قد لا يكون من المغالاة القول ان #الازمة الحكومية في لبنان دخلت المرحلة الأشد قتامة وغموضاً وتعقيداً منذ ستة اشهر، بما بات يصعب معها الى حد كبير وخطير توقع أي انفراج اقله في المدى القريب. ذلك انه غداة الموقف الاحدث والأكثر حدة في تعبيره عن ضيق فرنسا كما دول الاتحاد الأوروبي قاطبة بإمعان السلطة وبعض القوى في تعطيل #تشكيل الحكومة الجديدة، لم تتحرك الساحة الداخلية اطلاقاً ولم يسجل أي تطور او رد فعل اعلامي او سياسي من جانب أي فريق معني بالموقف الفرنسي، الامر الذي يؤشر بوضوح الى ان مدى حجم الانسداد والتعقيد في الازمة بات يتحدى أي موقف خارجي، ولو كانت فرنسا هي الدولة المعنية و#الراعية لمبادرة سلم بها ووافق عليها جميع الافرقاء. وإذ لم يكن متوقعاً ان يحرك البيان الاخير الذي أصدره وزير الخارجية الفرنسي جان ايف #لودريان، فورا على الأقل، ما يمكن ان يزيل متاريس التعطيل والإعاقة ويفتح الطريق امام تشكيل الحكومة، فان معطيات لا تبعث على التفاؤل برزت في الكواليس حيال نبرة التعميم التي اتبعت في البيان حيال الافرقاء من دون تمييز بين الافرقاء المعطلين لتشكيل الحكومة وأولئك المتمسكين بمعايير ومبادئ #المبادرة الفرنسية.
برزت في هذا السياق مخاوف إضافية على المبادرة نفسها، اذ انه في المرحلة السابقة ضرب تحالف التعطيل عرض الحائط بكل التداعيات التي تسبب بها نهج التعطيل وتعامل بخبث سياسي فاقع مع المبادرة الفرنسية فيما كان يمعن في السعي الى إحباطها. حتى ان بعض الأوساط الواسعة الاطلاع تذهب الى القول ان العهد وضع نصب عينيه اتباع كل الوسائل لدفع رئيس الحكومة المكلف سعد #الحريري الى الاعتذار واخفق في كل هذه المحاولات فيما كانت هذه المحاولات تنطوي ضمنا وبغض طرف او بتشجيع من “حزب الله” على دفع الفرنسيين الى اليأس او الاتجاه نحو تعديل مبادرتهم بما يتلاءم واهداف الفريق المعطل. لذا تشير هذه الأوساط الى ان أي اتجاه فرنسي الى تبني منطق تعميمي حيال الافرقاء في تحميلهم تبعة التعطيل لن يكون مفيدا لا في احياء المبادرة ولا في إقامة أرضية متينة لتوافق او تسوية اذا كانت أي تسوية سترتكز الى تبديل ضمني في المبادرة قبل ان يبلغ الفرنسيون بوضوح مؤيدو مبادرتهم وفي مقدمهم الرئيس الحريري باحتمال ان يكون حصل تطور معين لديهم املى هذا الاتجاه. كما ان الأوساط نفسها لا تخفي حذرها الشديد من ان يكون التلويح بالعقوبات مجرد زيادة ضغوط معنوية ربما لا تقترن باي نتائج فليس المطلوب طبعا مماشاة اُسلوب العقوبات حتى من ضمن الخصومات السياسية ولكن التلويح بخطوة قد لا تحصل من اجل فرض تسوية لن يقبل بها الذين تمسكوا بالمبادرة الفرنسية سيرتد سلباً على المبادرة، كما قد يتسبب بمضاعفات زائدة وبالغة السلبية على مستوى الازمة السياسية.
”التكتل” والحريري
في أي حال ورغم الانحسار النسبي في السجالات الحادة التي تسببت بها أخيرا هجمات العهد وتياره على رئيس الحكومة المكلف، مضى “تكتل لبنان القوي” امس في تحميل الحريري تبعة الازمة فدعاه تكراراً الى “المبادرة لتقديم صيغة حكومية تستوفي شروط الميثاق والدستور والاختصاص وذلك في ضوء المواقف الداعية الى الخروج من المراوحة ومن عقدة عدد 18 المصطنعة”. واعتبر “ان الحلول كثيرة اذا ما صمم دولة الرئيس المكلف على تأليف الحكومة وفق الأصول”. ولعل اللافت في بيان التكتل انه دعا الى اجراء المفاوضات اللازمة بين لبنان وسوريا حول التداخل في الحدود الاقتصادية البحرية بين لبنان وسوريا “على أسس احترام حسن الجوار والقانون الدولي”.
#بكركي و#بري
وفي اطار التحركات السياسية الداخلية المتصلة بالازمة الحكومية سجلت امس زيارة الوزير السابق سجعان قزي والمسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض لرئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة في ما بدا فتح خط للتشاور المتجدد بين البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي والرئيس بري حول الجهود الممكنة لإزالة تعقيدات تشكيل الحكومة. ووصفت أجواء اللقاء بالإيجابية اذ عرض قزي وغياض لرئيس المجلس وجهة نظر البطريرك من الازمة وحلها كما وضع بري الوفد في أجواء الأفكار التي طرحها أخيرا لتحريك جهود التسوية الحكومية. وعلم في هذا السياق ان بري كان اوفد النائب علي حسن خليل الى المختارة قبل أيام للاطلاع عن كثب على الموقف الأخير لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من الملف الحكومي.
وزار امس رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عين التينة حيث استقبله بري. وعلم ان اللقاء تناول جولة افق في التطورات والملف الحكومي وان رعد وضع بري في أجواء زيارة وفد “حزب الله” لموسكو.
مواقف لافتة وقوية
يشار في هذا السياق الى ان لقاء لافتا حصل امس في بكركي لدى استقبال البطريرك الراعي لمجموعات من #الثورة تحدث خلاله عدد من الناشطين وطالب احدهم باستقالة رئيس الجمهورية ميشال #عون تحت وطأة اتهامه بمخالفة وخرق الدستور. وردّ الراعي “انني لم أغط يوماً أحدا ولم أضع خطوطاً حمراء أمام مقاضاة أحدٍ وقلت يجب التدقيق في كل المؤسسات في لبنان وأنزلوا العقوبات بالجميع”. واضاف “أنا قلت أنني لست مع استقالة رئيس الجمهورية لان هناك آلية في الدستور لذلك، ترتكز على الخيانة الوطنية”. وتابع: نريد مؤتمرا لحماية لبنان من الموت النهائي، لافتاً الى ان الأمين العام للأمم المتحدة يحمل هم لبنان ورحب بمؤتمر للبنان ودعانا لتحضير القاعدة لهذا المؤتمر. واعلن البطريرك عن تلقيه دعوة رسمية لزيارة الامارات ومشيراً الى أن غالبية سفراء الدول العربية الذين التقاهم يؤيدون الحياد.
ممثلة جديدة للأمم المتحدة
الى ذلك عين الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش سفيرة بولندا في المنظمة الدولية يُوانّا فرونيسكا (63 عاماً) لتولّي منصب المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان خلفاً للسلوفاكي يان كوبيش. وأفادت المعلومات بحسب مصادر ديبلوماسية أنّ غوتيريش أبلغ مجلس الأمن بعزمه على تعيين فرونيسكا منسّقة خاصّة للأمم المتّحدة في لبنان، ووافق مجلس الأمن على هذا الخيار.