الأحد, سبتمبر 22

سعر البيض بين المزرعة والتاجر: من هم الذين يسرقوننا؟

عزة الحاج حسن – المدن

يومان مرّا على البدء بحملة مقاطعة منتجات البيض والدجاج، اعتراضاً على ارتفاع أسعارها بشكل جنوني يفوق كل زيادات الغلاء المعيشي وسعر صرف الدولار وأي عنصر آخر يوثر من قريب أو بعيد على إنتاج البيض. فبعد أن كان منتج البيض يُعد من المنتجات الشعبية زهيدة الثمن، لا يتجاوز سعر الكرتونة منه (30 بيضة) الـ12 ألف ليرة، بات اليوم يُباع بأسعار مضاعفة تصل إلى 35 ألفاً و40 ألف ليرة.

يأتي ارتفاع أسعار البيض منسجماً مع كافة المواد الاستهلاكية التي تضاعفت أسعارها منذ عام وحتى اليوم. لكن بقليل من التدقيق في أسعار المواد الداخلة في إنتاج أي سلعة، قد يحسم الجدل حول قرار رفع سعرها، وما إذا كان نتيجة طبيعية لانهيار الليرة اللبنانية وبلوغ سعر صرف الدولار قرابة 13 ألف ليرة، أو أنه نتيجة لجشع التجار وتساهل أصحاب القرار بالتعامل مع المخالفين من التجار والمحال والسوبرماركت، وربما تخاذلهم عن ضبط كارتيل التجار الذين يسيطرون على السوق ويسرقون المواطن تحت ذريعة ارتفاع سعر صرف الدولار.

البيض بـ18000 ليرة

“يتم تسليم كرتونة البيض على أبواب المزارع بـ18000 ليرة خالصة مخلّصة” هذا ما يؤكده رئيس النقابة اللبنانية للدواجن، موسى فريجي، في حديثه إلى “المدن”. فالمَزارع تسلّم البيض للتجار بـ18000 ليرة كحد أقصى، وباقي الأرباح توزع بين تاجر الجملة وتاجر المفرق، وعلى وزارة الاقتصاد أن تتحرك وتضبط الأسعار. خصوصاً أن فارق التسعير غير مبرر. ويلفت فريجي إلى أن فارق سعر كرتونة البيض بين المناطق كبير جداً، والكرتونة تُباع في منطقة زحلة على سبيل المثال بنحو 24000 ليرة وما دون. فكيف يمكن تبرير ارتفاع سعر مبيع البيض في بيروت لأكثر من 30000 ليرة، وصولاً إلى 40000 ليرة، في حين أن التاجر في زحلة يبيع بـ24000 ليرة ضامناً ربحه؟

السعر المُستهدف 20 ألف ليرة

وبالعودة إلى تكلفة إنتاج البيض، يمكن استنتاج أن سعر الـ24000 ليرة الذي يُعد اليوم سعراً زهيداً بالمقارنة مع 40000 ليرة، هو الآخر مبالغ فيه، فسعر كرتونة البيض اليوم يجب ألا يتعدى 20000 ليرة، والسبب هو الآتي:

بتاريخ 6 كانون الثاني 2021 انتهت تسعيرة البيض المحددة بـ14 ألف ليرة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة، وذلك بعد خفض مستوى الدعم على المستوردات التي تدخل بإنتاج البيض. بمعنى أن كرتونة البيض كانت قبل 6 كانون الثاني بسعر 14000 ليرة بقرار من وزارة الإقتصاد، نظراً لكون كافة المنتجات الداخلة بإنتاج البيض مدعومة. وكان سعر كرتونة البيض حينها يتوزع على الشكل التالي 12000 ليرة للمُزارع، و2000 ليرة للتاجر.

