الأحد, سبتمبر 22

الجمهورية : عون والحريري: التعايش مستحيل ‏والصراع مفتوح.. ولبنان على شفير ‏الاحتمالات الصعبة

كما كان متوقعاً، لم يتصاعد الدخان الأبيض من اللقاء الثامن عشر بين ‏رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، ‏بل على العكس، تصاعد دخان شديد السواد، حجب الرؤية نهائياً عمّا ‏ستبلغه الازمة الحكومية، والتي تبدو مع انقطاع شعرة الوصل بين ‏الرئيسين، مفتوحة على شتى الاحتمالات السلبية، التي تخلّ بالاستقرار ‏السياسي، بالتوازي مع المنحى الإنحداري الذي يسلكه الوضع النقدي، ‏الذي شهد فور انتهاء لقاء الرئيسين فورة جديدة، قفز فيها الدولار الى ‏مستويات خطيرة، تكمل الإجهاز على ما تبقّى من قيمة الليرة ‏اللبنانية.‏

امام الجو السوداوي، بات مؤكّداً انّ الحكومة وضعت على الرفّ في ‏انتظار معجزة تعيدها الى طاولة البحث من جديد، وتبعاً للأجواء ‏السائدة على خط الرئيسين عون والحريري، فإنّ التفاهم بينهما صار ‏بحكم المستحيل، بالنظر الى الافتراق الكلّي بينهما حيال شكل ‏ومضمون الحكومة. فلكل منهما مسودته يلقي بها في وجه الآخر، ‏وكلاهما يتقاذفان كرة التعطيل، ويتمسّكان بشروطهما وطروحاتهما ‏التي أبقت الحكومة العتيدة محبوسة في قفص الذهنيات المتصادمة ‏منذ تكليف الحريري في 22 تشرين الاول الماضي، وحوّلت تأليف ‏الحكومة الى ما يشبه معركة تكسير رؤوس وليّ أذرع، يدفع ثمنها ‏المواطن اللبناني وحده، في أمنه واستقراره ولقمة عيشه.‏

‏ ‏الحكومة في خبر كان

الواضح انّ اللقاء الثامن عشر بين عون والحريري، اتمّ قطع ما تبقّى ‏من خيوط رفيعة تربط بينهما، وصار الملف الحكومي في خبر كان. ‏وهذا ما تؤكّده الاجواء المحيطة برئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، ‏والتي تتشارك في رسم صورة تشاؤمية لمرحلة قاتمة عنوانها الإنزلاق ‏الى ما هو أسوأ، سواء على المستوى السياسي وكذلك على ‏المستويين المالي والنقدي، في وقت اعرب مرجع أمني كبير ‏لـ”الجمهورية”، عن تخوّف كبير من احتمالات مخيفة، بعد الضربة التي ‏مُني بها الاستقرار السياسي جراء فشل اللقاء الثامن عشر بين عون ‏والحريري. ومع الأسف فإنّ الشعب اللبناني هو الذي دفع وسيدفع ‏الثمن الباهظ.‏

‏ ‏وبحسب معلومات “الجمهورية” من مصادر موثوقة، فإنّ تأليف ‏الحكومة كان صفحة مفتوحة وطويت نهائياً، والوضع الحالي مرشح ‏لأن يستمر، ليس لاسابيع بل ربما الى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، ‏ذلك انّ امكانية التفاهم بين عون والحريري معدومة من الأساس، وكلّ ‏ما جرى على خط التواصل بينهما في لقاءاتهما المتتالية منذ تكليف ‏الحريري في تشرين الاول الماضي، لم تكن سوى مضيعة للوقت ‏ومحاولة لتيئيس الرئيس المكلّف لدفعه الى الاعتذار وتكليف بديل ‏منه.‏

