الجمعة, نوفمبر 22
Banner

النهار : الدولار الحارق… الانتفاضة تنتفض

‎ماذا يعني ان يعود لبنان كله الى مشهد #قطع الطرق والأوتوسترادات والشرايين الحيوية ‏بسرعة البرق لمجرد سريان خبر قطع اول طريق في الشمال او البقاع؟

ماذا يعني ان يشعل #الدولار بسقف تجاوز العشرة الاف ليرة كل المناطق اللبنانية بهبة ‏الغضب والسخط والذعر، واي فارق بين هذا الدولار المحلّق والدولار بسقف تسعة الاف ‏ليرة؟ الم يكن الفارق الضئيل يستحق اشعال انتفاضة قطع الطرق في الأشهر القليلة ‏الماضية؟ لماذا الان وليس في الامس أيضا؟

‎ ‎وماذا يعني ان يبدو تتابع “عمليات” قطع الطرق البارحة في ساعات بعد الظهر امتدادا الى ‏ساعات المساء والليل خصوصا في بيروت، كأنها نتيجة تحرك منسق، في حين تدل الوقائع ‏على ان قطع الطرق كان فعلا جماعيا عفويا وانتفاضيا يختزن الكثير الكثير من خطر انفجار ‏اجتماعي او اضطرابات اجتماعية واسعة لم يعد مجرد احتمال وسيناريو، وانما بات واقعا ‏يطرق باب البلاد من الشمال الى الجنوب مرورا بالبقاع وجبل لبنان وبيروت؟

‎ ‎لا يحتاج المسؤولون الرسميون من اعلى الهرم بدءا برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس ‏مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ومن ثم بالتتابع ‏الرئيس المكلف سعد الحريري ورؤساء الأحزاب والتيارات السياسية والكتل النيابية الى ‏طواقم المستشارين لكي يدركوا تمام الادراك ان ما جرى في الساعات الأخيرة في “لبنان ‏مقطع الأوصال ” تنتشر الإطارات المحترقة على طرقه وأوتوستراداته ويظلل فضاءه ‏وسماءه دخان اسود قاتم وملوث لهوائه وتحتشد مجموعات المحتجين على كل الطرق إنما ‏يشكل النذير المتقدم للغاية لاستعادة انتفاضة، ربما تكون هذه المرة اخطر الانتفاضات ‏لانها صنيعة الجوع والفقر اللذين لم يكونا بهذا المستوى المخيف لدى اندلاع انتفاضة 17 ‏تشرين الأول 2019، ولا كان منسوب الاحتقانات المتراكمة بفعل الازمات المتلاحقة والافتقار ‏المتعاظم والقصور السياسي الخيالي وانكشاف الفساد بأسوأ مظاهره اطلاقا، ولا كان ‏حصل الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت مع ما تركه من تداعيات مخيفة، ولا كان الانتشار ‏الوبائي تشظى بأسوأ النتائج الكارثية المأسوية على اللبنانيين والواقع الصحي والطبي ‏والاستشفائي كلا. لذا سيغدو امرا كارثيا جديدا ان ظلت نظرة اهل العهد والسلطة خصوصا ‏الى مجريات ما بدأ البارحة كأنها هبة انفعال قابلة للاحتواء بمجرد محاولة تبريد او تخفيض ‏الدولار المحموم. وسواء شكلت هذه التطورات نذير انتفاضة اجتماعية عارمة جديدة ام ‏نسخة متجددة ومتبدلة للانتفاضة السابقة فان الانطباعات السائدة تشير الى معطيات ‏بالغة الخطورة تنذر فعلا بانفجار اجتماعي غير مسبوق الامر الذي يثير السؤال الكبير ‏الأساسي في مواجهة هذا التطور: هل يدرك المعنيون بتأليف الحكومة الجديدة ولا سيما ‏منهم الحلف الذي يضم العهد و”حزب الله” الذي يمعن في التعطيل الكلفة المخيفة التي ‏ستترتب على المضي في إدارة الظهر لاشتعال الشارع ما لم يسارع الى الافراج عن ‏المحاولة الانقاذية الفورية الوحيدة المجدية، وربما بالكاد تكون مجدية بعد، المتصلة برفع ‏الايدي التعطيلية عن الحكومة الانقاذية قبل غرق البلاد في فوضى لا يعرف احد الى اين ‏ستودي بلبنان هذه المرة ؟ ذلك انه اذا كان الطابع الغالب على انتفاضة قطع الطرق امس ‏ارتبط بتخطي الدولار في السوق السوداء سقف العشرة الاف ليرة فسيكون من الخطأ ‏الجسيم حصر حركة احتجاجية عارمة وعابرة للمناطق كافة بهذا العامل وحده، بمعنى ان ‏الاعتمال الشعبي يرتبط واقعيا بكل الاحتقانات والمعاناة اليومية للشرائح اللبنانية الأكبر ‏التي باتت تتساوى امام الفقر والعوز والقلق وفقدان الأمان المالي والاجتماعي‎.‎

