جاء في “الجمهورية” : اللبنانيون بكل فئاتهم وتلاوينهم السياسية والطائفية تحت رحمة الدولار، الذي يؤرجحهم جميعاً على منصات التسعير صعودا وهبوطا على مدار الساعة، ويسقطهم بالضربة القاضية على حلبة الاسعار التي تكوي بنارها لقمة اللبنانيين وتحرمهم كل عناصر الحياة، وتلقي بهم في آتون خراب وطني ومالي ونقدي يستجلب الفوضى القاتلة، وفتنة معيشية واجتماعية لا قيامة منها. تضاف الى المأساة المتفاقمة مع اتساع رقعة الاجتياح الكوروني للأرجاء اللبنانية وحصده أعداداً مخيفة في الوفيات والآلاف من الاصابات اليومية، في موازاة إجراءات لم تصل بعد الى الحد الادنى من محاولة احتواء هذا الفيروس.
إنّ أقل مسؤولية الطبقة الحاكمة في موازاة هذه الصورة، ان ترحم اللبنانيين، وان تنظر الى هذا الواقع بما يتطلبه من إدراك لحجم ما اصاب كل فئات الشعب، ولكن لا جدوى على الاطلاق من أن تُطلب الرحمة ممن لا يملكها، من طبقة عنوانها الانانية والخبث، مُنقادة خلف ما يعنيها فقط، تاركة بلداً يضيع، اقتصاده ميؤوس منه، ونقده معدوم، والفقر صار عنوان كل بيت، وكل الخدمات والاساسيات صارت في خبر كان، وامنه في مهب الفلتان الذي صار يعبّر عن نفسه بتفلّت السلاح واطلاق النار في كل الاحياء والشوارع.
كل العالم، من الشرق الى الغرب وما بينهما، يؤكد ان العلاج للمرض اللبناني خطوته الاولى تشكيل حكومة تباشر فيه، ولكن لا حياة لمن تنادي مع حكام الزمن اللبناني الرديء. ولا قيمة لأيّ وعد يُطلق، وأياً كان مُطلقه، بالسعي الصادق نحو انفراج حكومي يؤسّس لانفراجات اقتصادية ومالية. وهو ما دلّت عليه التجربة مع هؤلاء الحكام على الاقل منذ انتفاضة الغاضبين في 17 تشرين الاول 2019 وما تلاها في مسلسل الوعود الكاذبة التي دَحرجوها على اللبنانيين والتزموا بالانتقال الى لبنان الدولة النظيفة، لكنهم تشبثوا أكثر بعقلية التسلط والتحكم التي يديرون من خلالها السقوط المريع للبلد وتجويع شعبه وتحويل اللبنانيين الى متسوّلين في وطنهم، لا يحصلون، ولو على 10% ممّا يحصل عليه النازحون او اللاجئون، الى هذا البلد!
إنتظار لا انفراج
سياسياً، الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري دخلا في هدنة سياسية وتوافقا على وقف اطلاق النار السياسية بينهما، وأخضعا البلد لفترة الانتظار التي منحها لقاء بعبدا بينهما، لتحديد وجهة المسار الحكومي إن في اتجاه التوافق على حكومة توقِف الوضع الشاذ السائد منذ استقالة حكومة حسان دياب والمسار الانهياري الذي يسلكه البلد جراء ذلك، او في اتجاه العودة الى نقطة الصفر والمراوحة الطويلة في مدار التعطيل.
الرئيسيان الشريكان في عملية تأليف الحكومة، حددا يوم الاثنين موعدا للقاء الثامن عشر بينهما، من دون ان يشيعا اي ايجابيات يبنى عليها، ما خلا الحديث عن نيتهما في الجلوس معا من جديد وحسم النقاط العالقة بينهما. فيما الاجواء المحيطة بالملف الحكومي بصورة عامة، لا تشي بما يبشّر بانفراج او باستعداد أي من الرئيسين المختلفين على التراجع الجدّي عن الشروط التي طرحها كلّ منهما منذ بداية الخلاف، وتفاقمت مع انسداد افق الاتصالات والوساطات الداخلية الخارجية لإحداث خرق في الجدار الحكومي، والتي اصطدمت كلّها بمنطقين متناقضين ومتصادمين حول شكل الحكومة وحجم تمثيل كل طرف ونوعية الحقائب التي ستسند لهذا الطرف او ذاك.
