ذوالفقار قبيسي – اللواء
حتى الآن «فالج لا تعالج» في موضوع الكهرباء، بانتظار نتائج مناقصة الاستيراد التي أقرّتها إدارة المناقصات مع دفتر الشروط قبل أيام، ومفاوضات الترياق من العراق باستيراد ٥٠٠ ألف طن من فيول من النوع الثقيل (HFO) مقابل دفع قيمته من حساب يفتح خصيصا بـ «اللولار» (بالليرة بسعر دولار البنك) لدى مصرف لبنان يسدد بمنتجات وخدمات لبنانية، مقابل الكمية التي تؤمّن ١٢% من استيرادات لبنان عن عام كامل من المحروقات والتي تبلغ نحو 3,8 مليون طن منها ٢ مليون طن من الفيول الثقيل و1,8مليون طن من الـغازاويل يفترض أن يؤمّن الجزء الأكبر منها عبر المناقصة التي أقرّت إدارة المناقصات بعد تجاذبات وخلافات حول دفتر الشروط انتهت بتوسيع مدى المنافسة عبر اعتماد أحقية الشركات اللبنانية بالدخول في المناقصة، في وقت يضاف التعتيم القاسي طوال ساعات، الى ما يعانيه المواطن والمؤسسات من مختلف الأزمات.
وتبقى الآمال معلّقة على المال..
حيث مع جفاف الاحتياطيات التي لا ينفع بديلا عنها الرقع والقطب والمسكنات، يقف مصرف لبنان أمام المفترق نفسه الذي وقف عنده منذ العام ٢٠١١ عندما بدأ فائض ميزان المدفوعات يتحوّل الى عجز، فكان ما كان من هندسات اجتذبت دولارات المصارف من خارج لبنان الى مصرف لبنان ومنه الى الدولة التي بدلا من تدعم الكهرباء وباقي الاحتياجات الضرورية، من واردات الضرائب والعائدات، أدمنت طوال عشرات السنوات في الاتكال على المصارف كي تسدّ عجزها من أموال المودعين التي اختار مصرف لبنان أن يدفع منها عجز الكهرباء وباقي العجوزات بدلا من أن يدفع قيصر من واردات الضرائب والعائدات ما على قيصر من التزامات وموجبات.
والقصة نفسها تتكرر اليوم، لكن مع الفارق انه قبل الزلزال المالي الأخير كان هناك من الوفورات النقدية ما يمكن به الخيار بين شرّين أحدهما أقل مرارة، بينما الآن مع جفاف الاحتياطيات وضآلة الواردات هناك شر واحد وأشدّ مرارة هو ازدياد التقنين وخطر التعتيم الى الحد الذي لا يمكن لدولة النهب والتبذير مواجهته بالعجز عن التدبير وبأسلوب الدهاليز نفسه الذي «تدبّرت» به أزمة النفايات وباقي الأزمات، وانتهى الى «الوزة السمينة» في صفقة البواخر التي حلّت مكان البدائل العلمية والتقنية بالانتاج من الطاقة المتجددة وعروض أكثر أمانا وبمستوى أعلى وأقل كلفة من شركات ألمانية ودانمركية وفرنسية بتسهيلات مغرية اختير بديلا عنها استمرار التقنين والمزيد من التعتيم.
وكل هذه العروض والبدائل أصبحت من الماضي أمام عجز مالي عبّر عنه وزير الطاقة لوكالة «رويترز» بأنه دون أدوات تمويل من خارج احتياطيات مصرف لبنان لا يمكن تسديد قيمة احتياجات لبنان من المحروقات.. وإذا لم يتوافر المال لن يتوافر الفيول. وبدون الفيول لا كهرباء وان احتياطي لبنان من المحروقات لا يكفي لأكثر من شهرين، طالبا الى الرؤساء عون وبري ودياب إقرار سلفة طوارئ للكهرباء بـ١٥٠٠ مليار ليرة بشكل عاجل. فيما علقت الوكالة على تصريح الوزير بأن «لبنان الذي يعاني من ارتفاع الدين العام «حتى العنق» Jusqu`au cou يمرُّ في أزمات بالغة الخطورة اقتصادية ومالية واجتماعية ومؤسساتية، وإذا لم يتمكن من تمويل المعدل الحالي المنخفض من انتاج الكهرباء، سيضطر الى زيادة التقنين بحوالي ٢٠% عن معدل العام ٢٠٢٠».