الجمعة, نوفمبر 22
Banner

مُبادرة بـرّي لا تـزال على الـطـاولـة… وعلى قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»

دوللي بشعلاني – الديار

يعوّل البعض في الداخل على مبادرة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي للحلّ، في حال أرادت القوى السياسية التوافق وعدم اللجوء الى الأمم المتحدة أو إحدى دول الخارج الكبرى لرعاية وعقد مؤتمر دولي لإنقاذ الوضع في لبنان. فرغم كلّ محاولات تحريك الجمود الحكومي الحاصل، لم تُفلح أي مبادرة خارجية وداخلية، حتى الآن، من تغيير المواقف المتشنّجة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس «التيّار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، والرئيس المكلّف سعد الحريري. فيما يتزايد الفقر والجوع ونسبة البطالة وترتفع أسعار المواد والسلع الغذائية بشكل كبير، الأمر الذي جعل الحدّ الأدنى للأجور يصل الى ما بين 70 و80 دولاراً بعد أن كان يتعدّى الـ 450 دولاراً، ويبلغ نحو 60 % من اللبنانيين خط الفقر، بحسب الإحصاءات، ولا يقوم المسؤولون بالتالي بأي محاولة لضبط الوضع أو لإعادته الى السكّة الصحيحة.

وإزاء هذا الواقع المرير الذي يُعاني منه اللبنانيون، يتفق الجميع على أن لا شيء قادر على معالجة الأزمات وإخراج البلاد من الإنهيار سوى تشكيل حكومة إنقاذية في أسرع وقت ممكن. فإضاعة المزيد من الوقت، سيؤدّي حتماً الى الإنهيار الشامل، والى رؤية الشعب يموت جوعاً وفقراً على الطرقات، أو يقوم بأعمال عنف وسرقة لتأمين قوت عائلته. وتقول مصادر سياسية متابعة بأنّ مبادرة الرئيس برّي لا تزال قائمة، وفي حال وُجدت النوايا الصافية لدى المتخاصمين لإنقاذ البلد والشعب، لا بدّ لهم من مناقشة بنودها توصّلاً الى إيجاد القواسم المشتركة والتوافق على تشكيل الحكومة.

أمّا التمسّك بالكيديات والحسابات والمصالح السياسية الضيّقة، فلن يؤدّي سوى الى المزيد من العرقلة وتعقيد التشكيل، على ما أضافت، فيما يسعى الرئيس برّي من خلال مبادرته الى إخراج البلاد من حالة «الجمود القاتل» الذي تعيشه على جميع الصعد، باستثناء ارتفاع الأسعار والدولار الأميركي وانخفاض القيمة الشرائية لليرة اللبنانية الى أدنى مستوياتها. وأوضحت بأنّ مبادرته قائمة على بنود تُناسب مطالب الشعب، إن لجهة تشكيل حكومة من الإختصاصيين الأكفّاء غير الحزبيين، وتولّي الأطراف السياسية والطائفية تسمية وزرائها على قاعدة «أسماء ليست معنا وليست ضدّنا»، وعدم امتلاك أي مكوّن سياسي الثلث «المعطّل»، وصولاً الى أنّه عليها أن تكون قادرة على وقف الإنهيار الحاصل والبدء بالإصلاحات الجديّة، كونها حاجة لبنانية ملحّة قبل أن تكون مطلباً خارجياً أو شرطاً أساسياً لحصول لبنان على مساعدات وقروض المجتمع الدولي.

وقالت بما أنّ الرئيس عون وفريقه السياسي نفى تمسّكه أو مطالبته بالثلث المعطّل، فإنّ المشكلة لا بدّ من أن تسلك طريقها الى الحلّ، في حال توافق الطرفان على ضرورة اللقاء ومناقشة بنود مبادرة برّي والتوصل الى قواسم مشتركة حول كلّ بند منها. علماً بأنّ أي طرف سياسي يُمكنه من خلال التحالف مع طرف آخر تشكيل «الثلث المعطّل»، ساعة يشاء، إذا ما أراد إيقاف قرار حكومي ما.

