آدابٌ… في جذر!
عندما عرفتُ أنّ لكِ كتابًا في آداب التصرّف، أدركتُ أنّكِ تكتبين في مجالكِ. وعندما صار الكتاب بين يديّ، لم أتمالكْ عن تصفّحه في انشغالاتي، وللتوّ. لكن دعيني أتوقّف على غير عادةٍ فيّ على إهدائكِ لي القابع في الملء، المتربّع في الثقة. قلتِ تعرفين أنّي أختزنُ في أعماقي ما يخوّلني التعمّق في هذه الصفحات، وتنتظرين كما عهدي، الأفكار التي ترفع… ني، اسمحي لي، إلى التفاعلِ مع ربّةِ المعرفة في المادّة، ولن أضيف.
وأعودُ أدراجي إلى العنوان، يستوقفني، بل هي “الآدابُ” تفعل. أنا الغائصُ في الأدب، مفهومَ الكلمة، أعود هنا إلى الجذرِ، لأتبيّنَ كم الآداب أوّلاً منظومة قيميّة وسلوكيّات، بل تواصلٌ وتميّز، وهذا دعوتِه فنونًا… أمّا التصرّف فليس إلاّ مخروجَ الإنسان وتعبيراته، التي لا تكون إلاّ تماسًا مع الآخر. وهذه آخَريّةُ (altruisme) طبيعته.
كتابٌ جميلٌ شكلُه، صغيرٌ حجمُه، يشبه مضمونه القائل: ليس المعلّمُ المحاضرَ في الصفّ، جامعيًّا أو مدرسيًّا، بقدر ما هو شاهدٌ في “آدابه” على كلامه… هذا كتابٌ معلّمٌ وافٍ في مادّته. قال كلّ شيء في قليل ما قال. وهو موجّهٌ لذوي الاختصاص، في ما قدّم من مصادر ومراجع استند إليها وما شكّل من مادّةٍ بحثيّة قابلة للتعمّق والتوسّع. كما صالحٌ لأرضيّةٍ مجتمعيّة بسيطة، تعتمد قولاته أسسًا مسلكيّة وتفاعليّة لجماعةٍ تقتفي التعاطيات السلاميّة والارتقاء…
قد تعتقد المؤلّفة، أنتِ، أنّكِ قدّمتِ عملاً بسيطًا. صحيح، والبساطةُ تصنع الجمال. دعيني ليلى أبوح بإيجابيّةِ الطرح لا السائدة، بل الوحيدة والفريدة. في مكانٍ طرحتِ لاءات، وجّهتِ إلى تجنّبات، لكنّها جاءت كلّها في مسارٍ إيجابيّ، يخدمُ الحلاوةَ في التعاطيات. أن نقول لا للسوء، هو في ذات الفعل نعم للحُسن…
أمنيتي، أن يكون الكتابُ هذا ككتاب الصلاة، في المتناوَل العامّ، في أيدي الكلّ، جماعاتٍ وأفرادًا. لا مرجعًا وحسب، بل خارطةَ سلوكٍ مجتمعيّ وإنسانيّ، يهدي إلى ترفّعاتٍ علائقيّة تطالُ القِمم!!
• آداب التصرّف: فنون التواصل والتميّز، صادر عن دار البنان.