الجمعة, نوفمبر 22
Banner

الجمهورية: الأزمات تستفحل.. وعون يلقي المسؤولية على الحريري.. وبري يطلق نداء 17 آذار

كان ينتظر أن يحرّك تفاقم الازمة شريكي التأليف في اتجاه التفاهم على حلول ومخارج للعقد المانعة لولادة الحكومة، الا انّ سفن التوقعات أبحرت في الاتجاه المعاكس، وقادت الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري من جديد الى حلبة الاشتباك، وهذه المرة عبر المنابر الاعلامية، وهو الامر الذي من شأنه كما هو واضح، ان يجرّ البلد الى اشتباكات سياسية تحت العنوان الحكومي، مترافقة مع تورّم شديد للازمات واستفحالها في شتى المجالات. القاسم المشترك بين الرئيسين انهما تنصّلا من اي مسؤولية عن تعطيل تأليف الحكومة، فألقى كل منهما المسؤولية على الآخر، فرئيس الجمهورية رمى الكرة في ملعب الحريري مخيّراً إيّاه بين التفاهم بينهما على حكومة خارج المسودة التي قدّمها، أو إفساح المجال لغيره لتشكيل هذه الحكومة. فيما جاء رد الحريري بالطريقة ذاتها مُبدياً الاستعداد لزيارة القصر والبحث في التأليف على قاعدة المسودة الحكومية التي قدمها، مخيّراً إيّاه بين القبول بها او بانتخابات رئاسية مبكرة. معنى ذلك انّ العلاقة بين عون والحريري وصلت الى الحائط المسدود، وان الامور بينهما صارت مفتوحة على شتى الاحتمالات، في وقت يندفع البلد مُسرعا نحو السقوط في هاوية كارثية، لن يبقى معها بلد او رئاسات او اي شيء، إن استمر الدفع إليها كما هو جار على خط الاشتباك بين شريكي التأليف، ورفضهما لبعضهما البعض.

تمسحة وفجور

قبل اشتباك الرئيسين، كانت الصورة في أقبح معالمها، وخلاصتها، انّه لو كان في موسوعة “غينيس” مكان لرقم قياسي في “التَمْسَحة السياسية” وقلّة الحياء، لانتزعه حكّام لبنان بلا اي منازع.

صار البلد في الحضيض، وصار عمره يقاس بالايام، بحيث لم تبق امامه سوى بضع خطوات ليسقط ويندثر، فيما الفجور والوقاحة هما العنوان لطبقة خبيثة من الحكّام، عائمة على ركام وطن مدمّر، تتسلّط على شعب مقهور سرقوا منه لقمته، وأسقطوه الى ما تحت الارض، وصار في غربة في وطنه، وحكّامه غرباء يسوقونه بأهوائهم وأنانياتهم واستهتارهم، في طابور قهري، الى إبادة جماعيّة لم يشهد مثلها أيّام الحروب والمصائب السابقة التي مرّت على لبنان.

الجوع يكبر ويتمدّد على مدار الساعة، في وطن مخطوف يُراد له ان يستسلم لقدره، ويسلّم لخاطفيه الذين يصرّون على نحره على مذبح أحجام وحصص ومكاسب ووزارات ومعايير فارغة وشعارات زائفة وسخيفة، من نتائجها الفورية أنّها جعلت لبنان وطناً قائماً على رمال متحركة تبتلعه شيئاً فشيئاً حتى لا يبقى منه شيء.

