إليه الشعب ‏اللبناني‎”.‎

Leave A Reply