السبت, نوفمبر 23
Banner

التجار للتوقف عن الاستيراد.. والمواد الغذائية المدعومة تختفي

خضر حسان – المدن

لا مؤشرات إيجابية على تحسّن الوضع الاقتصادي والنقدي. إذ لم تتمكّن مبادرة مصرف لبنان، التي تمثّلت بخلق منصة جديدة تُدخِل المصارف إلى لعبة الدولار، مِن كسب ثقة حاملي العملة الخضراء. فالخوف هو العامل الأبرز الذي يحكم اللعبة. وعلى وقع تعثّر تشكيل الحكومة، يُنتَظَر صعود الدولار وانعكاس ذلك على أسعار المواد الغذائية التي تتوفَّر بـ”شقّ النَفَس”، وبخاصة المدعومة منها. إذ مِنَ المرجّح أن تختفي المواد الغذائية المدعومة، كنتيجة طبيعية لشح الدولار.

تضييق الخناق

شكَّلت المواد الغذائية المدعومة فرصة لاستنشاق بعض الهواء في ظل الاختناق الحاصل في البلاد. فالمواد المدعومة ساعدت العائلات الفقيرة وتلك التي تسير على طريق الفقر، على تأخير توقيت الانفجار الاجتماعي. والمواد غير المدعومة باتت من نصيب الأغنياء والقادرين على تأمين الدولار، وإن بكميات ضئيلة. والمعضلة الأكبر هي التقاء شحّ المواد الغذائية غير المدعومة، مع شحّ المدعومة، والرابط هو عدم قدرة مصرف لبنان على تأمين الدولار لدعم الاستيراد، وهو ما بات محسوماً.

المعطيات المتوافرة لا تخدم التهويل فقط، بل تؤشّر إلى احتمالات كثيرة، منها ارتفاع معدّلات الجوع والاضطرابات الاجتماعية، التي تأخذ شكل زيادة حالات العنف الفردي. وهو ما أظهرته مشاهد التناحر بين المواطنين، داخل المحال والسوبرماركت، بسبب عدم توفّر المواد الغذائية المدعومة بشكل كافٍ نظراً لزيادة معدّلات الطلب عليها أحياناً، ولإخفائها مِن قِبَل التجّار أحياناً أخرى. لكن في الحالتين، النتيجة واحدة وعَبَّرَ عنها نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد، حين أشار إلى وجود “نقص كبير بالكميات المتوفرة”. وإن كان “ثلث البضائع غير متوفرة ولا تصل إلى الرفوف”، فالبضائع المدعومة ستجفّ قريباً عن الرفوف.

مسؤولية وزارة الاقتصاد

قبل وصول الأزمة إلى عمقها الحالي، كان هناك سعي دولي لتأمين مساعدات غذائية للبنان. لم تُحَلَ الفكرة على التقاعد، لكن تداولها خفت مع إصرار المنظومة الحاكمة على عدم إجراء أي إصلاحات تخفف التوتّر على الأقل، وتفسح المجال أمام إصلاح الوضع. وبذلك، زادت احتمالات تعثّر الحلول في ما يتعلّق بتأمين المواد الغذائية، وبات المدخل الوحيد لتأمينها هو ضخ دولارات في السوق، وهو أمر مُستَبعَد على مستوى القرار الرسمي، بل يُستعاض عنه بضخ بعض الدولارات ذات الأهداف السياسية، وتوزيع المواد الغذائية كمساعدات تأخذ طابعاً حزبياً مذهبياً. وكلّها حلول مؤقّتة غير فعّالة.

وزارة الاقتصاد تغيب عن المشهد، ما خَلا عَراضاتٍ لعمليات ضبط للمواد المدعومة المُخَزَّنة لدى بعض التجار. والقليل من البحث، يُفضي إلى استسلام الوزارة للأمر الواقع، فلا دولارات تأتيها لرفد السوق بالمواد الغذائية المدعومة. وبالتالي، يتحضَّر كبار المستوردين لوقف مدّ السوبرماركت والمحال التجارية بالمواد المدعومة، حتى قبل إقرار رفع الدعم. فالمستوردون “يستنزفون الرساميل في توفير البضائع المدعومة، ووزارة الاقتصاد لا تؤمِّن لهم الدولارات المطلوبة”، وفق ما يقوله أحد المستوردين في حديث لـ”المدن”.

وزارة الاقتصاد ليست هي مصدر الدولارات، لكنّها “هي المسؤولة أمام المستوردين والباعة والمستهلكين. والمستورد ليس باستطاعته الاعتماد على وعود متكرّرة بالدفع. فالفواتير متراكمة ولا رغبة في زيادتها أكثر”. ويشرح المستورد أن “صاحب السوبرماركت يستحصل على موافقة من وزارة الاقتصاد تخوّله شراء البضائع المدعومة من أحد المستوردين، فيبرز الموافقة ويستلم البضاعة، ليعلَقَ المستورد في نفق الأخذ والردّ مع الوزارة لتحصيل الدولارات المطلوبة لتغطية فارق الأسعار”. والمطلوب حسب المستورد، تراكَمَ ليصل إلى “ملايين الدولارات للمستورد الواحد”. وعليه من غير المستبعد أن تذهب الأمور إلى “المزيد من الفوضى وفلتان السوق. والدولة غير قادرة على ضبط الوضع، فلا دولارات لديها، ولا قدرة على الدخول في مواجهة مع الناس التي تريد الحصول على المواد الغذائية بأسعار منخفضة”. والمستوردون، إن لم يقبضوا مستحقاتهم، ولم تنظّم وزارة الاقتصاد آلية إيصال المواد المدعومة إلى المستهلكين “سيتوقّف المستوردون عن تسليم المواد لأصحاب السوبرماركت”.

Leave A Reply