تشاؤم
واذا كان لقاء الرئيسين عون والحريري قد فرضه الصدام الناري من خلف المنابر السياسية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وحث عليه أصدقاء مشتركون للجانبين لاحتواء الاشتباك الرئاسي، وشارك في جانب اساسي في ذلك الثنائي الشيعي، وذلك بعدما انذر الصدام الرئاسي بما تضمّنه من قساوة في التخاطب، بانحدار الامور الى مشكلة سياسية كبيرة تختزن بعداً طائفياً، من شأنها ان تزيد من تورّم الازمة الاقتصادية والنقدية اكثر فأكثر.
عملياً، إن اللقاء بين عون والحريري، وكما تؤكد مصادر واسعة الاطلاع، كسر فقط من حدة الصدام بينهما، الا انهما في ملف التأليف ما يزالان امام هوة عميقة، ولم يقتربا من مساحة مشتركة يمكن ان يُبنى عليها تفاهم حكومي يفضي الى ولادة للحكومة في وقت قريب، بل جل ما حصل بينهما هو انهما قاما بجولة على عناصر الخلاف القائم بينهما من دون ان يتقدم اي منهما خطوة في اتجاه الآخر. وفي خلاصة الامر، انه لو كانت الايجابية قد سادت ولو بمستوى ادنى في لقاء الخميس بين عون والحريري، لكانت قد ظهرت فوراً، وحسم الامر قبل الاثنين، اما التأجيل الى الاثنين فمعناه ان الامور ما زالت مطرحها في نقطة الصفر.
وبحسب المصادر، فإنّ ما تسرّب عن أبحاث الرئيسين عون والحريري، يَشي بأن الامور ما زالت مصطدمة بعقدة اساسية متمثلة بإصرار فريق رئيس الجمهورية على الثلث المعطّل، لافتة في هذا السياق الى ما سمّتها ليونة ملحوظة لدى الرئيس المكلف في ما خَص تسمية الوزراء وكذلك الامر بالنسبة الى حجم الحكومة، وموضوع الحقائب، وعلى وجه التحديد وزارة الداخلية. ومن هنا، فإن الاثنين المقبل الذي اعلن الحريري انه ينتظر ان يتلقى إجابات حول بعض التفاصيل، لن يحمل اي تطوّر نوعي ايجابي على صعيد التأليف، الا اذا حدثت معجزة فرضت تقريب المسافات بين الرئيسين، وأوجدت حلاً للعقدة الوحيدة الماثلة في طريق الحكومة والمتمثلة بالثلث المعطل.
باريس على الخط
وكشفت المصادر لـ”الجمهورية” ان الساعات التالية للقاء الرئيسين شهدت اتصالات على خط بيروت – باريس، رَشح عنها تأكيد الجانب الفرنسي من جديد على اعتبار الفترة الفاصلة عن يوم الاثنين، فترة مناسبة للتأسيس لتفاهم بين الرئيسين عون والحريري على تشكيل الحكومة، وان الجانب الفرنسي سيكون حاضراً كعامل مساعد في هذا الاتجاه، خصوصاً ان لبنان بات في صراع مع الوقت، والوضع الصعب فيه، مع الانهيارات الدراماتيكية التي يشهدها على المستويين المالي والنقدي صارا ينذران بتطورات فائقة الخطورة. وبالتالي، صار يتوجّب على القادة السياسيين ان يستشعروا عمق الازمة، ويسارعوا الى تغليب مصلحة لبنان على أي مصالح اخرى، كانت المساهم الاكبر في تعميق الحفرة التي سقط فيها اقتصاد لبنان.
شكّلوا أي حكومة!
تتقاطع هذه الاجواء مع ما كشفته مصادر بارزة في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، نقلاً عن سفير دولة كبرى، الذي نقل دعوة الى المسؤولين المعنيين بالملف الحكومي الى الاستفادة من الجو العربي والدولي الذي يحثّ على تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري لانقاذ الوضع في لبنان، والاميركيون موقفهم متطور جداً في هذا الاتجاه وقد أبلغوا كبار المسؤولين في لبنان رغبتهم في تشكيل حكومة سريعاً من دون الوقوف عند اي اسباب تعطلية مفتعلة من الداخل اللبناني.
