يحتفي نحو 300 مليون بيوم نوروز، وهو مناسبة موروثة تحدد اليوم الأول من الربيع باعتباره بداية العام ببعض الدول. فما هي مظاهر الاحتفال؟
الاحتفال بعيد نوروز يوم 21 مارس/آذار بدأ دوليا منذ عام 2010، استجابة لطلب تقدمت به نحو 10 دول لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، بهدف مشاركة هذا العيد مع بلدان العالم وشعوبه.
عيد نوروز سُجل على القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2009، بوصفه تقليدا ثقافيا تحتفل به شعوب أذربيجان وأفغانستان وألبانيا وإيران وتركمانستان وتركيا ومقدونيا وطاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان والهند.
نوروز كلمة تعني يوما جديدا، وترمز لبداية الربيع والخصوبة والتغلب على الحزن والظلام، وتختلف كتابة الكلمة ولفظها باختلاف البلدان مثل: نوفروز أو نافروز أو نووروز أو نيفروز أو ناوريز.
هذا العيد يتضمن احتفالات موروثة عن الأسلاف، وتشمل طقوساً وحفلات وفعاليات ثقافية، فضلاً عن التمتع بتناول وجبات خاصة مع الأحبّاء.
ويرتدي المحتفلون بهذا العيد ملابس جديدة ويزورون الأسر والأصدقاء ويتبادلون الهدايا، لا سيما تلك التي تُقدَّم إلى الأطفال.
طقوس الاحتفال
الاحتفال بعيد نوروز قائم منذ أكثر من 3000 سنة في آسيا الوسطى والبلقان وحوض البحر الأسود والشرق الأوسط والقوقاز وفي مناطق أخرى.
وتتضمن الاحتفالات بالحدث الموروث القفز فوق النيران، وأداء الموسيقى الشعبية وتلاوة القصائد، وتنظيف كل شبر من المنازل وتناول كميات وفيرة من الطعام المطبوخ في البيت.
هذا العيد يعزز قيم السلام والتضامن بين الأجيال وداخل الأسر، إضافة إلى المصالحة وحسن الجوار وبالتالي المساهمة في التنوع الثقافي والصداقة بين المجتمعات.
ويلعب هذا اليوم، الذي يُعرف برأس السنة الفارسية والكردية، دورا مميزا في تعزيز الروابط بين الشعوب على أساس الاحترام المتبادل ومُثل السلام وحسن الجوار.
الأسس التي تقوم عليها تقاليد نوروز وطقوسه تجسد جوانب من العادات الثقافية والتاريخية لحضارات الشرق والغرب التي أثرت في الحضارات من خلال تبادل القيم الإنسانية.
أيضا يسعى يوم نوروز للتأكيد على ضرورة العيش في انسجام مع الطبيعة والتوعية بالصلة التي لا تنفصم بين العمل البناء ودورات التجديد الطبيعية والحرص على المصادر الطبيعية للحياة ومراعاتها.
موقع “ناشيونال جيوجرافيك” نقل بعضا من التقاليد الفريدة لعيد نوروز في دول عدة، منها:
عطلة إيران
نوروز هو أكبر عطلة في إيران ووقت بالغ الأهمية في جميع أنحاء البلاد، وعادة تبدأ بطقوس تنظيف الربيع تسمى “خان تكاني” وترجمتها “هز المنزل”، يتبعها إضاءة الشوارع والسماء بالألعاب النارية في الأربعاء الأخير قبل نوروز، فيما يعرف بـ”الاحتفال الأحمر” تكريماً لكل شيء ناري الذي يرمز في معتقداتهم إلى النقاء.
تمتد الاحتفالات للقفز فوق النيران كرمز لتجديد الحياة، وإطلاق فوانيس السماء المليئة بآمالهم وأحلامهم للعام المقبل، مع إعداد أطباق النوروز التقليدية مثل: كوكو سابزي (عشب فريتاتا) وسابزي بولو با ماهي (طبق أرز بالأعشاب مع السمك الأبيض).
