ذوالفقار قبيسي – اللواء
أكثر من عشرة شهور مضت على مباشرة وزارة المال إحصاء الأملاك العامة، ووضع جردة مفصّلة عن المساحات المعتدى عليها، واحتمالات استثمار القيمة الإجمالية لهذه الأملاك وباقي الممتلكات المقدرة قيمتها ما بين ١٠٠ مليار دولار في الأحوال العادية و١٥٠ مليار دولار في فترات ازدهار، لا سيما إذا أضيفت قيمة الرخص والامتيازات والمؤسسات ذات العائدات من شركات مثل «الخليوي» و«انترا» و«الكازينو» والطيران والريجي وسواها، أو المؤسسات التي تحتاج الى إعادة هيكلة أو تأهيل في قطاعات مثل بعض المصارف والكهرباء والنقل والماء وسواها. وقد أجاب الرئيس عمر كرامي ذات يوم على سؤال عن قطاع «الخليوي» وحده بأنه «بترول لبنان»!
ومنذ أن اقترحت جمعية المصارف إنشاء «صندوق سيادي» واستخدام عائدات استثماره في تسديد الجزء من الدين العام المتوجب على الدولة للمصارف (وقوبل الاقتراح يومها بالرفض باعتبار أن أملاك الدولة وممتلكاتها هي للأجيال الحالية والمستقبلية) والصمت يلفُّ هذا الموضوع الأساسي والحيوي لاقتصاد لبنان لا سيما متى أضيف مستقبلا أو بشكل مستقل «صندوق غاز ونفط لبنان» الذي بمجرد احتساب موجوداته وتحديد قيمتها في منظومة استثمارية واضحة وبمعايير حسابية دقيقة توحي بالثقة، وحتى قبل أو دون خصخصتها، ترتفع عندها درجة تصنيف لبنان السيادي بما يسهل، الى جانب اجراءات إصلاحية أساسية، الدخول الى السوق المالية العالمية لاجتذاب استثمارات أو تسهيلات وقروض ميسرة.
وبالتالي ليس من الضروري لإنشاء هذا الصندوق السيادي انتظار مداولات ونتائج اقتراح جمعية المصارف من ضمن خطة وكيفية توحيد أرقام الخسائر بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان، حيث الأزمات الاقتصادية والنقدية والصحية والكوارث المعيشية التي يمرُّ بها لبنان، باتت تقتضي الإسراع بالتنفيذ بموجب الطرق والنماذج السيادية المعمول بها في العالم من الصين والنروج ودول الخليج والجزائر، الى مصر حيث أنشئ قانون أطلق عليه «صندوق مصر» الذي وقّعه الرئيس السيسي في العام ٢٠١٨، وتتولّى الإشراف عليه ورئاسة إدارته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وتنقل إليه تدريجيا كما في النص: «ملكية أي من الأصول غير المستغلة المملوكة للدولة المصرية أو لأي جهة أو الشركات التابعة لها كي يتولّى الصندوق استثمارها على الوجه الأمثل سواء في شركات أو أوراق مالية، أو الاقراض الاقتراض أو ضمان أو الحصول على تسهيلات أو شراء وبيع وتأجير واستثمار».
وبالنسبة الى مستقبل «صندوق لبنان» لا سيما إذا أضيف إليه النفط والغاز والذهب، فان موجوداته من أملاك وممتلكات قد تصل قيمتها الى أكثر من ترليون دولار، بما يمكن مستقبلا استبدال الاعتماد على الصناديق والمؤسسات الدولية، بالاعتماد على النفس. «فما حك جلدك مثل ظفرك». لا سيما في زمن العزلة القومية وسياسة الانحسار العالمي الى الداخل الوطني.