‏ ‏المؤيّدون والمتفهمون

واذا كان مؤيّدو رئيس الجمهورية يعتبرون انّ من حقه الدستوري ان ‏يكون له رأيه الملزم في اي تشكيلة حكومية، ويحمّلون الرئيس المكلّف ‏مسؤولية التفرّد والتشبث في رأيه، إن لناحية حجم الحكومة، او نوعية ‏الوزراء وصولاً الى حصر تسمية هؤلاء الوزراء به وحده، فإنّ المتفهمين ‏لموقف الرئيس المكلّف يلقون المسؤولية بالكامل على رئيس ‏الجمهورية ومن خلفه “التيار الوطني الحر” برئاسة جبران باسيل.‏

‏ ‏ويعدّد هؤلاء المتفهّمون ما سمّوها المحطات التعطيلية التي افتعلها ‏رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، وذلك بغية تحقيق هدف وحيد كان ‏ولا يزال محدّداً من البداية، وهو منع إيصال الرئيس سعد الحريري الى ‏رئاسة الحكومة، بدءًا بالاستشارات النيابية الملزمة التي حاول رئيس ‏الجمهورية ان يؤجّل موعدها اكثر من مرة، لعلّه بذلك يقطع الطريق ‏على تسمية الحريري، ثم بالرسالة غير المسبوقة التي وجّهها الى ‏النواب قبل يوم واحد من هذه الاستشارات، دعاهم فيها الى تحكيم ‏ضميرهم في التسمية. ثم بعدما سُمّي الحريري، جرى الإصرار على ‏الثلث المعطّل، وكذلك على مجموعة من الوزارات الحساسة، ‏لإسنادها الى عون وفريقه السياسي. ومن ثم بعد فترة من الجمود، ‏جاءت الرسالة الرئاسية للرئيس المكلّف الاربعاء الماضي، والتي ‏انطوت على محاولة واضحة لدفع الحريري الى عدم تلبية دعوة عون ‏الى القصر، الّا انّ الرئيس المكلّف أحبط هذا الهدف وصعد الى بعبدا، ‏ليؤكّد على مسلّماته بتشكيل حكومة اختصاصيين لا سياسيين ولا ثلث ‏معطلاً فيها لأي طرف. وصولاً الى رسالة الأحد، التي تنطوي على ‏محاولة لمصادرة صلاحية الرئيس المكلّف في تأليف الحكومة، وأُريد ‏منها جرّ الحريري الى موقف تصعيدي، يرفض من خلاله الذهاب الى ‏الموعد المتفق عليه (امس) في بعبدا.‏

‏ ‏وبحسب المعلومات، فإنّ وقع الرسالة الرئاسية الاحد الماضي كان له ‏الأثر الشديد السلبية لدى الرئيس المكلّف وفي الاوساط السياسية ‏القريبة منه، اضافة الى طرح علامات استفهام حولها من قِبل جهات ‏سياسية معنية بالملف الحكومي، اطلعها الحريري على مضمون ‏الرسالة ليل الاحد الماضي.‏

‏ ‏وتشير المعلومات، الى انّ الرسالة شكّلت حافزاً اضافياً لدى الرئيس ‏المكلّف لزيارة القصر الجمهوري، وإبلاغ رئيس الجمهورية بالموقف ‏الرافض لهذه السابقة، التي تندرج في سياق سوابق عدة قام بها ‏رئيس الجمهورية، بدءاً برسالته الى النواب عشية الإستشارات النيابية ‏الملزمة، ورسالته عبر الاعلام للرئيس المكلّف، وصولاً الى رسالة الاحد، ‏مع التأكيد على انّ هناك محاولات دؤوبة من قِبل رئيس الجمهورية ‏وفريقه، لدفع الرئيس المكلّف الى الاعتذار، والقرار الذي اتُخذ لدى ‏الرئيس المكلّف هو إحباط تلك المحاولات واي هدف ترمي اليه، ‏وبالتالي عدم الاعتذار تحت اي ظرف.‏