الجوع يكبر، والخوف من الغد يتعاظم، وطبقة الحكّام لم تقدّم ما يؤشر الى انّها في وارد ان تنزل الى الناس وتشعر معهم وتقدّر ما أصابهم، وتبدّد هواجسهم وخوفهم الكبير مما يخبئه لهم الآتي من الايام. وامام هذه الصورة المفزعة، ينبري السؤال التالي: مما هي معجونة طبقة الحكّام هذه، وكيف لوطن ان يستمر مع طبقة متحكّمة ظالمة للبشر وحتى للحجر في لبنان، وكيف يمكن لشعب ان يخرج من هذه الدوامة مع متحكّمين سرقوا اطمئنانه وامانه؟!لا جواب يلقاه المواطن سوى المزيد من تعنّت الحكّام، ومزيد من الصراع على هيكل حكومي تداعى قبل أن يُبنى، ومزيد من التجاهل للفقر الذي اجتاح بيوت اللبنانيين ويكاد يحوّلهم الى متسولين لرغيف خبز، ويُدخل البلد في فتنة معيشية واجتماعية تخطف حتى الهواء الذي يتنفسه اللبنانيون. وإلى جانب ذلك، مزيد من اعطاء الخارج، كل الخارج، الصديق والشقيق، ما يبرّر له ان يعبّر عن قرف واشمئزاز متزايدين من طبقة الحكّام، وهو ما بات متداولاً بكل صراحة ووضوح، سواء في لقاءات الديبلوماسيين الأجانب مع القادة السياسيين، او في حركة الاتصالات التي تجري بصورة مباشرة او عبر قنوات صديقة مع الفرنسيين او الاميركيين او العرب، وكذلك مع المؤسسات المالية الدولية في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والتي تلقي بمسؤولية مفاقمة الأزمة والتعطيل المتعمّد للبلد على السلطة الحاكمة، التي تهرب بشكل فاضح من وصفة العلاج التي يتبنّاها كل المجتمع الدولي، وجوهرها تشكيل حكومة مهمّة تباشر في عملية الإنقاذ والاصلاح، وتلبّي آمال وتطلعات اللبنانيين في تغيير النمط الفاسد الذي ألقى بلبنان في درك ازمة صار من الصعب عليه الخروج منها.

الإنقاذ ما زال ممكناً

وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ الإشارات التي ما زالت ترد الى لبنان من صندوق النقد الدولي، وكذلك من البنك الدولي، ما زالت تحمل بعض الضوء، وفق ما نقله احد كبار المسؤولين الماليين الدوليين للمراجع المالية الرسمية في لبنان، حيث اعتبر أنّ تشكيل الحكومة في لبنان ما زال يعدّ فرصة للإنقاذ، عبر برنامج اصلاحي مستعجل تضعه هذه الحكومة، يشكّل نقلة نوعية للواقع في لبنان نحو الإنفراج، ويعجّل في دخول لبنان بمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والاتفاق على برنامج تعاون، كان ولا يزال شرطه الاساس ان تبادر الحكومة اللبنانية الى خطوات ملموسة، تؤكّد من خلالها توجّهها الجدّي نحو إجراء اصلاحات جذرية، تأتي في صدارتها مكافحة الفساد.

وبحسب ما نقل المسؤول المالي الدولي، انّ باب المؤسسات المالية الدولية مفتوح امام لبنان، ولكن بشرط ان يُقدم المسؤولون في لبنان على اجراءات تنطوي على صدقية وجدّية في توجّه المسؤولين اللبنانيين نحو المعالجات الجذرية، هذا مع التحذير، انّ كل تأخّر في ذلك سيضع لبنان مستقبلاً امام صعوبات كبرى، وانهيارات حتمية في نظامه المالي والاقتصادي. وبالتالي فإنّ الوقت لا يلعب لصالح لبنان على الإطلاق، بل انّ الوضع في هذا البلد جعله مفلساً حتى من الوقت ومن القدرة على تضييع المزيد منه، ما يعني في خلاصة الامر، انّ الكرة في ملعب الحكّام في لبنان.

