ذوالفقار قبيسي – اللواء
الارتفاع الجنوني لسعر الدولار أصاب مختلف الطبقات الاجتماعية بردود فعل تنوّعت:
١- بين مكاسب لحملة الدولارات في المنازل أو حسابات الـFresh Dollar في المصارف، وهلع أصحاب المداخيل والحسابات بالليرات أو حتى بالدولارات التي تدفعها المصارف بسقوفات محدودة بـ (لولارات!) وبسعر صرف أقل من ثلث سعر سوق سوداء تزداد ظلامة وظلما لشعب يزداد حرمانا وفقرا، واقتصاد يزداد انهيارا في مختلف القطاعات ودولة تزداد اهتراء في مختلف المجالات، ومنها:
٢- تراجع هائل في القوة الشرائية لغالبية شرائح الشعب اللبناني المقيم أو غير المقيم ممن أودع جنى العمر في المهاجر ليرات تنطفيء أو دولارات تنكفيء.
٣- انخفاض هائل في واردات الدولة سواء من حيث انهيار متواصل في القوة الشرائية لمداخيلها الضريبية أو بسبب تراجع هذه الواردات نتيجة توقف الاستثمارات وتناقص عدد المؤسسات والركود الذي تحوّل الى كساد في مختلف القطاعات.
٤- اتساع الفروقات في المجتمع بين طبقة بدولارات جاهزة في الدخل أو واردة من الخارج تتعاظم قدراتها الشرائية بسبب ارتفاع الدولار لصالحها يوما بعد يوم وساعة بين ساعة، وطبقات وسطى وصغرى انهارت قوتها الشرائية بالليرة وانضمت الى شرائح لا تملك لا دولارات ولا ليرات بل المزيد من العوز والحاجة والفقر والجوع.
٥- انهيار العديد من المؤسسات الكبرى وحتى بعض المؤسسات العملاقة الرازحة تحت الديون بالدولار الذي بات من شبه المستحيل الحصول عليه لا من خارج منعزل يهدد بالعقوبات ولا من داخل مقفل بالأوبئة والأزمات.
٦- ضيق مساحة المنافسة بين مؤسسات متوسطة وصغرى تشكّل ٩٥% من حجم الاقتصاد باتت عاجزة عن تحمّل نتائج ارتفاع الدولار وزيادات الأجور وأكلاف استخدام تقنيات وتجهيزات حديثة، وعدد محدود من مؤسسات كبرى تزداد قدرتها على الاحتكار والتحكم بالأسعار.
٧- ازدياد البطالة مع اختفاء مؤسسات وسطى وصغرى وتسريح عدد كبير من عمال والمؤسسات الكبرى بسبب استبدالهم بالتجهيزات والتقنيات الحديثة وللتعويض عن أكلافها العالية على هذه المؤسسات بالعملات الأجنبية.
٨- انخفاض درجة التصنيف السيادي للدولة وللاقتصاد عموما الى الدرجة الأدنى بعد أن بلغت الدرجة الدنيا عندما توقفت الدولة عن دفع اليوروبوندز وباقي الالتزامات المستحقة في إطار الدين العام الذي يزداد مع الفوائد ارتفاعا ومعه الكم المطبوع بليرات كلما ازدادت في التداول ازداد جنون الدولار وجموح التضخم.
٩- ازدياد الصعوبات في أي مفاوضات ما زالت مجمدة حتى الآن، مع صندوق النقد الدولي، لجهة ان انهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي بسبب الارتفاع المتواصل لسعر الدولار، لن يمكّن الدولة من تلبية أي شرط من شروط الصندوق سواء بخفض عدد العاملين في القطاع العام أم برفع أي دعم هي أصلا غير قادرة على رفعه، فكيف تقدر الآن مع الارتفاع الجنوني في سعر الدولار وفي الغضب الشعبي المتعاظم ضد فساد الحكم واشتداد الغلاء وبلاء الوباء.
١٠- مع ازياد أعباء أكلاف التشغيل ومواد الانتاج ستكون المؤسسات اللبنانية أقل قدرة على المنافسة في الأسواق العربية والعالمية وبالتالي أقل قدرة على اجتذاب الدولار الذي سيزداد عندها ارتفاعا الى حد انهيار ما تبقّى من مقومات الدولة والمجتمع وبكل المخاطر الأمنية والتداعيات الاقتصادية والسياسية الداخلية والخارجية.