‏ ‏الثلث مستحيل

واكّدت مصادر قريبة من “بيت الوسط” لـ”الجمهورية”، انّ الرئيس ‏المكلّف قدّم مسودة حكومية لرئيس الجمهورية ما زالت سارية ‏المفعول، برغم انّ الرئيس الحريري قد كشف عنها للاعلام، فقط ‏للتأكيد على جدّيته في هذا السبيل، وصولاً الى حكومة تباشر عملية ‏الإنقاذ والإصلاح في لبنان. وقالت المصادر: “الكرة الآن في ملعب ‏رئيس الجمهورية، فليراجع نفسه، وليتمعن بما انحدر اليه حال البلد ‏جراء هذا التعطيل المتعمّد لتشكيل حكومة، يطالب بها اللبنانيون ‏والمجتمع الدولي”.‏

‏ ‏ولفتت المصادر، الى انّ لا امكانية على الاطلاق بالقبول بمنح رئيس ‏الجمهورية وفريقه السياسي الثلث المعطل في الحكومة، علماً انّ ‏تياره السياسي قال علناً انّه ليس معنياً بالمشاركة في الحكومة، ومع ‏ذلك يفتعل العراقيل امام ولادة الحكومة، رابطاً اي حكومة بحيازته ‏على الثلث المعطل، وهو ما لن يكون على الإطلاق، وبمعنى ادق، لن ‏يُعطى الثلث المعطّل الذي يمكّنه من التحكّم بالحكومة والإمساك ‏بقراراتها عند اي تفصيل، صغيراً كان ام كبيراً.‏

‏ ‏ليس باش كاتب

وكشف احد رؤساء الحكومات السابقين لـ”الجمهورية”، عن مشاورات ‏جرت في الساعات الماضية بينه وبين الرئيس المكلّف، واكّدوا ‏التضامن معه في مسعاه الى تشكيل حكومة متوازنة من ‏اختصاصيين لا سياسيين وفق مندرجات المبادرة الفرنسية، وانّهم الى ‏جانبه في موقفه من حجم الحكومة وتوزيع الحقائب وصولاً الى رفض ‏منح الثلث المعطّل الى اي فريق.‏

‏ ‏وقال الرئيس المذكور: “مع الاسف، نحن امام مهزلة في التأليف لم ‏يسبق ان شهدها لبنان من قبل. فعلى رئيس الجمهورية ان يحتكم الى ‏الدستور والصلاحيات، فالأداء المعتمد من قِبله غير مسبوق، في ‏محاولة تعاليه على رئاسة الحكومة وموقعيتها وصلاحيتها، وهو امر ‏مرفوض بالمطلق. وما يجب ان يكون معلوماً، هو انّ المس برئاسة ‏الحكومة ومصادرة صلاحياتها امر ممنوع، فما هكذا يُخاطب رئيس ‏الحكومة بطريقة استعلائية، فهذا أمر معيب وله تداعياته، والأهم من ‏كلّ ذلك هو أننا نرفض اي محاولة لتحويل رئيس الحكومة مجرّد باش ‏كاتب، فهذا الامر لا يشكّل اساءة واستفزازاً للرئيس المكلّف وحده، بل ‏يسيء، ويستفز مكوناً اساسياً في لبنان، اي الى الطائفة السنّية بشكل ‏عام”.‏

‏ ‏لقاء الدقائق المعدودة

وكان الرئيس المكلّف قد زار القصر الجمهوري عند الثالثة بعد ظهر ‏امس، وعقد لقاءً قصيراً مع رئيس الجمهورية، لم تكن اجواؤه مريحة، ‏وطغى عليه التشنج. كان فيه الحريري متحدثاً معظم الوقت، معبّراً ‏عن تمّسكه بالمسودة التي قدّمها، ورافضاً الرسالة التي تلقّاها من ‏رئيس الجمهورية الاحد الماضي.‏