إستغراب غربي

هذا التحذير الذي تبلّغته المراجع المالية الرسمية، توازى مع اسئلة اتهامية مباشرة طرحها ديبلوماسيون اميركيون وفرنسيون على مستويات سياسية ورسمية لبنانية، تنطوي على استغراب شديد لهذا التلكؤ الذي يُمارس على صعيد تأليف الحكومة. وبحسب المعلومات، فإنّ السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، وبالتوازي مع إعرابها عن تضامن فرنسا الكامل مع لبنان وحرصها على دخوله مرحلة الانتعاش، تعكس اجواء لا تشي بارتياح الايليزيه لعدم التجاوب غير المبرّر وغير المفهوم، مع المبادرة الفرنسية، وهروب القادة في لبنان من الالتزام بما سبق لهم ان التزموا به من تعهدات، تضع المبادرة الفرنسية حيز التنفيذ، عبر تشكيل حكومة وفق مندرجاتها، التي تشكّل فرصة الحل للبنان. علماً انّ المسؤولين الذين يتواصلون مع السفيرة الفرنسية او مع اي من افراد البعثة الفرنسية في لبنان، يتمنون بأن تستمر باريس في جهودها وعدم التسليم امام محاولات تعطيل المبادرة الفرنسية.وبحسب المعلومات، فإنّ الديبلوماسية الفرنسية تؤكّد عدم تخلّي فرنسا عن لبنان، والتزامها باستمرار جهودها تجاه لبنان، لكنّ المطلوب بالدرجة الاولى هو تجاوب القادة اللبنانيين مع المساعي الفرنسية، وهذا الامر تمّ ابلاغه مجدّداً الى بعض المسؤولين اللبنانيين قبل ايام قليلة. وكشفت المصادر، انّ شخصية لبنانية رفيعة المستوى، بادرت في خلال الايام القليلة الماضية الى التواصل مع جهات فرنسية مسؤولة ومعنية بالملف اللبناني، متمنية على الجانب الفرنسي الاستمرار في ممارسة الضغط على الأطراف في لبنان لتسهيل تشكيل حكومة المهمّة وفق المبادرة الفرنسية، وحَمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري على التفاهم لولادة الحكومة، لأنّ الوضع في لبنان قد شارف على الانهيار الكامل، ويساهم في ذلك التلاعب الخطير في سعر الدولار، الذي بات ينذر بانهيار تام للعملة الوطنية التي فقدت ما يزيد عن 90 في المئة من قيمتها. هذه الاجواء الفرنسية، تلاقت مع اجواء مماثلة تعكسها السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، وآخرها في اللقاء قبل يومين مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث عكست رغبة الولايات المتحدة في ان تتشكّل حكومة في لبنان في اسرع وقت ممكن، ومن دون ابطاء، وخصوصاً انّ الوضع في لبنان بات ينذر بمخاطر توجب ان يتمّ تداركها في مسارعة اللبنانيين الى تشكيل حكومة تحقق مطالب الشعب اللبناني بالإصلاح والإنقاذ ومكافحة الفساد المستشري على كل المستويات.

عقوبات

يتقاطع ذلك، مع ما أعلنه مصدر دبلوماسي فرنسي امس، عن انه “على الأوروبيين والأميركيين زيادة “الضغوط” على الطبقة السياسية اللبنانية لتشكيل حكومة جديدة وقد يتم ذلك أيضا من خلال “عقوبات”.

وصرّح الدبلوماسي لصحافيين “يجب زيادة الضغط إلى حد كبير على القادة السياسيين. سيكون هذا عمل الأسابيع المقبلة”. وأضاف: “لن نتحرك بمفردنا لكن مع شركائنا الأوروبيين ومع الأميركيين”.

وذكر المصدر أنّ “هذا العمل (ممارسة الضغوط) سيحصل بطريقة أسهل بكثير مع إدارة بايدن”، في حين أن دونالد ترامب كان يعتبر لبنان مجرد “عامل لتغيير” معادلة القوى مع إيران.

ومنذ استقالة الحكومة بعد الانفجار الضخم الذي هزّ مرفأ بيروت في الرابع من آذار لم تنجح الطبقة السياسية في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة قادرة على تطبيق الاصلاحات، في حين أن البلد بات على شفير فوضى اقتصادية.

وتابع المصدر الدبلوماسي الفرنسي أنه في هذه الأجواء “ستطرح على الطاولة مسألة العقوبات” التي ستفرض على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون أي تقدم سياسي. وقال المصدر: “لم تكن مسألة العقوبات الأولوية في آب وأيلول، لكن بعد ستة أو سبعة أشهر باتت مشروعة”.