ففي ظلّ عدم حصول أي تقدّم على صعيد المبادرة الفرنسية، تبقى مبادرة برّي، بحسب المصادر نفسها، هي الوحيدة القادرة اليوم على تسهيل الحلّ وإخراج لبنان من أزماته عن طريق التوصّل الى تشكيل الحكومة المرجوّة في أسرع وقت، لا سيما إذا ما جرى اعتمادها وترجمتها بشكل دقيق. فاستمرار الكباش والسجالات السياسية، ومقاربة الأزمة من زاوية المصالح الطائفية والمذهبية وتسجيل النقاط وما الى ذلك لن يؤدّي سوى الى المزيد من التوتّر وعرقلة تشكيل الحكومة.

لهذا تجد بأنّ الأزمة اللبنانية تحتاج اليوم الى تدوير الزوايا، على ما تنصّ عليه مبادرة برّي، للوصول الى النقاط أو القواسم المشتركة بين طرفي النزاع الأساسيين. وأشارت الى أنّها تطرح حلولاً تُعطي الجميع حقوقهم، من دون استقواء طرف على طرف آخر، أو كسر أحد الأطراف، أي من دون «غالب ومغلوب». فالمطلوب التوافق على تشكيل شراكة حقيقية في الحكومة الجديدة تُنقذ التوازن الوطني القائم في ظلّ النظام الذي نعيشه. هذا النظام الذي تتحكّم فيه الطائفية والمذهبية، مع الأسف، ما يجعله علّة العِلل وسبب كلّ الأزمات التي يعاني منها البلد اليوم.

من هنا، لا بدّ من الإستعجال في تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، قبل تدخّل المجتمع الدولي وفرض أمور على لبنان لا يريدها، أو قبل الإنفجار الشعبي الداخلي بسبب تفاقم الأزمات الإقتصادية والمالية والمعيشية. وعلى الحكومة المنتظرة أن تبدأ فوراً بالإصلاحات المطلوبة، وتقوم بترجمة المبادرة وتجعلها أساساً لتطوير هذا النظام، من خلال تطبيق القوانين والمواد الدستورية.

وبالنسبة لمسألة عدم التوافق على عدد الوزراء في الحكومة المقبلة، لا سيما مع إصرار الحريري على حكومة من 18 وزيراً، و«نقطة عالسطر»، على حدّ تعبيره، فأشارت المصادر الى أنّه يُمكن حلّ هذا الأمر، إذا ما كانت النوايا صافية. وفي حال كان الحريري يعتقد أن حكومة من 20 أو 22 وزيراً ستكسر موقفه، فقد لا يكون عددها مناسباً أيضاً لجهة توزيع الحقائب على جميع الطوائف، لهذا من الممكن التوافق على عدد آخر يُرضي جميع الأطراف التي تودّ المشاركة في الحكومة. علماً بأنّ «حزب الله» كان أوّل من اقترح رفع عدد الوزراء، فضلاً عن أنّ باسيل أوضح موقفه الرافض للعدد 18 بأنّه لا يُمكن للوزير المتخصّص أن يُلمّ بشؤون حقيبتين لا علاقة لهما ببعضهما البعض.

وذكّرت بأنّ حكومات لبنان الأخيرة لطالما ضمّت 30 وزيراً، فلماذا تصغير الحكومة اليوم الى 18 وزيراً وليس الى 22 أو 24 وزيراً على سبيل المثال، بهدف تمثيل جميع الطوائف (غير الممثّلة في حكومة مصغّرة)؟ بدلاً من توسيع التمثيل الحكومي بهدف تأمين عمل أفضل للحكومة من خلال استجلاب دعم أكبر عدد من الدول الإقليمية المتوافقة مع هذه القوى السياسية الممثّلة فيها، وعدم حصر التمثيل ببعض القوى والأحزاب السياسية وتهميش الأطراف الأخرى.

Leave A Reply