السبت, نوفمبر 23
Banner

تخلّصوا من العملة الخضراء: الدولار “يسقط” مؤقتاً!

خضر حسان – المدن

فجأة انطفأ كل شيء. وكأنَّ الكهرباء انقطعت كعادتها. ارتفاع جنوني لسعر الدولار، وصل إلى حدود 11 ألف ليرة، ثم سقط إلى نحو 10 آلاف ليرة. والتغيُّر اللحظي، أربك حاملي الدولار وبائعيه، فمَن يبيعه الآن، سيخسر بعد دقيقتين. ومع ذلك، فإنَّ عدّاد التداول بالدولار يوم أمس السبت، تسارَعَ حتّى تعَثَّر. فهل سينهض مجدداً أم يبقى عند حدود الـ10 آلاف ليرة؟

التهديد بالملاحقة والاعتقال

انفلات سعر الصرف والتهديد بانفلات الشارع، دفَعَ الأيادي المجهولة-المعلومة، إلى تهدئة اللعبة بعد بروز تهديدات بالملاحقة للصرّافين المتلاعبين بسعر الدولار، شرعيين كانوا أم غير شرعيين. حتى أنَّ الشبّان المنتشرين على الطرقات في بعض المناطق، والعاملين في تصريف الدولار للمارّة، اختفوا من الواجهة، وتحوَّلوا إلى التصريف خلف الكواليس. ويشير أحدهم في حديث لـ”المدن”، إلى أنّ “التطبيقات التي تحدد أسعار الدولار وتساعد في البيع والشراء، توقّفت. وتَبَلَّغَ الجميع بأن الملاحقات ستطال الصرّافين غير الشرعيين وغير الملتزمين بالأسعار”.

لكن أي أسعار يُفتَرَض الإلتزام بها في ظل وجود ما يقارب أربعة أسعار في السوق؟ لا جواب شافياً. فحاكم مصرف لبنان رياض سلامة نأى بنفسه عن التدخّل لضبط سعر الصرف منذ بدء ارتفاع سعر الدولار، ومغادرته حدود ما كان يُعرَف بالسعر الرسمي 1500 ليرة، متذرّعاً بأن الدولار سلعة خاضعة للعرض والطلب. ومع انكشاف تورّط مصارف وصرّافين بتغذية ما بات يُعرَف بالسوق السوداء، ارتأى الحاكم التدخّل بصيغة التمنّي على الصرّافين خفض الأسعار وتقليص هامش ربحهم. فالحاكم، وفق ما قاله لـ”المدن” نقيب الصرافين محمود مراد (مطلع العام الماضي) “لا يمكنه التدخل لخفض سعر الصرف”، لكن النقابة “ستضغط على الصرّافين لخفض السعر، وستراقب التزام الصرّافين بالسعر الجديد، وستتخذ إجراءات بحق غير الملتزمين”. وفي هذا التصريح، إعلان واضح حول دور الصرافين الشرعيين في رفع سعر الصرف.

حتى أن الملاحقات التي أدّت إلى توقيف مراد في شهر أيار من العام الماضي، بتهمة التلاعب بسعر صرف الدولار، أدَّت إلى إشعال سعر الصرف وليس خفضه. الأمر الذي ساهم اليوم في التقليل من أهمية التهديدات.

حدود الـ10 آلاف

تراجع سعر الصرف ليوم الأحد 7 آذار، إلى نحو 10 آلاف و500 ليرة للشراء ونحو 10 آلاف و200 ليرة للمبيع. إلاّ أن حركة البيع بقيت خجولة جداً، بسبب احتمال عودة الأسعار إلى الارتفاع. فما يحصل هو سيناريو مُكَرَّر لأحداث سابقة حصلت كلّما قَطَع الدولار حاجزاً نحو رقم أعلى.

وعليه، فإن الشائعات التي تروِّج لاحتمال تثبيت الدولار على 10 آلاف ليرة، لم تجد لنفسها مكاناً بين حَمَلة الدولار، رغم “نصائح” الصرّافين الشرعيين وغير الشرعيين، بالتخلّص من الدولار وعدم الاحتفاظ به، خوفاً من الانخفاض الإضافي والتثبيت. ما يعني أن الصرّافين يتابعون تحريكهم للسوق السوداء بهدف جمع ما أمكَن من العملة الخضراء. وهي سياسة مستمرة منذ أن بات حلم اللبنانيين تثبيت الدولار على سعر يتراوح بين 5 إلى 6 آلاف، وهو السعر الذي أشيع بأنّه يعبّر عن حجم السوق الفعلي، فيما الدولار يواصل صعوده.

اللعبة مستمرة

قال رياض سلامة يوماً بأن “الناس ستعتاد”. هي عبارة تختصر المشهد الراهن واللعبة بكل أبعادها. فنحن في أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات الداخلية والخارجية. منظومة فاسدة نهبت البلاد، وصراعات خارجية تؤجّل الحل الداخلي وتؤجج الأزمة أحياناً. وإلى حين بروز نواة حلّ، لا شيء يكبح انفلات سعر صرف الدولار سوى خوف المنظومة من انفلات الشارع. ولذلك، تلجأ إلى “تغطية” الارتفاع المستمر، بمهزلة الملاحقات وتوقيف بعض صغار الصرّافين، لينخفض سعر الصرف قليلاً، ريثما يعتاد الجمهور على السعر الجديد.. ثم تتكرَّر اللعبة.

Leave A Reply