الإنقاذ يبدأ من هنا

وفي موازاة القلق الذي عبّر عنه الديبلوماسيون الاجانب مع المسؤولين في لبنان، كشف مسؤول كبير لـ”الجمهورية”، انّ الاتصالات مع الفرنسيين لم تنقطع، بل هي مستمرة بشكل شبه يومي، وكذلك الامر مع الاميركيين، وفي نتيجتها، انّ مسؤولية الانقاذ تقع على عاتق اللبنانيين قبل غيرهم، والشرط الاساس هو المسارعة الى تشكيل حكومة، فلا الفرنسيون، ولا الاميركيون ولا اي من الدول العربية على استعداد لتقديم اي دعم مادي للبنان، طالما هو في هذا الفراغ الحكومي، وفي الصراع المخزي على حصص وحقائب ووزارات لا قيمة لها امام وضع يكاد يصبح ميؤوساً منه.وجزم المسؤول عينه، انّ الخارج، كل الخارج متضامن مع لبنان، ويحث على تشكيل حكومة، ولا فيتوات على احد، طالما انّ الحكومة المنوي تشكيلها هي حكومة اختصاصيين من غير السياسيين والحزبيين. كما انّ الخارج مدرك تماماً لأسباب التعطيل، وهي داخلية، يغطيها المعطّلون بإلقاء المسؤولية على الخارج، وهذا ليس واقعياً، بل هو هروب الى الامام ومن المسؤولية، من جهات لبنانية ترفض ان يسود الاستقرار في هذا البلد. وان استمر الوضع على ما هو عليه، فقد لا يطول الوقت ويبادر بعض الديبلوماسيين الى تسمية المعطلين بأسمائهم، وليتحمّلوا المسؤولية امام الشعب اللبناني. وهذا ما ابلغه صراحة بعض السفراء لمسؤولين كبار.

اقل من شهر

وسط هذه الاجواء، ابلغ مرجع مسؤول الى “الجمهورية” قوله: “الفرنسيون حريصون على لبنان ويستمرون في إسداء النصح، والاميركيون ابلغونا بشكل مباشر انّهم يريدون حكومة في لبنان في اسرع وقت، للبدء بالإنقاذ والاصلاح، وكلاهما، الاميركيون والفرنسيون، اكّدوا لنا استعدادهم لتقديم كل ما يلزم من مساعدة عندما يستقيم الوضع الحكومي. ولمسنا استعداداً من الأشقاء للوقوف الى جانب لبنان. ومع الأسف، رغم كل ذلك، هناك من هو مصرّ على سدّ الأفق اللبناني، وإبقاء الوضع مترنحاً في هذا التخبّط والخواء الحكومي، في اصعب مرحلة يشهدها لبنان، ويُطفئ اي بصيص امل في تفاهم على حكومة إنقاذية، ويصرّ على تضييعها في صغائره”.ولفت المرجع، الى انّ “الجريمة التي ارتُكبت بحق اللبنانيين في الايام الاخيرة، عبر محاربتهم بلقمتهم ورفع سعر الدولار الى مستويات جنونية، كان يُفترض بالحدّ الادنى ان يحرّك الامور باتجاه تأليف الحكومة رحمة باللبنانيين. ولكن مع الاسف، تبيّن انّ بعض العاملين على خط التأليف يعيشون في كوكب المكاسب والمصالح الآنية، ويرفضون النزول الى ارض الواقع. ومن هنا، فإنني ازاء هذا الوضع اعبّر عن خوف كبير على لبنان، وهي المرة الاولى التي اصل فيها الى هذا المستوى من الخوف، انا خائف على وجود لبنان، ولديّ من المعطيات ما يجعلني أُصاب بالهلع لما هو آتٍ علينا وعلى البلد. فلبنان يكاد يصبح اسماً على الخريطة، ولن يكون قادراً على الاستمرار حتى لثلاثة او اربعة اسابيع على الاكثر. وهي اسابيع مصيرية، فإما ان نوجد حلاً، واما ان نحضّر أنفسنا للأسوأ. واما الآن، فقد دخلنا في مرحلة الانفجار، واخشى حصوله في اي لحظة تدفع بالبلد الى الانهيار الكامل، بحيث لا يبقى في البلد لا ليرة ولا دولار ولا لقمة في متناول اللبنانيين”.