واللافت للانتباه ما نقلته المصادر عن السفير المذكور انّ المجتمع الدولي بشكل عام لا يقف عند نوعية الحكومة التي تتشكل، سواء حكومة تكنوقراط من اختصاصيين بكامل اعضائها او حكومة تكنوسياسية او حتى حكومة سياسية، فالمهم بالنسبة الى المجتمع الدولي هو ان يعيد لبنان انتظام حياته السياسية بحكومة تأخذ على عاتقها مهمة الانقاذ، الذي سيصبح صعباً وربما مستحيلاً كلما تأخر التفاهم على تشكيل حكومة.
وبحسب المصادر فإنّ الاجواء التي عكسها سفير الدولة الكبرى، تعكس بدورها حماسة جدية نحو تشكيل اي حكومة. الا انها، في حال كان
التوجّه جديا ونهائيا نحو تشكيل حكومة من اختصاصيين من غير السياسيين على حد ما يؤكد الرئيس المكلف، فإنها لن ترى ما يمنع هذا التوجه، الا أنها تنصح بأن يُصار الى الاستفادة من تجربة حكومة حسان دياب التي فشلت في التصدي للازمة. وبالتالي، الذهاب الى حكومة من اختصاصيين يتمتعون بكفاءة وخبرة فعلية يسخّرونها في سبيل بلورة حلول ومخارج للازمة، وليس المراوحة في سلبيات وقرارات وخطوات ورقية ادت الى ما ادت اليه من زيادة في التخبط وتعميق الازمة على الصعد كافة.
قلق أميركي
وكان لافتاً في هذا السياق ما اعلنته وزارة الخارجية الأميركية امس، بـ”أننا قلقون من تطورات لبنان، وعلى قادته وَضع خلافاتهم جانباً وتشكيل حكومة تنقذ اقتصاد البلاد”.
دعم عربي
الى ذلك، اكدت مصادر ديبلوماسية عربية في بيروت لـ”الجمهورية” ان الاسرة العربية بأجمعها من دون استثناء اي طرف، تدعم تشكيل حكومة في اقرب وقت ممكن في لبنان. وقالت انّ كل ما يقال عن تحفظات من اي دولة شقيقة للبنان على أي طرف لبناني بعينه، لا يمت الى الحقيقة بصلة، لا بل انه يسيء الى لبنان ولأشقائه، والمؤسف انه يثار من قبل اطراف في الداخل اللبناني متضررة من استقرار الوضع في لبنان.
واكدت المصادر انّ الاسرة العربية دعَت الى التمعّن ملياً في الموقف الذي ادلى به السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في الساعات الاخيرة، وتأكيده وقوف المملكة على مسافة واحدة من كل الاطراف، وهو ما اكدت عليه ايضاً قطر ودولة الامارات العربية المتحدة التي ارسلت إشارات مباشرة الى القادة في لبنان بضرورة التعجيل في تشكيل حكومة. اضافة الى مصر التي تسجل حضوراً مكثفاً في هذه الفترة، وينقل سفيرها في لبنان ياسر علوي نصائح ودعوات مباشرة الى تجاوز الازمة الحكومية وتأليف حكومة انقاذية في اسرع وقت ممكن تعيد الاستقرار للبنان، وتنقله من مدار الى الانهيار الى واحة الاستقرار والانفراج على كل المستويات.
عون وابراهيم
في هذا الوقت، أجرى رئيس الجمهورية قبل ظهر امس، جولة افق واسعة لتقويم الموقف، وتابعَ سلسلة التصريحات والخطابات التي طرأت في الساعات التي سبقت لقاء بعبدا وبعده.
وخلافاً لما تردد عن ان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم قد غادر لبنان الى العاصمة الفرنسية، علمت “الجمهورية” ان اللواء ابراهيم امضى ساعات عدة قبل ظهر امس في قصر بعبدا الى جانب رئيس الجمهورية، مُشاركاً في تقويم المواقف الاخيرة وما يمكن ان تؤدي اليه في مسعى لتثميرها في اتجاه عملية التأليف، وليكون اجتماع الإثنين المقبل مثمراً.
وتحدثت المصادر لـ”الجمهورية” عن صيغة جديدة تستند الى الصيغة الحكومية التي سلمها الحريري الى رئيس الجمهورية في 9 كانون الاول الماضي، وتصحيح بعض الثغرات في شكلها ومضمونها لتكون اقرب الى المعايير التي حددها رئيس الجمهورية.
