غسان ريفي – سفير الشمال
طغت أحداث مسلسل ″التمرد″ من بطولة غادة عون على مدار اليومين الماضيين على كل مسلسلات الدراما الرمضانية التي دفع المنتجون ملايين الدولارات عليها لجذب أكبر عدد من المشاهدين في الشهر الكريم، لكن هؤلاء تلقوا ضربة موجعة بدخول مسلسل جديد الى حلبة السباق تصدر “التريند” كونه أكثر إثارة وتشويقا.
المسلسل يروي حكاية قاضية مدعومة سياسيا تحولت الى “عصا غليظة” في يد تيارها يضرب بها خصومه ومنافسيه ومعارضيه تحت شعار “مكافحة الفساد” الذي تحول الى وجهة نظر ترجمتها القاضية عون باستنسابية واضحة وفجة في فتح الملفات وإقفال بعضها وملاحقة هذا وغض النظر عن ذاك وفي توقيف فلان وإخلاء سبيل علان، ما يشير الى أنها تعمل بتعليمات فريق رئيس الجمهورية الداعم الأول لها والذي أوقف التشكيلات القضائية بكاملها كرمى لعيونها وحفاظا على موقعها الذي يستطيع من خلاله مع فريقه السياسي الضغط القضائي على بعض المعارضين.
في الحلقة الأولى من مسلسل “التمرد”، تشعر القاضية بفائض قوة بفعل الدعم السياسي المتنامي وصولا الى إعتقادها بأنها أقوى من مؤسسة القضاء ومن كل التيارات السياسية، إنطلاقا من أنها تنفذ تعليمات “فوق”، حيث كانت تؤكد لكل من يراجعها في أي ملف أو ينصحها بأن تكون أكثر تواضعا في عملها، أن لديها “ضوء أخضر من فوق”، و”فوق” يعني القصر الجمهوري وفريق عمل رئيس الجمهورية الذي لا يختلف إثنان على أنه يستخدم القضاء للاستهداف السياسي وتشويه السمعة وتصفية الحسابات.
وبحسب أحداث المسلسل فإن هذه “الغطرسة” تثير حفيظة أعلى سلطة قضائية وهي تتمثل بمجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي والنيابة العامة التمييزية، لذلك تتخذ قرارا بكف يد القاضية عن متابعة الملفات التي بحوزتها ونقلها الى قضاة آخرين وهو أمر يدخل ضمن صلاحيات هذه السلطة التي تستدعي القاضية للمثول أمامها للتحقيق معها في الشكاوى الكثيرة المقدمة ضدها على خلفية آدائها القضائي، لكن القاضية ترفض المثول وتتمرد على قرار كف يدها، ليبدأ بعد ذلك التشويق والاثارة، عندما تخرج من مكتبها وتقتحم شركة للصرافة كانت فتحت ملفها، ونقلته السلطة القضائية الى قاض آخر يتهيب مواجهة القاضية التي تستعين بمرافقيها وبعناصر من تيارها السياسي في كسر وخلع أبواب الشركة وتقوم باحتلالها لمدة خمس ساعات، ثم تخرج في عراضة شعبية تلقي فيها خطبة حماسية على وقع التصفيق والهتافات، وترفع يدها لتحيي الجماهير، غير آبهة بالاساءة التي توجهها الى القضاء الذي يعتبر آخر الحصون في بلد يعاني شتى أنواع الأزمات.
في الحلقة الثانية من مسلسل “التمرد”، تتحرك وزيرة العدل وتطلب إجتماعا طارئا لرؤساء مجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي والنيابة العامة التمييزية، حيث يتم البحث في تمرد القاضية على السلطة القضائية، حيث يطالب المجتمعون وزيرة العدل بإحالتها الى التفتيش القضائي، لكن الوزيرة المحسوبة على التيار السياسي الداعم للقاضية تتهيب الأمر، لتخرج أمام وسائل الاعلام وتؤكد أن ما جرى “بهدلة” وأنه يجب أن ينتفض القضاء على نفسه.
في غضون ذلك، كانت القاضية “الخارقة” تستعد لجولة ثانية من الاقتحام لشركة الصرافة التي سحبت السلطة القضائية ملفها منها وسلمته الى قاض آخر، وفي الوقت الذي ظن فيه المشاهدون أن الاجتماع العدلي الذي عقد من شأنه أن يعيد تصويب الأمور لحماية صورة القضاء، كانت المفاجئة التي ضاعفت من الاثارة في مشهد القاضية غادة عون غاضبة تتقدم مجموعة من أنصار تيارها السياسي معززين بمعدات فتح الأقفال وقص الحديد وتقتحم مجددا شركة الصرافة وتدخلها بالقوة وتفتش في ملفاتها وتخرج منها بعد نحو ثلاث ساعات وفي جعبتها حقيبة من الملفات وسط تصفيق وهتاف المحتشدين من تيارها السياسي الذين إستبدلتهم بالقوى الأمنية ضاربة عرض الحائط كل القوانين والأنظمة.
الكل اليوم متشوّق لمعرفة ماذا سيحصل في ظل تساؤلات تفرض نفسها لجهة: هل ستنتصر القاضية الخارقة على القضاء وعلى الدولة؟، وماذا ستفعل وزيرة العدل المؤتمنة على القضاء؟، وهل سيُمعن التيار السياسي الداعم للقاضية في الاساءة للقضاء من خلال دعمها وتقويتها على تجاوز قرارات السلطة القضائية؟، أم أن القضاء سينتصر ويتم عزل القاضية التي قد تسير في طريق الانتقام..