الجمعة, نوفمبر 22
Banner

النهار : إنذار فرنسي أوروبي: حان وقت الضغوط

هل بقي مكان بعد للرهان مجدداً على ضغوط أوروبية تقودها فرنسا لحمل المسؤولين اللبنانيين، ولا سيما منهم ‏الذين يعطلون مسار #تشكيل الحكومة الجديدة، على الاستجابة هذه المرة لرفع وتيرة التلويح ب#العقوبات ؟

‎ ‎هذا السؤال اثير على نطاق واسع مساء امس بإزاء البيان – الانذار الذي أصدره وزير الخارجية الفرنسي جان ‏ايف #لودريان متضمنا خلاصة المشاورات التي أجرتها بلاده مع الاتحاد الأوروبي حول الازمة اللبنانية. ولكن ‏قبل معاينة هذا التطور الخارجي، لا بد من الإشارة الى بضع “عينات” من اقطاب سياسيين تناوبوا امس على نعي ‏الواقع والمصير الراهن بما اثار التساؤل بمنتهى الغرابة: اذا كان رموز وأقطاب وأركان يتسابقون على كشف ‏مكنوناتهم المتشائمة على هذا النحو فماذا ترك للبنانيين بعد امام معاناة يومية نادرا ما شهد شعب مثلها؟ فمن ‏مؤشرات تعاظم الازمة واحتدامها ان يذكر رئيس #مجلس النواب نبيه #بري بان “التايتانيك” اللبنانية صارت ‏على وشك الغرق، وان يستجير رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري برأفة الله للبنانيين، وان يتخوف رئيس ‏الحزب التقدمي الاشتراكي وليد #جنبلاط من الحاضر اكثر من الماضي، وان يدعو رئيس حزب “القوات ‏اللبنانية” سمير جعجع اللبنانيين الى الصبر على أساس الايمان بالقيامة الآتية‎ ..‎

‎ ‎كل هذه العينات لم تكن واقعياً الا نتاج جولة تصعيدية جديدة اطلت برأسها في المسار المقفل للاستحقاق الحكومي ‏من خلال هجمات متعاقبة اندفعت بها بعبدا أولا عبر “التيار الوطني الحر”الذي شن هجوما جديدا في نهاية ‏الأسبوع الماضي على الرئيس المكلف بدا واضحاً انه كان مؤشراً سلبياً حيال التحرك الديبلوماسي الكثيف الذي ‏شهدته بيروت للضغط في اتجاه وقف تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة. ثم مضى رئيس الجمهورية ميشال عون ‏نفسه في تصعيد مباشر حاد عبر كلام صحافي منسوب اليه وجه فيه اتهامات للحريري بانه “انقلب على كل قواعد ‏التأليف الدستورية المعهودة” كما لامست الاتهامات جوانب مهينة وشخصية للحريري. ولكن الرئيس المكلف لم ‏ينزلق الى اشتباك كلامي جديد واكتفى بالقول عبر تويتر “وصلت الرسالة… لا داعي للرد. نسأل الله الرأفة ‏باللبنانيين‎”.‎

ومع ذلك عاود عون التصعيد خلال استقباله وفدا من الاتحاد العمالي العام معلنا تمسّكه بـ “ضرورة وجود قناعة ‏لدى المكلف تشكيل الحكومة بصعوبة الوصول الى حلّ في هذا المجال في حال اللجوء الى التأليف من قبل شخص ‏واحد، فهناك عدة معايير تؤلف على اساسها الحكومة، لاسيما في ما خص توزيع التوازن، وهذا لا يحصل عبر ‏احتكار شخص لعملية التأليف. علينا إيجاد حلول كي نعيد التوازن الى ما كان عليه، ويعود اصحاب الصلاحيات ‏الى ممارسة صلاحياتهم‎”.‎

‎ ‎الهجوم العوني المتجدد بدا بالنسبة الى أوساط معنية، بمثابة اطلاق النار مباشرة على الحريري ولكن لاهداف ‏أخرى تتصل باسقاط او تجميد كل الجهود والوساطات الداخلية والديبلوماسية ما دامت تتمحور حول ثبات موقع ‏الحريري الذي لم يعد ثمة شك في ان العهد وتياره السياسي يهدفان الى إزاحته وتنحيه. وتدلل هذه الأوساط على ‏ذلك بان مقترح رئيس المجلس نبيه بري الذي جرت مداولات في شانه بينه وبين الحريري كان يتضمن فكرة ‏تطعيم المسودة الحريرية للحكومة الجديدة ببعض الوجوه التي تحمل بعداً سياسياً بشكل أو بآخر، فيما بقيت ‏الخطوة الأولى في التسوية المطروحة عالقة لجهة عدم بروز أي جديد لحلّ موضوع “الثلث المعطّل”. ولم تكن ‏‏”التسوية” التي اقترحها جنبلاط بعيدة عن هذا الاتجاه بمعنى توسيع حجم الحكومة وفق أثلاث متساوية. وتجدر ‏الاشارة إلى أنّ المعلومات المتوافرة لـ”النهار” تؤكّد تمسّك الحريري الكامل بصيغة حكومة الاختصاص غير ‏الحزبية انطلاقاُ مما نصّت #المبادرة الفرنسية ولن يتراجع أو يتنازل عن هذه الصيغة، مع إمكان إبدائه مرونة ‏لجهة رفع عدد الحقائب من دون إعطاء “ثلث معطل” لأي فريق ليس أكثر، وفق تأكيد مقرّبين وثيقين منه‎.‎