‎ ‎وإذ ربط جانب أساسي من قفزة سعر الدولار بالإجراءات التي جرت في الأيام الأخيرة لتنفيذ ‏المصارف تعميم مصرف لبنان المتعلق بتعزيز السيولة لدى المصارف وتحريك حاكم ‏مصرف لبنان هيئة التحقيق الخاصة بالتحقق من التزام المصارف، لفت ما اعلنه النائب ‏هاكوب ترزيان من انه ” إذا أردنا أن نعرف ماذا يجري في الطرق اليوم، علينا أن نعرف من ‏يقف خلف التطبيقات والمنصات غير الشرعية التي تتلاعب بأسعار الدولار وتحدده في ‏السوق السوداء، ولماذا لم يتم حجبها عن شبكات التواصل والإنترنت”. وأضاف: “ليضرب ‏القضاء بيد من حديد فورا إن صح ما يشاع بأنه توجد أربعة مصارف تدخلت في شراء العملة ‏الصعبة من الدولار من السوق السوداء لدعم سيولتها فهذا جرم موصوف في خانة تبييض ‏الأموال، وعلى القضاء التحرك فورا لمعاقبة فاعليه بأقصى العقوبات واتخاذ الإجراءات ‏القاسية فيها‎”.‎

‎ ‎اقفال الطرق

اما في الوقائع فاعتبارا من الصباح بدأت عمليات قطع الطرق بدءا بالأوتوستراد الذي يربط ‏طرابلس ببيروت عند جسر البالما والطريق عند ساحة عبد الحميد كرامي، ولاحقا نزل ‏محتجون على الأوضاع الإقتصادية وقطعوا الطريق في سعدنايل البقاعية ومن ثم ‏في تعلبايا، وسرعان ما تمددت الحركة الى الجنوب بقطع الطريق العام على بولفار جديدة ‏مرجعيون وبعدها الى مدينة صيدا، فالنبطية وكفرمان ليلا‎ .‎

اما ذروة تصاعد الحركات الاحتجاجية فبدأت بعد الظهر مع تعميم عمليات قطع الطرق بدءا ‏بطرق البقاع الأوسط فيما بدا لافتا ان ساحة شتورة شهدت أقفالا لمحال الصيرفة . كما ‏تمدد قطع الطرق بسرعة الى طريق المطار القديمة وبيروت، وتمّ قطع اوتوستراد الرينغ ‏بالاتجاهين كما طريق بشارة الخوري بالإتجاهين واستعادت ساحة الشهداء عند مسجد ‏الأمين مشهد الاحتجاج بالاطارات المشتعلة وتمدد الامر نحو الدورة واوتوستراد الزوق حيث ‏قطع في الاتجاهين وساحل كسروان والشمال‎.‎

‎ ‎بين عون والحريري

وعلى رغم السخونة العالية التي أضفتها الحركة الاحتجاجية لم تظهر أي معالم استثنائية ‏حيال إزالة التعقيدات التي تعترض #تشكيل الحكومة علما ان رئيس الجمهورية ميشال عون ‏اكد “السعي لتأليف حكومة ليتمكن لبنان من خلالها التفاوض مع المؤسسات المالية التي ‏أبدت رغبتها بمساعدته”، معتبرا ان “بإمكان اللبنانيين المنتشرين مساعدة وطنهم عبر انشاء ‏مؤسسات فيه وخلق فرص عمل لشبابه للحد من رغبتهم بالهجرة نتيجة الأوضاع الراهنة‎”.‎

في المقابل، في اطار الجولة على المرجعيات الروحية، زار وفد من نواب كتلة “المستقبل”، ‏متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، مؤكدين له “حرص الرئيس ‏المكلف سعد الحريري الدائم على حقوق جميع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين وفقا للدستور ‏والقوانين وان الحفاظ على حقوق اللبنانيين، يبدأ من بناء الدولة واحترام مؤسساتها ‏الدستورية والتزام قوانينها المرعية”. ووضع الوفد عودة في أجواء الاتصالات والجهود التي ‏يبذلها الرئيس المكلف “في موضوع تشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين غير حزبيين ‏للتصدي للازمة الخانقة التي يعيشها لبنان، والتصدي لوقف الانهيار واعادة اعمار ما دمره ‏انفجار المرفأ وتطبيق الاصلاحات المنشودة” . وزار الوفد ايضا شيخ عقل طائفة الموحدين ‏الدروز الشيخ نعيم حسن الذي شدد على أن “الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية ‏الخانقة باتت بمستوى يستدعي تأليف حكومة قادرة على إنقاذ لبنان اليوم قبل الغد”، مؤكدا ‏أن “كل تعطيل وتأخير في تشكيل الحكومة يحمل أصحابه مسؤولية أخلاقية ووطنية وأمام ‏الضمير والتاريخ‎ “‎

Leave A Reply