‏ ‏وبحسب المعلومات، فإنّ الحريري كان مستعجلاً في اللقاء، بما عكس ‏انّه حضر الى بعبدا ليقول كلمته من على منبرها ويمشي، بعد ان ‏يحمّل مسؤولية التعطيل لرئيس الجمهورية وإصراره على الثلث ‏المعطّل، علماً انّ الايام الفاصلة بين لقاء الخميس الماضي بينهما ‏وحتى يوم امس، شهدت حركة اتصالات ومشاورات مع الرئيس ‏المكلّف، أفضت الى ليونة لديه في ما خصّ حقيبة الداخلية اضافة ‏الى حجم الحكومة، مبدياً مرونة في إعادة النظر من حكومة 18 او 20 ‏او 22 وزيراً وربما اكثر، إن تطلب التسهيل ذلك.‏

‏ ‏وبالفعل، تعمّد الحريري ان يبق البحصة من على منبر القصر ‏الجمهوري، وتحميل رئيس الجمهورية مسؤولية حبس الحكومة ‏والاقفال عليها بقفل الثلث المعطل، الذي ابلغ الحريري كل مراجعيه ‏في هذا الموضوع، بأنّ القبول بالثلث المعطل لعون وجبران باسيل ‏من سابع المستحيلات.‏

‏ ‏الحريري

ولوحظ انّ الحريري خرج مستاء من اللقاء مع عون، والذي لم يدم ‏لأكثر من عشرين دقيقة، حيث قال: “في إجتماعي الأخير مع الرئيس ‏عون اتفقنا على اللقاء اليوم، إلّا أنّه للأسف أرسل لي أمس (الاول) ‏تشكيلة، وطلب مني أن أعبئها. وتتضمّن الورقة ثلثاً معطلاً لفريقه ‏السياسي، بـ 18 وزيراً او 20 وزيراً أو 22 وزيراً. وطلب مني فخامته أن ‏اقترح اسماء للحقائب بحسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضّرها ‏هو”.‏‏ ‏

وأضاف: “بكل شفافية، سأقول لكم ما قلته له، أوّلاً: هذه الورقة غير ‏مقبولة لأنّ الرئيس المكلّف “مش شغلتو يعبي وراق من حدا، ولا ‏شغلة رئيس الجمهورية يشكّل حكومة، وثانياً لأنّ دستورنا يقول ‏بوضوح إنّ الرئيس المكلّف يشكّل الحكومة ويوضع الأسماء، ويتناقش ‏بتشكيلته مع فخامة الرئيس. وعلى هذا الأساس، بلّغت فخامته بكل ‏احترام، أنّني أعتبر رسالته “كأنّها ما كانت”، وأعدتها له وأبلغته أيضاً ‏أنّني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ!”.‏

‏ ‏وتابع: “قلت لفخامة الرئيس إن تشكيلتي بين يديه منذ 100 يوم، وأنا ‏جاهز لأيّ اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب، حتى أنني سهّلت له ‏الحلّ في ما يخصّ اصراره على وزارة الداخلية، لكن مع الأسف جوابه ‏واضح: الثلث المعطل”.‏

‏ ‏وقال الحريري: “هدفي واحد، هو وضع حدّ للانهيار ومعاناة اللبنانيين. ‏وطلبت من فخامة الرئيس، أن يسمع أوجاع اللبنانيين، وأن يعطي ‏البلد فرصته الوحيدة والاخيرة بحكومة اختصاصيين تقوم بالإصلاحات ‏وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبارات حزبية ضيّقة. وبالانتظار، ولأنّ ‏فخامة الرئيس قال بخطابه الأخير أنني لم أقدّم إلّا خطوطاً عريضة، ‏سأوزع عليكم التشكيلة الكاملة بالإسماء والحقائب التي قدّمتها له في ‏‏9 كانون الاول 2020، أي منذ أكثر من 100 يوم، وأترك الحكم عليها ‏للرأي العام”.‏