ورداً على سؤال قال: “تعقيدات الأزمة مفتعلة في الداخل، ولا علاقة للخارج، بل بالعكس، الخارج يتحدانا لأن نشكّل حكومة. ولكن كفى ضحكاً على الناس، كل العقدة المعطّلة لتأليف الحكومة مرتبطة بالثلث المعطّل، الذي يريده رئيس الجمهورية وفريقه. هناك ليونة من كل الاطراف الاخرى للتعجيل بتشكيل حكومة، في مقابل تصلّب على مطلب الثلث المعطّل الذي أسقط كل المبادرات والوساطات التي جرت في الآونة الاخيرة. ولو كان لدى المعنيين بهذا الامر، الجرأة والتصريح علناً بما يُقال في المجالس والغرف الضيّقة حيال هذا الامر. ومن هنا انا اجزم انّ مجرّد الاعلان عن التراجع عن مطلب الثلث المعطل فإنّ الحكومة تتشكّل فوراً”.

العقدة مشتركة

على انّ مصادر سياسية واسعة الإطلاع تؤكّد لـ”الجمهورية”، انّ مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة مشتركة بين الرئيسين عون والحريري، فكلاهما ماضيان في عملية ابتزاز للآخر. فالرئيس المكلّف يبتز رئيس الجمهورية بورقة التكليف، ويرفض التراجع عن شروط حدّدها لإبعاد جبران باسيل عن موقع التحكّم بالحكومة. ورئيس الجمهورية يبتز الرئيس المكلّف بقلم التوقيع، ومعه “التيار الوطني الحر”، الذي جعل نفسه رأس حربة المواجهة مع الحريري، متسلحاً بعضلات رئيس الجمهورية. والمعركة مستمرة بينهما وبلغت نقطة استحالة التعايش في ما بينهم. وهو ما يجري التأكيد عليه علناً وصراحة في مجالسهما وامام بعض الوسطاء.. والاسوأ من ذلك، انّ الطرفين يبتزان المواطن اللبناني في أمنه وأمانه وصولاً الى لقمة عيشه.

الى ذلك، وفي موقف لافت، وجّهت هيئة الرئاسة في حركة “أمل” بعد اجتماعها برئاسة الرئيس نبيه بري امس، ما بدا انّه “نداء 17 آذار”، الذي يصادف في الذكرى السابعة والاربعين لانطلاقة الحركة، اكّدت فيه “أنّ لبنان ليس إرثاً عائلياً أو ذرياً لأحد، وليس مشاعاً جغرافياً للتقاسم والإقتسام والتقسيم بين الطوائف والمذاهب والقوى السياسية، إنه وطنُ كل اللبنانيين، هو الضرورة الحضارية للعالم وللإنسانية”. وأعلنت الهيئة، انّها ستواجه بكافة الأساليب والوسائل التي كفلها الدستور والقانون، ومن دون هوادة، أي محاولة لتقويض أسس هذا الكيان أو جعله رهينة لأهواء ورغبات البعض أو أصحاب الأجندات الفتنوية المشبوهة.

ودعت “اللبنانيين بشكل عام والقيادات الرسمية في مختلف مواقعها بشكل خاص، الى تحمّل مسؤولياتها فوراً، وإلى وقفة تاريخية لإنقاذ لبنان ومنع إنزلاقه نحو مهاوي الإنهيار أو لا سمح الله الزوال. فالمطلوبُ من الجميع تضحية من أجل لبنان وليس تضحية بلبنان من أجل مصالح آنية أو سياسية او شخصية. وعليه، انّ حركة أمل تجدّد التحذير من الاستمرار بالاستهتار بمصالح الناس واوجاعهم، وتركهم فريسة للتفلّت الاقتصادي والمالي وعلى كل المستويات”.

واكّدت “انّ المطلوبُ اليوم قبل الغد إنجاز حكومة تكون فيها كل “الأثلاث” للبنان، ليس فيها ثلثاً أو ربعاً او فرداً معطلاً، حكومةٌ تكرّس حقيقة أنّ لبنان وإنسانه يمتلكون القدرة على القيامة من بين ركام الازمات. حكومةٌ تستعيدُ ثقة اللبنانيين وثقة العالم بلبنان دولة المؤسسات والقانون، فمن غير الجائز تحت أي ظرف من الظروف الهروب في هذه اللحظة المصيرية من تحمّل المسؤولية والإمعان في إتباع سياسة الكيد وتصفية الحسابات السياسية والشخصية لتصفية الوطن، حكومة وفقاً لما نصّت عليه المبادرة الفرنسية، هي المدخل لحفظ لبنان وطناً نتلاقى فيه، ونختلف بالكلمة الطيبة من أجل تقدّمه وإستقراره”.