إرتدادات موقف نصرالله
الى ذلك، أرخت المواقف التي ادلى بها الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله جوّاً ملبداً على الملف الحكومي. فالتيار الوطني الحر شعر انه تلقى حقنة دعم لم يكن يتوقعها من نصرالله، ورئيسه جبران باسيل لم يتأخر في التغريد ترحيباً، والمصادر القريبة من الحزب اعتبرت الردود السلبية على نصرالله تَجنياً على الموضوعية التي انطوى عليها كلامه، فهو شَخّص الواقع اللبناني كما هو، وأسدى نصيحة بالتعجيل في تشكيل الحكومة، من دون ان يخفي رغبة الحزب في تشكيل حكومة سياسية، الا انه اعلن انه موافق على تأليف حكومة اختصاصيين وان كان غير مقتنع بتمكنها من معالجة الازمة. وبالتالي، هو ألقى الكرة في ملعب الشريكين في عملية التأليف لإخراج الحكومة الى النور سريعاً مهما كان شكلها، سياسية كانت او مختلطة او من اختصاصيين.
الّا ان مصادر سياسية اخرى استغربت المنطق الذي قاربَ فيه السيد نصرالله الملف الحكومي، ونَعيه المسبق حكومة الاختصاصيين. فصدى هذا الموقف كان سلبياً في بيت الوسط، ذلك أنّ نصرالله انحاز علناً الى طرف بعينه وتحديداً حليفه التيار الوطني الحر، وأعطى بذلك حليفه سبباً اضافياً للتشبّث بمطالب تعطيلية للحكومة وشروطه التي يضعها ومنعت تأليف الحكومة حتى اليوم. وبالتالي، فإنّ موقف نصرالله يصبّ الزيت على نار التعطيل، ولا يشكل عنصراً مسهّلاً او مساعداً لتسهيل التأليف، ونتائج هذا الموقف ستتبدّى حتماً الاثنين المقبل في فشل التوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
بيت الوسط
وفيما اعتصمت مصادر الرئيس الحريري بالصمت إزاء ما استجَد بعد لقاء بعبدا، قالت لـ”الجمهورية” إن الرئيس المكلف خصّص يومه امس لتقويم النتائج التي انتهى اليها اللقاء تحضيراً للقاء الإثنين المقبل، مُعربة عن القلق من موقف السيد نصرالله، وقالت: أقل ما يقال في موقف نصرالله انه تسبب بـ”تسميم” الجو الذي كان قد اعقب لقاء بعبدا، والقى بظلاله على امكان وجود قطب مخفية يمكن ان تعيق التفاهمات المحتملة في لقاء الإثنين المقبل.
واشارت الى انّ الحريري، وبالرغم من موقف نصرالله وما أدرجه تحت عنوان “النصيحة” للرئيس المكلف بتشكيل حكومة “تكنو سياسية”، فهو لن يضيف شيئاً الى طروحاته الحكومية السابقة، فحديثه عن تشكيلة التاسع من كانون الاول ما زال هو هو في شكله ومضمونه، أي تأليف حكومة من 18 وزيرا، يكون وزراؤها من الإختصاصيين غير الحزبيين من اجل ملاقاة المواصفات التي حددها المجتمع الدولي ومجموعة الدول والمؤسسات المانحة التي وضعت شروطها لإحياء التواصل مع لبنان ومعه الثقة التي يطلبها لمعاونته للخروج من المأزق القائم.
وقالت المصادر انّ هذه العناوين لا تحول دون اعادة النظر بهذه الحقيبة او تلك او بهذا الاسم او ذاك، فكل الأمور واردة وهو لم يقفل باب النقاش مع رئيس الجمهورية بهذا الخصوص، ولكن ان توافق رئيس الجمهورية او التزم شروط نصرالله، فإنّ ذلك قد يؤدي الى اعادة نظر شاملة بالتقويم الإيجابي الذي انتهى اليه لقاء الخميس في بعبدا.
موقف بعبدا
وتجنّبت مصادر قريبة من بعبدا إعطاء موقف نصرالله اي بُعد سلبي، وقالت ان نصرالله اكد 3 مرات انه مع “حكومة المهمة” الحيادية الخالية من الحزبيين قبل ان ينصح الحريري بتشكيل حكومة “تكنو سياسية”، فهو لم يطلبها ولم يقدّمها على الصيغة الاساسية لمعرفته بالعقبات التي يمكن ان يتسبّب بها الخروج على المسار المعلن عنه من قبل الحريري الذي قادته المبادرة الفرنسية. ورغم حديثه عن التوجه الى الشرق وضرورة اللجوء اليه، فهو، اي نصرالله، عَدّد المعوقات التي وضعتها العقوبات الاميركية على ايران وأي توجّه للتعاطي مع الصين، معدداً التجارب الدولية الفاشلة، وهو يعني انّ لبنان ليس قادراً على تجاوزها وهو عنصر يسقط إمكان الخروج من هذه الصيغة.