أما بعد تاريخ 6 كانون الثاني 2021، فتوقف الدعم على مركزات العلف والأمهات واللقاحات ومواد التعقيم والفيتامينات وغيرها، واقتصر فقط على الذرة والصويا. فارتفع سعر كرتونة البيض من 12000 ليرة على باب المزرعة إلى 18000 ليرة. ما يعني أن سعر كرتونة البيض المحدد بـ18000 ليرة من قبل المُزارع اليوم، يراعي خفض الدعم وارتفاع سعر صرف الدولار وكافة التكاليف. ما يعني أن السعر المُباع في الأسواق يجب أن يشمل سعر التسليم أي 18000 ليرة إضافة إلى ربح التاجر وأجرة النقل فقط. وهو ما يفضح بعض التجار الذين يجنون أرباحاً هائلة من بيع البيض تصل إلى 22000 ليرة صافي الربح من كل كرتونة.

تقاعس واعتراض

بالنتيجة لم يعد من مبرر على الإطلاق لبيع سعر كرتونة البيض بما يفوق 20000 أو 22000 ليرة بالحد الأقصى، سوى جشع التجار وسرقتهم مال المواطن اللبناني، ومعه تقاعس المعنيين عن وضع حد لهؤلاء التجار.

هذا الواقع منح الحق للمواطنين باللجوء إلى أي وسيلة للاعتراض على ابتزازهم واستغلالهم. وإذا كان من تجنٍ من قبل المواطنين على أداء مراقبي مديرية حماية المستهلك، بنظر وزير الإقتصاد في حكومة تصرف الأعمال راوول نعمة، الذي اعتبر في تغريدة سابقة له أن مشكلة غلاء الأسعار سببه انهيار قيمة الليرة اللبنانية وليس الرقابة.. فإن موضوع البيض لا يقبل الشك بوجود تقاعس لجهة المراقبة والتصدّي للتجار. خصوصاً أن فارق السعر بين المنتج والتاجر يتجاوز الضعف، بين 18000 ليرة و40000 ليرة.

ونظراً لخطورة المرحلة وتعاظم الأزمات المعيشية، المرتبطة بجانب كبير منها بالأسواق التجارية، بات لزاماً على الوزارات المعنية بالمواد الاستهلاكية كافة، التعاون فيما بينها لضبط الأسواق والتخفيف من فلتان الأسعار. ودون ذلك، قد تتجه الأمور لما هو أخطر من حملة مقاطعة واقتحام سوبرماكت.

وحسب إمكانات وزارة الاقتصاد حالياً، تقوم فرقها بمراقبة الأسواق وتسطير محاضر ضبط، وفق ما يوضح مصدر من وزارة الاقتصاد في حديث إلى “المدن”. وهناك توجه لمعالجة أزمة البيض بالتعاون مع وزارتي الزراعة ونقابة الدواجن خلال الأسبوع المقبل. أما في ما خص بيع كرتونة البيض في بعض المناطق خصوصاً في بيروت بـ40000 ليرة، فيرى المصدر أن في الأمر مبالغة إذ “ربما قلة قليلة جداً يبيعون البيض بما يفوق 24000 ليرة، فيما الغالبية تبيع بأسعار تتراوح بين 22000 و24000 ليرة”.

بين 30 و40 ألف ليرة

ولتصويب الصورة، عمدت “المدن” إلى إجراء جولة على المحال في منطقة بيروت الإدارية ليتبيّن أن سعر كرتونة البيض لا يقل عن 30000 ليرة في أي محل أو سوبرماركت، حتى أن سلسلة محال الفاكهاني الشهيرة تبيع الكرتونة بـ35000 ليرة ومحال أخرى تبيعها بـ40000 ليرة.

ويقول بعض أصحاب المحال الصغيرة لـ”المدن” إن حملة مقاطعة شراء البيض بدأت تظهر نتائجها، من خلال اتجاه عدد من التجار إلى خفض سعر تسليم البيض، خصوصاً بعد تراجع المبيع بشكل لافت خلال الـ48 ساعة الماضية.

Leave A Reply