أما العادة الأكثر غرابة تتمثل في إعداد طاولة مكونة من 7 عناصر تبدأ بالحرف “س”، تشمل العدس أو القمح المنبت ويرمز إلى الولادة الجديدة، والثوم لصحة جيدة، والخل للصبر والنضج، وسنبلة ترمز إلى الطبيعة، وعملة معدنية ترمز للثروة، والتفاح للجمال، وأخيرا حلوى إيرانية تقليدية ترمز للوفرة والبركة مع سمكة ذهبية تمثل الحياة ومرآة وشموع وكتاب مقدس.
ماضي أذربيجان
توجد تذكيرات بالماضي الزرادشتي لأذربيجان في كل مكان في البلاد، سواء في معابد النار أو التلال المحترقة أو ناطحات السحاب على شكل اللهب.
رغم خنق “نوروز” في ظل النظام السوفيتي فإن العائلات استمرت في الاحتفال سرًا. واليوم إنه أكثر المواعيد بهجة في التقويم الأذربيجاني.
تبدأ الاحتفالات مبكرًا، حيث تحتفل أيام الثلاثاء الأربعة التي تسبق عيد النوروز بالعناصر الأربعة: الماء والنار والأرض والهواء.
وخلال الاحتفالات تجتمع العائلات لصنع المعجنات التقليدية مثل البقلاوة والشيكربورا والغوغال (التي تمثل النجوم والقمر والشمس على التوالي)، إضافة إلى المواد الغذائية اللذيذة مثل بلوف (طبق اللحم والأرز المنقوع بالزعفران) ودولما (أوراق العنب محشو بلحم الضأن والأرز والأعشاب) وكباب معطر.
مثل إيران، هناك أيضًا طاولة مكونة من 7 عناصر، والتي تتمحور جميعها حول براعم القمح المربوطة بشريط أحمر، مع احتفالات تجوب الشوارع تشهد الغناء والرقص التقليديين والمشي على الحبال والشخصيات الكوميدية.
أفغانستان موطن الاحتفال
تبشر أفغانستان بالعام الجديد بطريقة مماثلة لجيرانها، وتحتفل أغلب البلاد بالحدث خاصة الشمال، لا سيما مقاطعة بلخ التي يعتقد البعض أنها الموطن الروحي لـ “نوروز”.
يتوجه آلاف الأفغان هذه الأيام إلى مدينة مزار الشريف في إقليم بلخ لحضور مهرجان غولي سورخ؛ الحدث الرئيسي في نوروز، حيث يشهد إحياء لذكرى الأربعين يومًا الأولى من العام عندما تغمر السهول الخضراء بأزهار التوليب الحمراء.
مظاهر احتفال آسيا الوسطى
يتم الاحتفال بعيد النوروز في جميع بلاد كازاخستان وطاجيكستان وتركمانستان وقيرغيزستان وأوزبكستان، ورغم قمع مظاهر الاحتفال خلال الحقبة السوفيتية فإن المهرجانات عادت علنًا في التسعينيات.
تتميز التقاليد في جميع أنحاء المنطقة بخصائص متشابهة، وتشمل الكثير من الطعام والتجمعات العائلية ومهرجانات الشوارع الملونة والرياضات البدوية، وإن كان تختلف قليلاً من بلد إلى آخر وأحيانًا من مدينة إلى أخرى.
كذلك يتم الاحتفال بـ”نوروز” من بين 30 مليون مجتمع كردي في جميع أنحاء العراق وتركيا وسوريا، إضافة إلى السكان الأكراد في إيران.
ومن بين الأقليات الأخرى التي احتفلت بهذه المناسبة، شعب الأويغور التركي في الصين والليزجين والتتار في جنوب روسيا، فضلاً عن الأقليات في أجزاء من البلقان ومنغوليا وباكستان وبنجلاديش.