الهيكل يتهاوى

الى ذلك، باب الأزمات يفتح على مصراعيه من جديد، فأسعار المحروقات زادت بشكل خطير، والحبل على جرار الارتفاع اكثر فأكثر. واما السلع الاستهلاكية فتعاني الشح الخطير في السوق، جراء الاحتكار، وجراء اقفال السوبر ماركت ابوابها، مع الارتفاع الجنوني في سعر الدولار، وسط استمراره في تحليق جنوني. فيما بات مؤكّداً انّ اللعبة سياسية، تضغط بثقل كبير على الواقع اللبناني. فكما ارتفع الدولار بشكل مفاجئ في الساعات الاخيرة الى حدود زادت عن 16 الف ليرة للدولار الواحد، عاد وانخفض امس بشكل مفاجئ ايضاً الى حدود 13500 ليرة، من دون ان يقدّم احد مبرراً لا للارتفاع ولا للانخفاض. علماً انّ كل الخبراء الاقتصاديين والماليين يجمعون على انّ رفع الدولار في الايام الاخيرة سياسي، ويزيد بضعفين عن سعره الطبيعي.

إزاء ذلك، يبدو المشهد في البلد وكأنّ الهيكل يتهاوى فوق رؤوس الجميع، بكل معنى الكلمة. وتتظهّر الكوارث المالية والحياتية والاقتصادية والصحية في كل الاتجاهات.

المستشفيات تصارع للبقاء، وأوضاعها خطيرة. الصيدليات مُضربة اليوم، في مشهد يعكس وصول تداعيات الأزمة المالية الى القطاع الصحي بقوة. الاطباء يهاجرون جماعياً، وكذلك يفعل الممرضون والممرضات. وقد كُشف امس عن هجرة حوالى 1000 ممرض وممرضة من لبنان، بحيث أصبحت السلسلة الصحية في خطر.

وتظهرّت امس، معالم الكارثة المقبلة، والمتمثلة برفع الدعم من دون اجراءات بديلة، ومن دون أي أمل بالبدء في خطة انقاذية تسمح بتخفيف معاناة وقف الدعم. وسبق لوزير المالية غازي وزني أن كشف انّ خفض الدعم سينطلق من المحروقات، والبداية ستكون بالبنزين بتراجع نسبة الدعم من 90% إلى 85%.

وفي دراسة أجرتها نقابة اصحاب محطات المحروقات تفيد بأنّه في حال بقي سعر برميل النفط عالمياً على 68 دولاراً مع سعر صرف 14 الفاً للدولار، فإنّ كلفة الـ 5% التي من المقرر خفضها من نسبة الدعم، ستنعكس زيادة 11 الف ليرة على الصفيحة، واذا بدأ تطبيق هذا الخفض نهاية الشهر اي في خلال 14 يوماً، ومع الأخذ في الاعتبار انّ هناك زيادة مرتقبة على اسعار المحروقات الاسبوع المقبل تقدّر بـ 4000 ليرة، من المتوقع ان يرتفع سعر الصفيحة الى 55 الفاً. اما في حال رفع الدعم كلياً، ولا يزال سعر برميل النفط 68 دولاراً وسعر الصرف 14 الفاً، فإنّ سعر الصفيحة حسابياً سيتجاوز الـ 165 الفاً، هذا اذا بقي سعر الدولار على حاله. في حين انّ التقديرات تشير الى انّه سيقفز بقوة، لأنّ مستوردي المحروقات سيضطرون عندها الى شراء الدولارات من السوق السوداء. وفي هذا الوضع، لا يمكن استبعاد فكرة وصول الدولار الى 30 الف ليرة، وسعر صفيحة البنزين الى 300 الف ليرة.

Leave A Reply