‏ ‏مسودة الحريري

وتضمنت مسودة الحريري اسماء كل من: عبدو رومانوس جرجس ‏‏(ماروني) وزيراً للتربية، انطوان قليموس (ماروني) وزيراً للدفاع، فادي ‏البير سماحة (روم كاثوليك) وزيراً للاتصالات، فاديا كيوان (مارونية) ‏وزيرة للثقافة، فراس الابيض (سنّي) وزيراً للصحة، ابراهيم شحرور ‏‏(شيعي) وزيراً للاشغال، جهاد مرتضى (شيعي) وزيراً للتنمية الادارية ‏والسياحة، جو صدي (روم ارثوذكس) وزيراً للطاقة، كاربيت سليخانيان ‏‏(ارمن) وزيراً للصناعة والمهجرين، لبنى مسقاوي (سنّية) وزيرة للعدل، ‏مايا كنعان (شيعية)، وزيرة للعمل، ناصر ياسين ( سنّي) وزيراً للبيئة ‏والشؤون الاجتماعية، ربيع نرش (درزي) وزيراً للخارجية والزراعة، شامي ‏سعادة (روم ارثوذكس) وزيراً للاقتصاد، وليد روفائيل نصار(ماروني) ‏وزيراً للاعلام والشباب والرياضة، يوسف الخليل (شيعي) وزيراً للمال، ‏القاضي زياد ابو حيدر (روم ارثوذكس) وزيراً للداخلية.‏

‏ ‏عون يردّ

وفي وقت لاحق، ردّت رئاسة الجمهورية على الحريري، واعلنت انّها ‏فوجئت بكلام وأسلوب رئيس الحكومة المكلّف، شكلاً ومضموناً. ‏وأوضحت انّ “رئيس الجمهورية ارسل الى رئيس الحكومة المكلّف ‏ورقة تنصّ فقط على منهجية تشكيل الحكومة، وتتضمن 4 أعمدة، ‏يؤدي اتباعها الى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ‏والرئيس المكلّف؛ العمود الأول: الوزارات على أساس 18 او 19 او 20 ‏وزيراً. والعمود الثاني: توزيع الوزارات على المذاهب عملاً بنص المادة ‏‏95 من الدستور. والعمود الثالث: مرجعية تسمية الوزير، بعد ان افصح ‏رئيس الحكومة المكلّف انّ ثمة من سمّى وزراءه، على ما تظهره اصلاً ‏التشكيلة التي ابرزها الرئيس المكلّف. والعمود الرابع: الأسماء بعد ‏إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية”.‏

‏ ‏واشارت رئاسة الجمهورية، الى انّه من المؤسف ان يصدر عن الرئيس ‏المكلّف، منفعلاً، اعلان تشكيلة حكومية عرضها هو في 9 كانون الأول ‏‏2020، ولكنها اصلاً لم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل ‏عناصر التأليف الجوهرية، الورقة المنهجية يعرفها الرئيس الحريري ‏جيداً، وهو سبق ان شكّل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون. ‏هذه المرة، اختلف أسلوبه، اذ كان يكتفي بكل زيارة للقصر الجمهوري ‏بتقديم تشكيلة حكومية في غالب الأحيان ناقصة، وفي كل الأحيان لا ‏تظهر فيها مرجعية التسمية.‏

‏ ‏وقالت: “انّ رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً ‏للدستور. وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلّف وقبله ‏رؤساء الحكومات السابقين حول انّ رئيس الجمهورية لا يشكّل بل ‏يُصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك ان ‏توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو انشائي وليس اعلانياً”.‏

‏ ‏وأضافت: “الأزمة حكومية. فلا يجوز تحويلها الى ازمة حكم ونظام، الّا ‏اذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة، ‏ولن نتكهن بشأنها”.‏

‏ ‏الحريري يردّ

ومساء، أعلن المكتب الاعلامي للرئيس المكلّف، أنه منذ تكليف ‏الرئيس الحريري وبدء اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون، كان ‏رئيس الجمهورية يصرّ في كل اجتماع على التمّسك بحصوله على ‏الثلث المعطل، وهذا الامر لم يتغيّر من البداية وحتى اليوم، وهو ما ‏بات معروفاً لدى كل اللبنانيين.‏

