قفز ملف #ترسيم الحدود اللبنانية البحرية الجنوبية مع إسرائيل الى واجهة التطورات متجاوزاً معادلات التعجيز والتعطيل والتصعيد الكلامي المقذع المتصلة بأزمة #تشكيل الحكومة الجديدة بما وضع لبنان امام استحقاق بالغ الدقة خصوصا انه كان المبادر الى خطوة توسيع حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وتثبيتها في مرسوم استجمعت عليه التواقيع اللازمة. وبدا واضحاً ان خطوة دقيقة بهذا الحجم من المسؤولية التقريرية الوطنية التي ربما يترتب عليها نسف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل تحت مظلة الأمم المتحدة وبرعاية الولايات المتحدة المتصلة بترسيم #الحدود البحرية الجنوبية التي جمدت بعد اربع جولات، كان يفترض ان تنتظر غطاء سياسياً واسعاً جداً من الناحية الوطنية وقرارا من مجلس الوزراء من الناحية الدستورية السليمة، ولكن عِوَض ذلك جرى اللجوء الى الموافقة الاستثنائية لرئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الاعمال في اجراء قد يوصم بالتشكيك والالتباس. وعلمت “النهار” ان اتجاها الى التريث في درس الخطوة عاد وظهر ليلا لئلا يترتب على لبنان محاذير سلبية للغاية في حال التسرع في توقيع المرسوم وإرساله في رسالة رسمية الى الأمم المتحدة اذ جرى تسريب صورة لرسالة أعدها رئيس الجمهورية ميشال عون مؤرخة في أيلول من العام الماضي بمرسوم التعديل بما يفهم منه ان العهد عدل عن إرسالها ومن ثم بدأت المزايدة أخيرا بتوقيع مرسوم جديد. ولذا برز الاتجاه الى التريث باعتبار ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب لا يمكن ان يوافق على عقد جلسة لمجلس الوزراء لبت الامر وهو من صلاحيته، وقد استشيرت هيئة الاستشارات في وزارة العدل رأيها، فأكدت ان الملف يحتاج الى مجلس الوزراء. وستتجه الأنظار الى المحادثات التي سيجريها وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط #ديفيد هيل في بيروت التي يصلها غدا لبضعة أيام اذ ان استعجال السلطة السياسية اصدار مرسوم تعديل تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بدا على ارتباط مباشر في توقيته عشية وصول هيل. وهو الامر الذي يعني ان هذا الملف سيكون أساسيا في محادثات هيل مع الرؤساء والمسؤولين علما ان المعطيات السباقة عن الموقف الأميركي تشير الى انه سيكون سلبيا للغاية وسيحذر لبنان من ان الاتجاه الأحادي سيعني نسف المفاوضات ونسف مشاريع التنقيب عن النفط والغاز. كما ان الملف الثاني الأساسي الذي سيطرح بين هيل والمسؤولين الرسميين والقادة السياسيين هو الملف الحكومي علما ان خبرة هيل الواسعة في الوضع اللبناني ستجعل زيارته الوداعية قبل انتهاء مهمته في منصبه تتسم بأهمية بارزة نظرا الى التوصيات والتوجهات التي سيتركها لمن سيخلفه في منصبه.
اما المحطة الخارجية البارزة الأخرى حيال الملف الحكومي فتحضر مع الزيارة التي سيقوم بها غدا الرئيس المكلف #سعد الحريري لموسكو تلبية لدعوة رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين في زيارة يجري خلالها مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء ميشوستين ووزير الخارجية سيرغي #لافروف وعدد من المسؤولين.
وقد أعلن لافروف ان #روسيا تنتظر زيارة الحريري. وقال لافروف في مؤتمر صحافي عقب محادثاته مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة “ننتظر رئيس الوزراء سعد الحريري في روسيا خلال الأيام المقبلة”. وقال إنه سيتم أيضا استقبال ممثلين آخرين للقوى السياسية الرئيسية اللبنانية في موسكو. واضاف “سنحثهم على إدراك مسؤوليتهم تجاه شعبهم وتجاه بلدهم وتشكيل حكومة تعكس توازن المصالح لجميع أطياف المجتمع اللبناني”. واضاف “موسكو تعتقد أن الأزمة الحالية في لبنان لا يمكن حلها إلا من قبل أبناء البلد أنفسهم، بمشاركة جميع الفئات السياسية والعرقية والطائفية من دون أي وصفات مفروضة من الخارج، حتى في ظل الوعد بنوع من المساعدة المالية”.