وانتهت المصادر الى نَفي الاجواء التي تحدثت عن امكان ان تعرقل مواقف نصرالله مسار التأليف، ولم تلتق مع التفسيرات السلبية لمواقفه مُقدّمة الإيجابيات على القراءة السلبية لها.
تشريع السوق السوداء
على الصعيد المالي والاقتصادي، جرى الاعلان امس عن اجراء جديد، من ضمن الاجراءات والتجارب التي تجري تباعاً في محاولة للجم تفلّت الدولار، وضبط الاسعار في السوق السوداء. يقضي هذا الاجراء، حسبما جاء في اعلان صادر عن رئاسة الجمهورية، “بإطلاق العمل بالمنصة الالكترونية العائدة لمصرف لبنان، بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الاساسي للسعر الحقيقي للسوق. ويتضمّن قرار مصرف لبنان ايضاً السماح للمصارف ابتداء من الاسبوع المقبل، بالتداول في العملات مثل الصرافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حُسن سير العمل. وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة”. هذا الاجراء لا يزال غامضاً بعض الشيء لجهة الآلية التي سيتم اتباعها في المصارف، والتي بدورها لم تتبلّغ اداراتها بعد رسمياً بتفاصيل هذا القرار.
لكن من الوجهة الاقتصادية يصعب الجزم بأنّ خطوة من هذا النوع، أي تحويل السوق السوداء الى سوق للصرافة الشرعية برقابة مصرف لبنان، سوف تؤدي الى لجم ارتفاع الدولار، لكنها حتماً تصبح أفضل من الوضع الحالي، حيث يلفّ الغموض التداول، ولا يمكن الفصل بين من يشتري ويبيع بسبب الحاجة، ومن يفعل ذلك بهدف المضاربة والضغط لغايات مالية او سياسية.
تبقى النقطة الغامضة والمثيرة للقلق، وهي تلك المتعلقة بتدخّل “مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة، حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة”.
هذا الكلام قد يعني إلزام المركزي بضخ دولارات طازجة في محاولة لمنع اي ارتفاع دراماتيكي في السوق، وهذا يعني خلق مزراب اضافي لتبذير ما تبقى من دولارات المودعين، وهذه جريمة موصوفة لا تخدم المواطن، ولو انها ظاهرياً تبدو وكأنها مفيدة للناس من خلال فرملة انهيار الليرة بالكامل.
وفي هذا السياق، اعلن القصر الجمهوري انّ رئيس الجمهورية طلبَ من حاكم مصرف لبنان “ضرورة التشدد للجم المضاربات وتنظيف القطاع المصرفي والتصميم على استعادة الثقة حتى يعود لبنان قاعدة مصرفية في المنطقة”.
نقابة الصرافين
واصدرت نقابة الصرافين بياناً رحبت فيه بما تقرر، واعلنت أنها ستسعى مع السلطات الرقابية الى تطبيق إجراءات الشفافية لحركة البيع والشراء للدولار من على المنصة الإلكترونية التابعة لمصرف لبنان، بحيث تكون تلك المنصة مصدراً رسمياً لسعر الدولار الحقيقي وبديلاً للتطبيقات المشبوهة وأسعارها الموجهة التي سيطرت على الأسواق وعلى حياة المواطنين.
نجم في باريس
من جهة ثانية، علمت “الجمهورية” أنّ وزيرة العدل في حكومة تصريف الاعمال ماري كلود نجم، المتواجدة حالياً في فرنسا، طلبت موعداً من وزير العدل الفرنسي ديبون موريتي لبحث التعاون الدولي في ملف انفجار مرفأ بيروت بالاضافة الى بعض الملفات اللبنانية الدقيقة، وقد حدد موعد اللقاء في اواخر الشهر الجاري. وكانت نجم قد عرضت لمشاكل وتحديات القضاء في لبنان من خلال كلمة ألقتها منذ يومين في المؤتمر المنظّم من معهد الدروس القضائية في فرنسا.