عزة الحاج حسن – المدن
نجحت جمعية مصارف لبنان بتمرير عمليات صرف موظفيها بشكل سلس وتدريجي على مدار عام ونصف العام، مُحرزة اتفاقات مع الموظفين المصروفين من المصارف بشكل إفرادي غالباً، مع تجاهلها في الوقت نفسه غياب فرص العمل وانهيار القدرة الشرائية للرواتب والتعويضات، مهما بلغت نتيجة انهيار سعر صرف العملة الوطنية.
اليوم، وبعد أن تجاوز مجموع الموظفين المصروفين من المصارف 2000 موظف بشكل إفرادي، بدأت نقابة موظفي المصارف تلتمس خطورة الأمر، فقرّرت الوقوف في وجه إدارات المصارف، للدفاع استباقياً عن حقوق الموظفين المُتوقع صرفهم تدريجياً، والبالغة أعدادهم بالألوف.
مواجهة المصارف
ولقطع الطريق على المصارف من الاستمرار بصرف الموظفين إفرادياً او جماعياً، تقدّم مؤخراً اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان باتفاقية ترعى عمليات الصرف من الخدمة، وراسل بها إدارات المصارف. كما وقفت نقابة موظفي المصارف في لبنان وراء مشروع قانون يقضي بتعديل المادة الرابعة من قانون الدمج المصرفي، ليطال كافة عمليات إعادة الهيكلة المصرفية في ما خص الموظفين المستغنى عن خدماتهم. فما الذي استجد اليوم على صعيد عمليات الصرف من المصارف ودفع بالنقابة إلى الوقوف في وجه إدارات المصارف؟ وما هي التعويضات التي يطالب بها العاملون في القطاع؟
لا اتفاقيات فردية بعد اليوم
إن الموظفين الذي تم صرفهم من العمل نهاية العام 2019 ومطلع العام 2020 خرجوا بموجب اتفاقات فردية مع المصارف، وبناء على عطاءات محددة. وعليه، تقدم عدد من الموظفين باستقالاتهم طوعاً. لكن في المرحلة الحالية والمقبلة الأمور تتبدّل، واستشرافاً للمستقبل يرى رئيس نقابة موظفي المصارف في لبنان، أسد خوري، أن “مجزرة” ستقع على موظفي المصارف، لأن القطاع المصرفي اليوم لا يزال في مرحلة “دغدغة” لإعادة الهيكلة، ولم يباشر بإعادة الهيكلة الفعلية. وبهذه العملية تجاوز عدد المصروفين 2000 موظف. وهؤلاء، وفق حديث خوري إلى “المدن”، خرجوا بشكل عام بموجب برتوكولات مقبولة وبرضاهم “لكن ابتداء من مطلع العام 2021 لم يعد ممكناً العمل بالمفرق وفق كل حالة على حدة”.
مطالب الموظفين
المصارف بدأت بإغلاق فروع ودوائر داخل فروعها، خصوصاً تلك التي لم تعد ناشطة كدوائر قروض التجزئة وغيرها. هؤلاء الموظفون وهم بالآلاف -قد يتجاوز عددهم 5000 موظف- كيف سيتم صرفهم؟ يسأل خوري. من هنا تمثّل الطرح بدفع نحو 18 شهراً مقطوعاً وشهرين عن كل سنة خدمة لغاية 36 شهر، إضافة إلى مستحقات الموظف من عقد العمل الجماعي، ومنها أشهر الإنذار القانونية و5 رواتب في حال كانت مدة عمله تتراوح بين 25 سنة إلى 30 سنة، و6 رواتب لمن عملوا أكثر من 30 سنة، إضافة إلى مطلب أساسي، هو احتساب سنوات العمل في حال الموظف عمل بأكثر من مصرف بشكل متواصل من دون انقطاع، إلى جانب تأمين صحي لمدة عام عقب صرف الموظف من المصرف.
هذه المطالب تُرجمت كذلك في اقتراح قانون تقف وراءه النقابة، ويقضي بإحداث تعديلات على المادة الرابعة من قانون الدمج المصرفي. ويتمثل الاقتراح بأن يحصل كل موظف يتم صرفه بموجب عملية دمج او استحواذ او إعادة هيكلة كيفما كانت، على 20 شهراً عن السنة الأولى إضافة إلى شهرين عن كل سنة خدمة لغاية 36 شهراً، إضافة إلى ما يستحقه بموجب عقد العمل الجماعي، وما يحق له بموجب قانون العمل وتأمين صحي لمدة عام من الصرف. ويشدد خوري على أن هذه المقترحات التي تم تقديمها بموجب اقتراح قانون يجب ان تُراعي كافة عمليات الصرف بما فيها عمليات الصرف الفردية.
الموظف هو الخاسر
هواجس خوري لجهة عمليات الصرف الجماعي لا يبدو أنها تنطبق على رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف، جورج الحاج، الذي يرى أن ما كان متوقعاً بأن يتم إقفال مصارف في آذار وحصول عمليات صرف جماعية لم يحصل. وبالتالي، تقوم المصارف بصرف موظفين بشكل إفرادي أي بما لا يزيد عن 5 أو 6 أو 7 موظفين. ويقول الحاج في حديثه إلى “المدن” بأن الاتحاد لم يتبلغ عن أي عملية صرف جماعي. فآخر عملية صرف جماعي حصلت كانت ببنك بيروت والبلاد العربية. وتم عقد اتفاقية حينها وانتهت العملية.
والموظفون الذين يلجأون إلى الاتحاد نتابع قضاياهم، يقول الحاج، وقد قمنا بتسوية 3 قضايا صرف مع مصارف وبأعداد غير قليلة. وقد حصل المصروفون على تعويضات جيدة تفوق ما هو منصوص عليه في قانون الدمج. لكن في كل الحالات هي لا تلبي طموحاتنا، كون الوضع الحالي يجعل الموظف خاسراً، مهما كان حجم تعويضه، بسبب انهيار سعر الصرف.
المطالب وإلا
حتى اللحظة يتعاطى موظفو المصارف مع إدارات المصارف بواقعية وبأدبيات التعاطي، يقول خوري. لكن في حال لم تقتنع إدارات المصارف بواقعية تراجع رواتبنا بنسبة 90 في المئة، فنحن حينها سنتعامل بطريقة أخرى. ولا اعتقد أنهم سيتمكنون حينها من دخول مكاتبهم في المصارف. وعلى المصارف أن تتطلّع إلى الوضع المعيشي الذي يعانيه الموظف.