الأحد, نوفمبر 24
Banner

هل يفرض إنفجار الشارع تشكيل حكومة سياسية؟!

غسان ريفي – سفير الشمال

ترخي الفوضى الشاملة بثقلها على المناطق اللبنانية، بفعل الأزمة الاجتماعية التي بلغت ذروتها مع تجاوز الدولار الأميركي عتبة العشرة آلاف ليرة اللبنانية، حيث بدا واضحا أمس أن الحبل قد يكون على الجرار وأن العملة الخضراء قد تضرب أرقاما قياسية جديدة مع إستمرار إنسداد الأفق السياسي والحكومي.

كل ما يحصل يشير الى أن البلاد ذاهبة الى التحلل والتفكك، خصوصا أنه في كل يوم تظهر نماذج جديدة تعزز هذا المنطق، فبعد مشهد التقاتل بين المواطنين على كيس حليب مدعوم، والتهافت والتناتش الهستيري على بعض السلع المماثلة في السوبرماركات، أطل وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب في سابقة لم تشهدها حكومات العالم من قبل، لجهة إعلان الاضراب في القطاع التعليمي لمدة أسبوع إحتجاجا على حكومته التي لن تف بوعودها في تأمين الدعم له، ورفضا لسلوك وزير الصحة حمد حسن بعدم إعطاء القطاع التعليمي الأولوية في تأمين اللقاح.

كما سارع بعض الموتورين الى الترويج لتقرير نشرته “بلومبرغ” حول عقوبات أميركية ستفرض على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك في سلوك يهدف الى أمرين: الأول الانتقام من سلامة سياسيا والامعان في إضعافه، والثاني ضرب القطاع المصرفي ورفع سعر صرف الدولار بشكل أكبر للاطاحة بحاكم مصرف لبنان الذي أشارت المعلومات الأولية أنه كان ضحية مؤامرة لبنانية داخلية تصب في الحرب المفتوحة عليه منذ فترة طويلة.

في غضون ذلك، يستمر تقطيع أوصال المناطق اللبنانية بالاطارات المشتعلة إحتجاجا على الأوضاع المعيشية وجنون الدولار.

وإذا كانت هذه التحركات الاحتجاجية محقة وضرورية وهي لم ترقَ حتى الآن الى حجم المعاناة والمآسي خصوصا على صعيد حشد المواطنين في الشوارع لمواجهة أركان السلطة وتعطيل مؤسسات الدولة، فإن ما يحصل على صعيد الاعتداء على صحة الناس مرفوض، ولا يمت الى الانسانية بصلة، خصوصا أن قلة من المحتجين يصرون على إشعال الاطارات في كل الأماكن المأهولة وضمن الشوارع الضيقة ما يعرض الأهالي الى الدخان الأسود والسموم التي يحملها وبالتالي الى الخطر الكبير خصوصا أولئك الذين يعانون من مشاكل في التنفس أو المصابين بالربو أو بالكورونا، فهل يهدف المحتجون الى الاعتراض على سياسة الدولة أم أنهم يريدون قتل المواطنين إختناقا في منازلهم؟، واللافت أن هؤلاء يسيرون بمواكبة أمنية وعسكرية تحت حجة حماية الثورة التي لم تعد تمت الى هؤلاء بصلة.

هذه الفوضى الشاملة المرشحة لمزيد من الفلتان على وقع أعمال السرقة والسطو والمسلح وجرائم القتل التي تفرض نفسها على كثير من المناطق، تترافق مع فوضى سياسية غير مسبوقة وإنعدام للمسؤولية الوطنية من قبل من يُفترض بهم حماية البلد وصيانة الدستور والدفاع عن شعب لبنان العظيم.

رئيس الجمهورية ميشال عون يرسل الاقتراحات الحكومية الى الرئيس المكلف سعد الحريري عبر وسائل الاعلام، وذلك في “خفة سياسية” غير مسبوقة تجعله قادرا على التنصل منها أو التراجع عنها في أي وقت، وذلك بهدف إحراج الحريري أو التفاوض معه على مطالب جبران باسيل التي لا يمكن صرفها محليا ولا دوليا وتتعارض مع نص المبادرة الفرنسية، ومع تطلعات أكثرية الشعب اللبناني.

يمكن القول إن خيارات الحريري بدأت تضيق، خصوصا مع شعوره بأنه يتعرض لحصار نتيجة تصلب مواقف الرئيس عون وهيمنة باسيل على قصر بعبدا، ووقوف حزب الله الى جانب عون وباسيل، وتراجع وليد جنبلاط عن حكومة الـ 18 والذي أضعف موقف الحريري، إضافة الى الضغط الفرنسي الذي بدأ يمارس عليه معطوفا على إقفال الباب السعودي بوجهه والذي لم تنفع كل الزيارات الى الامارات في إيجاد مفتاحه، فضلا عن الواقع المعيشي الصعب وإتجاه لبنان الى الدرك الأسفل من الانهيار.

تقول مصادر مقربة من بيت الوسط: إن الحريري باق على تمسكه بحكومة الـ18 من دون ثلث معطل ومن دون وزارة الداخلية لرئيس الجمهورية، فإما أن ينجح في تشكيل حكومة من هذا النوع، أو قد يؤدي إنفجار الوضع في الشارع الى فرض تشكيل حكومة سياسية تناقش النظام اللبناني برمته.

وتكشف هذه المصادر أن إشارات إيجابية وصلت ليلا الى الحريري ربما تساهم في فتح أبواب السعودية أمامه، لكن لا شيء ملموسا حتى الآن.

Leave A Reply