توسيع الحدود
وسط التخبط والتعقيدات المتعاظمة في ملف تشكيل الحكومة الجديدة، سارت السلطة نحو تثبيت الترسيم الجديد للحدود البحرية الجنوبية، واتخذت خطوة جديدة امس في هذا الاتجاه. فبعد قرار قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية بتبنّي الحدود الجديدة الموسعة (التي تضيف حوالي 1400 كيلومتر مربع إلى منطقة لبنان الاقتصادية الخالصة)، وموافقة السرايا على ذلك، انضم امس وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال ميشال نجار، آخر الوزراء المعنيين بتوقيع مرسوم تعديل الحدود وتوسيعها، الى ركب التعديل. واعلن نجار، في مؤتمر صحافي، انه وقّع المرسوم 6433 الذي أصبح في عهدة الأمانة العامة لرئاسة الحكومة. واشار الى ان “تحفظنا عن المرسوم وتريثنا كانا لاننا حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، ونحن حرصاء على عدم المس بالدستور”. وقال “لا أعلم من رمى الملف عند وزارة الأشغال، وأعتقد أن موضوع ترسيم الحدود البحرية هو عند وزارة الطاقة والمياه”. وكان عُقد اجتماع في وزارة الأشغال بين مسؤولين في المديرية العامة للنقل البري والبحري من جهة ووفد من قيادة الجيش من جهة ثانية. وبحسب المعلومات ضم الاجتماع الأعضاء العسكريين في مفاوضات الناقورة، وجرى نقاش في تعديل حدود المنطقة البحرية الخالصة للبنان وإدراج ذلك في المرسوم الخاص. وكانت حركة “امل” أكدت امس “أهمية الحفاظ على حقوق لبنان كاملة في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية من دون التنازل عن أي نقطة ماء كما نادى دوما الرئيس نبيه بري، وهي إذ تجدد موقفها بأنه على السلطة التنفيذية وفخامة رئيس الجمهورية القيام بكل ما يلزم للحفاظ على هذه الحقوق”.
وأعلنت نائبة رئيس الوزراء وزيرة الدفاع في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر مساء توقيع المرسوم وفقا لدراسة مصلحة الهيدوغرافيا في الجيش اللبناني لافتة الى ان المصلحة المذكورة “قدمت إحداثيات جديدة لتعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان في الجانب الجنوبي والجنوب الغربي من مياهنا وهذا يشكل مسؤولية وطنية تحتم على الجميع التعاون لإتمامه وفق القوانين الدولية والعمل على إنجاحه “.
ولاحقا أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء انها أحالت اقتراح وموافقة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على مشروع المرسوم المتعلق بتعديل المرسوم رقم 6433 “وذلك لأخذ الموافقة الاستثنائية عليه من رئيس الجمهورية لإصداره وفق الأصول التي يتم اتباعها في جميع الملفات التي تستدعي العرض على مجلس الوزراء ويستعاض عن موافقة مجلس الوزراء بخصوصها بموافقة استثنائية تصدر عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء على ان يصار الى عرض الموضوع لاحقا على مجلس الوزراء على سبيل التسوية “.
الرد الإسرائيلي
ولكن إسرائيل سارعت الى الرد على الخطوة اللبنانية فاعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز الذي يقود المفاوضات مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية، إن “خطوات لبنانية أحادية الجانب ستقابل بخطوات إسرائيلية موازية”.
والتعديل على مطالبة لبنان الأصلية المقدمة إلى الأمم المتحدة سيضيف حوالي 1400 كيلومتر مربع إلى منطقته الاقتصادية الخالصة .
وقال الوزير الإسرائيلي إن “لبنان يبدو أنه يفضل نسف المحادثات بدلا من القيام بمحاولة للتوصل إلى حلول”. وأضاف: “هذه ليست المرة الأولى على مدار 20 عاما الماضية حين يغير اللبنانيون خرائطهم البحرية لأغراض دعائية ولإبداء “موقف وطني” وبهذا هم يعرقلون أنفسهم مرة تلو الأخرى”. وقال إنه “في الوقت الذي تعمل دول أخرى في المنطقة مثل إسرائيل ومصر وقبرص منذ سنوات على تطوير حقول الغاز الطبيعي التابعة لها من أجل توفير الرفاهية لمواطنيها اللبنانيون يبقون في الخلف ويطلقون تصريحات نارية لا تحقق شيئا”.
جنبلاط
وفي غضون ذلك اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي #وليد جنبلاط “أننا اليوم في خطر أكثر مما كنا عليه في الحرب”، مشيرا إلى أننا قد نخسر لبنان كوطن متنوع وقد نصبح كفنزويلا وهنا التحدي الأكبر”. ورأى أن “الحل يجب أن يكون داخلياً دون استثناء لأي طرف من التسوية ومن بين من أقصد عدم استثنائهم “حزب الله” ولا يتوقعن احداً أن يساعدنا أي طرف خارجي”، مشددا على أننا لا يمكننا تجاهل وجود حزب الله فهو جزء من النظام وداخل المجلس النيابي والحكومة. وحدها التسوية تحل مسألة السلاح وهي لن تكون داخلية ولكن اليوم فالظروف مختلفة والموازين مختلّة والإيرانيون لديهم صبر طويل وقادرون على استخدام الكثير من الملفات.
وأمل جنبلاط، “من الأن لغاية موعد الإنتخابات الرئاسية، أن يتفهم الجميع ضرورة التسوية والرئيس المكلف سعد الحريري يعرف ذلك لكن ربما كل منا على موجة مختلفة وقد حكم ثلاث سنوات عندما كان متفقاً مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل فالأولوية الضرورية الآن للحكومة لا إقالة لرئيس الجمهورية ميشال عون” .