‏ ‏وأسف المكتب الاعلامي للرئيس الحريري بشدة إقحام المديرية ‏العامة لرئاسة الجمهورية ببيان، لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق ‏والوثائق، مذكّرة انّ الرئيس الحريري قال من القصر الجمهوري ما ‏حرفيته: “مبارح ارسلي تشكيلة كاملة من عندو فيها توزيع للحقائب ‏على الطوايف والاحزاب، مع رسالة بيقلّي فيها انو من المستحسن ‏عبّيها، بتضمن الورقة تلت معطّل لفريقو السياسي، بـ 18 وزيراً او 20 ‏أو 22. وطلب مني فخامتو اقترح اسماء للحقائب حسب التوزيعة ‏الطائفية والحزبية يللي هوّي محضّرها”.‏

‏ ‏واشار المكتب، الى انّه “إنعاشاً لذاكرة الرئيس عون واحتراماً لعقول ‏اللبنانيين”، قام بنشر الاوراق كما وصلت بالامس من رئيس الجمهورية.‏

‏ ‏دخلنا في المحظور

الى ذلك، ابلغ مرجع مسؤول الى “الجمهورية” قوله : “بعد فشل ‏اللقاء بين الرئيسين عون والحريري، وتقاذفهما مسؤولية تعطيل تأليف ‏الحكومة، دخل لبنان في محظور خطير، ليس في الإمكان تحديد ‏تداعياته الخطيرة على مجمل الوضع الداخلي سياسياً ونقدياً”.‏

‏ ‏واضاف: “كنا وما زلنا نؤكّد على وجوب ان يلتقي رئيس الجمهورية ‏والرئيس المكلّف على مساحة مشتركة يتفاهمان فيها على حكومة ‏وفق المبادرة الفرنسية، لا غلبة لطرف فيها على طرف آخر. ولكن كما ‏هو واضح، هناك من هو مصرّ على التحكّم بقرار الحكومة عبر الإصرار ‏على حصّة الاسد في الحكومة والامساك بقرارها عبر الثلث المعطّل ‏لفريقه السياسي، وهذا الثلث يشكّل مقتلاً للحكومة قبل ان تقلع”.‏

‏ ‏وقال: “لقد وصل لبنان الى مرحلة متقدّمة من الخطر على وجوده، ‏وكل يوم تأخير سيرتب اعباء اضافية على المواطن اللبناني، ‏وسيصعّب امكانية بلورة حلول. وما اخشاه في هذه الاجواء، ان يبلغ ‏لبنان مرحلة من التعقيد لا يعود معها قادراً على ان يوجد حلول ولو ‏ترقيعية لوضعه المنهار، ما يعني انّ الحلول ستصبح اكثر صعوبة ‏وتعقيداً، والأكلاف القاهرة يدفعها المواطن اللبناني فقط. وخصوصاً ‏انّه يتعرّض لمحاولة اغتيال، سواء عبر التلاعب بسعر الدولار أو عبر ‏التلاعب بالأسعار، علماً انّ بعض التجار عمدوا الى تسعير سلعهم ‏على دولار بـ17 الف ليرة. فما هو المطلوب بعد، واي انهيار يريدونه ‏حتى يتحركوا في اتجاه الحلحلة، ناهيك عن فوضى تفلّت السلاح ‏وتفشي وتزايد عمليات السرقة… مرة جديدة اقول رحمة الله على ‏لبنان”.‏

‏ ‏شينكر

وكان لافتاً في موازاة ذلك، موقف عبّر عنه مساعد وزير الخارجية ‏الاميركية لشؤون الشرق الادنى دايفيد شينكر، وقال فيه، انّه “لا يزال ‏هناك الكثير مما يلزم عمله. فلبنان يزخر بالأشخاص الذين لا يتعاونون ‏مع “حزب الله” فحسب وإنما هم فاسدون فسادًا فاحشًا”.‏

