السبت, نوفمبر 23
Banner

من دعم جيوب طبقة غنية إلى بطاقات تمويل انتخابية!

ذوالفقار قبيسي – اللواء

بين أسعار الدولار وأسعار الدواء والغذاء وفواتير المولدات وعشرات السلع والخدمات، هناك قاسم مشترك هو الفارق بين المحدد رسميا، وما يدفعه المواطن فعليا بأسعار تقررها الاحتكارات. كما حصل يوما مع مواطن استغرب كيف يبيعه لحام بأغلى من الرسمي الذي سمعه على الإذاعة، وأجابه اللحام: اذهب واشتري من الإذاعة!

والمشكلة أن الأسعار المخالفة ليست موحّدة، بل تتنقل وتقفز كما العصفور الدوري من منطقة الى منطقة ومن حي الى حي ومن دكان الى دكان ودون مقياس أو ضابط ودائما في ظل وحماية مبدأ «الحرية الاقتصادية»(!) رغم ان كلمة «حرية» تنتهي بـ«تاء مربوطة» تمسك بها وتحدّ من جموحها.

فما الحل؟

أمام الفشل الحكومي الدائم في دعم لا يصل منه الى المواطن الفقير سوى النزر اليسير، يمكن خفض أكلاف ورسوم الخدمات التي يقتصر استخدامها على الفقراء دون الأغنياء مثل تعرفة النقل العام وحجم استهلاك الفقراء من الكهرباء والماء، والمزيد من الاعفاءات من ضرائب الأرباح القليلة والأجور الضئيلة وأكلاف التعليم الرسمي وسواه من قطاعات لا تستخدمها الفئات الغنية والميسورة ويقتصر استهلاكها على الفئات المتعسّرة، بحيث أن ما يربحه الفقراء مقابل خسارة الدعم لا يستفيد منه الأغنياء، وبحيث تقتصر البطاقات التمويلية أو التموينية على طبقة الفقر المدقع التي لا تزيد عن ٢٠% من عدد السكان بدلا من الـ٦٠ الى ٧٠% الشريحة الأوسع التي لا تصلها على أي حال نعمة دعم يهدر على مذبح الزبائنيات السياسية والحزبية والطائفية، أو ينحرف عن المحرومين والمعوزين الى جيوب الأثرياء وقوافل المهربين، في تجربة ثبت فشلها في العديد من البلدان التي عانت دولها وشعوبها من دعم انقلب الى غير أهله.

ففي تقرير نشرته «الأكونوميست» قبل حوالي سبعة أعوام (١٤ حزيران ٢٠١٤) «ان الدعم متى أقرّ يصعب إلغاؤه ووقف كل ما يتسبب به من أضرار أهمها أنه يأخذ من مخصصات الصحة والتعليم في الموازنة العامة، ويعطيه للأغنياء الذين يتمتعون بالجزء الأكبر من دعم يزيد في فساد الاقتصاد وفي إفلاس الدولة» كما ورد في التقرير الذي يشير الى انه رغم ان إلغاء الدعم تسبب باضطراب ميزانية الأسرة والمزيد من الغضب الشعبي، فان بلدانا عدة وجدت من المناسب عمليا واقتصاديا رفعه عن العديد من السلع، ومنها مصر والمغرب وغانا ونيجيريا وأوغندا وأندونيسيا والهند وإيران والفليبين حيث اختلفت السلع التي رفع عنها الدعم حسب ظروف كل بلد، من المحروقات والدواء الى الكهرباء والماء أو كلها جميعا. ولم يكن السبب حصرا لتلبية شروط صندوق النقد الدولي، وإنما في الكثير من الحالات لوقف استنزاف الموارد دون جدوى اقتصادية وانمائية أو لتجنّب خفض درجة التصنيف السيادي للبلد من قبل الوكالات الدولية بما يؤدي الى المزيد من رفع الفوائد على الدين العام بسبب دعم منحرف يزيد في عجوزات الموازنات الحكومية وباقي الموازين النقدية والتجارية.

Leave A Reply