‎ ‎بري

امام هذه الوقائع حذر بري في الجلسة النيابية امس التي اقرت سلفة الخزينة للكهرباء بمبلغ 200 مليون دولار ‏وقانون استعادة الأموال المنهوبة من ان “البلد كله في خطر، وآن الاوان كي نستفيق. واذا غرق البلد سيغرق ‏الجميع من دون استثناء، وتغيير الدستور ليس موجودا على جدول اعمالنا وليذهبوا ويشتغلوا”. وقال “في ما يتعلق ‏بالمادة 64 من الدستور، هذا النص لم يكن موجودا قبل الطائف، في ما يتعلق بالحكومة المستقيلة وصلاحياتها، ‏الصلاحيات التي عندها هي النطاق الضيق. الدستور في هذا المجال لا يحتاج الى تفسير فهو واضح تماماً، يعني، ‏كل الامور الضرورية التي تفيد أو تدفع الضرر عن الشعب”. وكرر ان “البلد كله في خطر، البلد كله “تايتانيك”. ‏هذا الكلام يحكى في الاوساط العالمية. لقد آن الاوان ان نستفيق لانه في النهاية اذا ما غرقت السفينة لن يبقى أحد ‏وسيغرق البلد، واذا غرق سيغرق الجميع من دون استثناء‎”.‎

‎ ‎جنبلاط

اما جنبلاط فاعتبر في حديث الى #موقع “النهار” ان “لا إشارة داخلية تعطي أي أمل”، مشيراً إلى أننا “اليوم ‏نفتقد إلى التنوع”. وقال: “اليوم أنا خائف أكثر من الماضي، خائف من الفوضى عندما أتذكر الـ75 وكيف انزلقنا ‏إلى الحرب”. كما رأى أنّ “الرئيس الأفضل للبنان كان فؤاد شهاب لأنه هو من أرسى الإصلاحات الأساسية من ‏الخدمة المدنية إلى الضمان الاجتماعي”. وقال: “أنا ضدّ المطالبة باستقالة الرئيس عون، والأهم كيف نزيل سوء ‏التفاهم بينه وبين الحريري لنتمكن من تشكيل حكومة”. ولفت الى انه “بعد زيارتي الأخيرة للرئيس عون هناك من ‏دخل على خط التسوية وأسقطها والـego ‎عند البعض أسقط التسوية”. وقال: “بعد مبادرتي الأخيرة ما بقى حدن ‏يطيقني، وهناك عناصر مخربة من كل الجهات وكذلك سفارات‎”.‎

‎ ‎تحذير لودريان

وسط هذه المناخات المتأزمة أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية مساء امس بيانا أفادت فيه ان وزير الخارجية ‏الفرنسي جان إيف لو دريان ” تحدث الى رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ‏ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، مستنكراً الجمود الكامل منذ أشهر في المناقشات الهادفة إلى تشكيل ‏حكومة في لبنان، حتى مع استمرار البلاد في الغرق في أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وسياسية كبرى يدفع ‏الشعب اللبناني ثمنها كل يوم وتضع البلاد في ظل توتر خطير وغير ضروري. وذكّر بأن القوى السياسية اللبنانية ‏ككل تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا المأزق، معتبراً أن التعطيل المتعمد لأي احتمال للخروج من الأزمة يجب أن ‏يتوقف فورًا، ولا سيما من جانب بعض الفاعلين في النظام السياسي اللبناني، من خلال مطالب متهورة ومن زمن ‏آخر. وأعاد لودريان التذكير بالمناقشات حول مبادرته التي طرحها الأسبوع الماضي مع نظرائه الأوروبيين ‏بهدف تحديد وسائل الاتحاد الأوروبي لتعزيز الضغط على المسؤولين عن الجمود. وشدد على أن فرنسا تقف كما ‏هي دائماً إلى جانب اللبنانيين، مشيراً الى أنها كانت ولا تزال على الموعد على المستوى الإنساني لتحقيق المنفعة ‏المباشرة لسكان لبنان منذ انفجار 4 آب. وقد حشدت شركائها الأوروبيين والدوليين في هذا الصدد. ورأى أنه ‏لإخراج لبنان من أزمته، الحل يتمثل بتشكيل حكومة كفؤة وجاهزة للعمل بجدية وللصالح العام لتنفيذ إصلاحات ‏معروفة من قبل الجميع، مؤكداً أنها مسؤولية كل القوى السياسية اللبنانية التي التزمت بها أمام رئيس الجمهورية ‏الفرنسية، من أجل بلدهم واللبنانيين. وأبلغ الوزير نظرائه الأوروبيين والإقليميين والدوليين أنه بعد سبعة أشهر من ‏الجمود، حان الوقت لتكثيف الضغط لتحقيق ذلك‎”.‎

Leave A Reply