‏ ‏وأضاف خلال مقابلة ضمن برنامج “المشهد اللبناني” لقناة الحرة، انّ ‏‏”المشكلة الحقيقية أنّ الفساد يطال كل جزء من جوانب الحكم في ‏لبنان، لدرجة أنّه يتعذر تشكيل حكومة الآن، لأنّه يبدو أنّ جبران باسيل ‏والرئيس يتمسّكان بثلث معطل في الحكومة الجديدة بسبب تطلعات ‏جبران باسيل الشخصية لضمان كونه الرئيس المقبل للبنان”.‏

‏ ‏وكانت السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا قد اكّدت خلال لقاء ‏مع رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ، انّ واشنطن ‏تشجع على تشكيل حكومة في لبنان في اسرع وقت ممكن، تباشر ‏عملية الإصلاح ومكافحة الفساد.‏

‏ ‏موقف بري

الى ذلك، عكست اجواء عين التينة عدم ارتياح لعدم تفاهم الرئيسين ‏عون والحريري على تشكيلة حكومية تبدأ مهمّتها الانقاذية، خصوصاً ‏وانّ لبنان بات في امسّ الحاجة الى حكومة تدير الوضع العام بما ‏يتطلبه من خطوات باتت ضرورية لإخراجه من ازمته التي تتفاقم ‏بشكل مريع على كل المستويات.‏

‏ ‏وبحسب هذه الاجواء، فإنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يؤكّد على ‏اولوية تشكيل حكومة اليوم قبل الغد، لأنّ لبنان اصبح في سباق مع ‏الوقت، وكل دقيقة تمرّ من دون حكومة وعمل مجدٍ على طريق ‏الانقاذ، يلقي على البلاد اكلافاً هائلة ليس بمقدور اللبنانيين ان ‏يتحمّلوا أعباءها وضغوطها على حاضرهم ومستقبلهم، وبالتالي هو ‏يشدّد على ان تراعى مصلحة لبنان فوق كل الاعتبارات الاخرى. فالبلد ‏صار في الحضيض، وكل وقت يمرّ من دون حكومة تعيد الانتظام ‏والتوازن اليه، يذهب من عمره، ويخشى ان توصله الى مرحلة الانهيار ‏الشامل.‏

‏ ‏وفي هذا السياق، جدّد المكتب السياسي لحركة “امل”، المطالبة ‏‏”بالإسراع بتشكيل حكومة إختصاصيين غير حزبيين، وفق ما تمّ التوافق ‏عليه في المبادرة الفرنسية بعيداً عن منطق الأعداد والحصص ‏المعطّلة، وتحوز ثقة المجلس النيابي وكتله، وتكون قادرة وبسرعة ‏على إطلاق ورشة الاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي، ولديها القدرة ‏على إعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، وتعزيز علاقات لبنان الخارجية ومع ‏المؤسسات الدولية، وإدارة حوار بنّاء ومسؤول لإعداد خطة الخروج من ‏الأزمة.‏

‏ ‏ورأى المكتب السياسي في بيان “انّ أحد أبرز الاسباب لهذا التدهور هو ‏غياب الإدارة السياسية المسؤولة عن ضبط وإتخاذ الإجراءات في حق ‏المسؤولين عن هذا الوضع ودون إستثناء”. وتوقف أمام التلكؤ من ‏قِبل الحكومة في تحديد موعد للإنتخابات النيابية الفرعية حتى الآن، ‏مع ما يشكّل هذا الأمر من مخالفة للأصول الدستورية، وتطالب ‏بإستدراك الأمر وإطلاق التحضيرات القانونية اللازمة، وتحديد الموعد، ‏وتحمّل الجميع مسؤولياتهم، مستغربين تجاهل بعض الاحزاب والكتل ‏السياسية والبرلمانية لهذا الامر.

Leave A Reply